أدب

قصة قصيرة: التيه والصدق

في ليلة شديدة الظلام، وجدت نفسي امشي في شوارع مدينة لا اعرفها، كانت سمائها ملبدة بالغيوم، والرياح شديدة الهبوب، انظر من حولي أرى كل شي بلون ذلك الليل البهيم، سوى ما يعكسه وميض البرق الذي يتخطفني، ولا اسمع فيها شيء سوى صوت الرعد المرعب، وخرير المط، وهبوب الريح الشديد الذي كاد أن يقتلع الأبواب، والشبابيك، والأشجار المشتولة على جانبي الطريق.

مدينة غريبة! شوارع غريبة! كل شيء يبدو غريباً.

حاولت أن لا اصدق ما أنا فيه، لكن ما عشته فرض سيطرته عليّ، وصرت أصارع أعضائي التي راحت ترتجف من شدة الخوف.

أين أذهب؟!

لا اعرف وجهتي!

يا الهي؛ اتسائل في نفسي ماذا حل بي؟ و أين أنا؟ ولما هذا الوضع؟

لم أجد من يجيب على أسئلتي.

تململت لما أعيشه من وضع، ولما اشعر به من ألم قاس أجهل مصدره وسببه، حتى جلست تحت مضلة إحدى البيوت، مسنداً رأسي على الحائط بالقرب من الباب، لأفرغ أنفاس الهم، ولاستنشق هواء الأمل، وإذا بمن يفتح الباب بقوة صارخاً بوجهي، بلغة لا افهمها ولم اسمع بها من قبل، فأصابني الهلع، وأطلقت لنفسي العنان؛ كادت روحي تخرج من بدني، ثم أخذت أفتش في أطراف الموقع لأجد مكانا آخر ألوذ به، وحتى لا أقع بنفس الموقف، وان لا يراني احد. أسندت نفسي إلى إحدى زوايا البيوت المظلمة، محتشما بملابسي المُبللة، وململماً يدي الواحدة تحت الأخرى من شدة البرد؛ وكأنني يونس في بطن الحوت، وبينما أنا منشغلا لأكون أكثر دفئا، و استقراراً سمعت وقع إقدام يقترب مني، وأحسست بمن يضع يده على كتفي، ويهزني بغضب! انهض من هنا! انهض!

ففزعت مرتعباً فاذا أنا كنت تائها في غربة الأحلام.

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا