قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ”
القرآن الكريم كتاب نور وبصائر، كما أنه كتاب هداية وصلاح، فهو دستور وضعه الله عزوجل لبناء المجتمع الإيماني وضبط سلوكه، لذا تجده في أكثر آياته يتعرض السلوكيات الاجتماعية فيأمر بكل ما من شأنه أن يضبط سلوك الإنسان والمجتمع وينهى عن كل شيء يخل بالسلوك الاجتماعي ويفسد علاقات أبناء المجتمع.
ففي هذه الآية المباركة التي نحن بصددها، نجد القرآن الكريم ينهى عن ثلاثة سلوكيات خاطئة لما فيها من تهديم لأواصر المجتمع وتدمير كيانه، وتمزيق وحدته.
وتلك السلوكيات الخاطئة التي ينهى عنها القرآن الكريم هي؛ سوء الظن، والتجسس والغيبة، فما تعني كل واحدة؟
وما علاقة كل واحدة بالاخرى؟
وما هو أثرها الذي تتركه في المجتمع؟
سوء الظن؛ “هو التصور الذي ينقصه الدليل” وهو أن نظن بالآخرين ظن السوء، ولا يكفي يقيننا بحسن ظاهرهم وإنما يغلب شكنا وظننا على يقيننا وبالتالي نتهمهم ونحمل عليهم، وقد قال الإمام علي بن أبي طالب، عليه السلام:”لَيْسَ مِنَ الْعَدْلِ الْقَضَاءُ عَلَى الثِّقَةِ بِالظَّنِّ”.
تلك السلوكيات الخاطئة تترك آثاراً سلبية على المجتمع اهمها؛ فقدان الثقة بين أبناء المجتمع، وهتك الأسرار والتنابز والتباغض وضياع التعاون وبالتالي انهدام أواصر المجتمع مما يؤدي إلى انهياره، والمجتمع الذي فيه تلك الصفات لايمكن له أن يرتقي وينهض ابدا.
والتجسس هو: تتبع الآخرين ومحاولة معرفة اسرارهم، والاطلاع على خفايا أحوالهم. أما الغيبة: قد عُرفت بأنها “القول في المؤمن بما يسوءه لو سمعه مع اتصافه به”.
فهذه السلوكيات الثلاث التي ينهى عنها الله عزوجل لما لها تأثير سلبي على المجتمع، وأنها مرتبطة واحدة بالاخرى، فسوء الظن يدعوا إلى التجسس على الآخرين وكشف اسرارهم، وبالتالي فضحهم والتشهير بهم على مسمع الناس وهو ما يعد غيبة حسب التعريف الآنف الذكر، حيث كشف معايبهم واسرارهم، يقينا يسوءهم إذا سمعوه رغم اتصافهم به.
وتلك السلوكيات تترك آثاراً سلبية على المجتمع اهمها؛ فقدان الثقة بين أبناء المجتمع، وهتك الأسرار والتنابز والتباغض وضياع التعاون وبالتالي انهدام أواصر المجتمع مما يؤدي إلى انهياره، والمجتمع الذي فيه تلك الصفات لايمكن له أن يرتقي وينهض ابدا.
كما أن الغيبة تعد إشاعة للفاحشة، وذلك أن للذنوب هيبة في نفوس المؤمنين، والجو العام في المجتمع المسلم يرفضها، فلذلك يضطر الذي أقدم على ارتكابها إلى التكتم، فإذا انتهكت عصمته أمام الملأ لم يعد يخفيها، كما أن الآخرين إذا عرفوا وجود من يرتكب الذنب لا يجدون حرجا من الاقتداء بهم، وهكذا تشيع الفاحشة في الأمة.
والغيبة تخرج صاحبها من ولاية الله إلى ولاية الشيطان، والتي أظهر ما فيها الفرقة والتشتت والتشرذم التي هي سبب مصائب المسلمين اليوم.
لغيبة تعد إشاعة للفاحشة، وذلك أن للذنوب هيبة في نفوس المؤمنين، والجو العام في المجتمع المسلم يرفضها، فلذلك يضطر الذي أقدم على ارتكابها إلى التكتم، فإذا انتهكت عصمته أمام الملأ لم يعد يخفيها
وإذا امعنا النظر فيها لرأينا أن أكثرها نفسية، فبسبب النظرة السلبية إلى بعضنا تنامت خلافاتنا، والغيبة هي المسؤولة عن انتشار النظرة السلبية. فلو كنا نتمسك بتعاليم الإسلام في التعامل مع بعضنا على أساس الثقة وكنا نستر العائبة ونشيع العارفة، ونبث الروح الإيجابية، لكنا اخوانا متعاونين، من هنا حذرت النصوص الدينية من الغيبة وجعلتها سببا للخروج من ولاية الله حيث الوحدة والصفاء، والدخول في ولاية الشيطان.
فلكي نحافظ على حصن ولاية الله المحيطة بنا، لابد أن نذكر اخانا المؤمن بأحسن ما فيه حتى تزداد اللحمة الاجتماعية تماسكا، والقلوب المؤمنة صفاءً وتحابباً.
وإذا اردنا أن نبني مجتمعا حيويا، متعاونا فيما بينه، متحابا ومتفاعلا، لابد من أن نربي أنفسنا وأبناء المجتمع على السلوكيات التي يأمرنا بها القرآن وننتهي عما نهانا عنه من سلوكيات خاطئة ومنها ما ينهانا عنه في هذه الآية المباركة الا وهي الصفات الثلاث الآنفة الذكر وهي سوء الظن والتجسس والغيبة.
المصادر:
(١) من هدى القرآن ج٩ ص٣٣٧ سماحة المرجع المدرسي(دام ظله)
(٢)الروضة البهية الشهيد الشيخ محمد جمال الدين العاملي.