كلما أسمع كلمة “خلية الأزمة” أتوقع أن هناك أزمة ستحدث بالبلد، فبالرغم من أن هذه الخلية أسست لمواجهة أزمة وباء كورونا، إلا أنها وللأسف الشديد كانت سببا في أزمات كثيرة بقراراتها غير المدروسة.
وها نحن اليوم نعيش ذكرى تلك القرارات بإشترارها مرة أخرى وكأن المُخرج يعيد علينا حلقات مسلسل درامي في المشهد العراقي، ففي رجب من العام الماضي دخل العراق في سبات فايروس كورونا، فتعطلت المدارس والدوائر وتوقف كل شيء في الحياة.
ففي الوقت الذي كان البعض يستفيد من الإجازة المفتوحة الممنوحة له ليقضيها مع الأسرة وهو يقبض راتبه الشهري بانتظام، بل وتفتح المصارف خصيصاً له في أيام توزيع الرواتب، كان الآخرون يتضورون جوعاً طمعاً في لقمة عيش.
شعار: “خليك ببيتك” كان مريحاً للبعض ولكنه كان كابوساً يلاحق اطفال مآت الآلاف من الكسبة والعمال واصحاب المهن والقوت اليومي، دون أن يشعر بهم أحد، فلم يكن يفكر بهذه الطبقة سوى المخلصين الأخيار من أهل البر والإحسان في هذا البلد، وبالرغم من ذلك فإن ملايين وجبات الطعام لم تكن لتغير واقعهم المجهول.
في الوقت الذي كان البعض يستفيد من الإجازة المفتوحة الممنوحة له ليقضيها مع الأسرة وهو يقبض راتبه الشهري بانتظام، بل وتفتح المصارف خصيصاً له في أيام توزيع الرواتب، كان الآخرون يتضورون جوعاً طمعاً في لقمة عيش
-
الجهل بالمستقبل والتقليد الأعمى
كنا نتحدث بكل صراحة عن أن هذه الخطوة لن تغير من الواقع، فالعراق ليس جزيرة كنيوزيلندا يمكنه السيطرة على الوباء، إلا أن خلية الأزمة كانت مصرّة، وقد تبعها في ذلك الجميع، فوعدوا الناس بأسبوعين، ثم اسبوعين آخرين، ثم اسبوعين واستمر الحال سبعة أشهر وكلما وجهت لهم السؤال: إلى متى ستستمرون كان يأتيك الجواب: “لا نعلم”!
كانت الحجة عندهم أن دول العالم كلها فرضت الإغلاق التام، فكأنهم أعميت أعينهم أن الدول التي فرضت المنع لم تقطع الشوارع تعنتاً، ولم تجبر الناس على الجلوس في المنازل إلا وأبدلتهم بمنح مالية مجزية.
أما خليتنا فوعدت الناس بمنحة الطوارئ وعدم دفع جباية الكهرباء والماء وايجارات واقساط القروض، وكانت وعوداً كسراب بقيعة يحسبه الضمآن ماءً.
شعار: “خليك ببيتك” كان مريحاً للبعض ولكنه كان كابوساً يلاحق اطفال مئآت الآلاف من الكسبة والعمال واصحاب المهن والقوت اليومي، دون أن يشعر بهم أحد، فلم يكن يفكر بهذه الطبقة سوى المخلصين الأخيار من أهل البر والإحسان في هذا البلد
واليوم تحاول خلية الأزمة تكرار نفس السيناريو فكل يريد التملص من مسؤولية فشله بإلقاء المسؤولية على الناس، فيفرض الغرامة المالية 25000 دينار لعدم ارتداء الفقير المسكين للكمام ولا يفرض الغرامة على التاجر المستورد والصيدلاني الذي رفع الاسعار بين ليلة وضحاها.
يفرض غرامة مالية على المدرسة المخالفة لتعليماتها ولا يفرض غرامة على المدارس التي عطلت الدوام والمدرسين الذين استخفوا بأقوات الطلبة في دوام يوم واحد واهملوا التعليم!
يمنع السفر ويقطع الشوارع ولا يحاسب وزارة الصحة التي لاتزال تستورد الاكسيجن السائل من الكويت وايران!
-
أين الحل؟
في الوقت الذي توجه جميع العالم إلى الله تضرعاً، كانت “خلية النقمة” تمنع وصول الناس إلى مراقد أهل البيت اشد منع، والتهريج بدأ من زيارة الإمام الكاظم عليه السلام، واستمر الحال، وبعد سبعة اشهر من الفشل المستمر، انكسر الحظر بقوة الشارع فجاء الناس لزيارة عاشوراء وشاركوا في ركضة طويريج.
اتخذت خلية الأزمة موقف المتفرج لترى ما الذي سيحدث وبعضهم نادى بأن الوباء سينتشر، ولكن الأرقام كانت تشير إلى عكس هذا الأمر.
أما المفاجئة الكبرى فكانت في الأربعين، بعد إصرار الناس على ضرورة إقامتها رغم منع “السلطة” للزوار الأجانب خوفاً من “ابواق الفتنة”، فكانت المفاجئة بأن أياماً لم تمض بعد الأربعين حتى فرغت المراكز المخصصة لمرضى الوباء بشكل غير مسبوق.
وعادت الحياة وكأن لم يكن شيء، فتحول الفايروس إلى انفلونزا عادية يراجع فيها المريض اي عيادة ويتلقى العلاج في بيته ثم يتماثل للشفاء.
فإذا كانت هذه التجربة قد مررنا بها في العراق وعشناها فلماذا لا تدرس خلية الأزمة هذه التجربة وتأخذها بعين الإعتبار، أم أن التهويل بالسلالة الجديدة، والموجة الجديدة، و.. كلها تخفي ضغط الخلية من اجل استحصال مزيد من الأموال تحت عنوان لقاحات وعلاجات كورونا؟!