الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء، عليها السلام، إبنة الرسول الأعظم، صلى الله عليه و آله، في الدنيا، و هي كذلك في عالمها الآن، و في يوم المحشر تكون كذلك، و أيضا في الجنة.
و إبنة الرجل قد تكون زوجة لزوجها، كما قد تكون أماً لأبنائها؛ فكيف أصبحت، عليها السلام، أم أبيها، صلى الله عليه و آله، كما جاء في وصفه لها بأنها: أم أبيها ؟!
ليست الغرابة في أصل التكنية؛ فالرجل يُكنى، و المرأة تُكنى؛ أيضا. و تُستعمل الكنية لتفخيم شأن صاحبها، و ربما غلبت على إسم الشخص و لقبه، كما في كنية” أم البنين “التي غلبت إسمها و لقبها، و هو: فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الكلابية، و من حيث التركيب اللغوي، تتصدر الكنية بلفظ أب، أو أم، أو إبن، أو أخ، أو أخت؛ في تفصيل، و عندما نمر على أسماء و ألقاب الزهراء، عليها السلام، تستوقفنا كنية (أم أبيها)؛ فكيف؟ و لماذا؟
ورد: “إن الرسول الأعظم، صلى الله عليه و آله، كان يُعظم شأنها، و يرفع مكانها، و كان يُكنيها بـ “أم أبيها”. (كشف الغمة للإربلي، ج٢، ص٩٠).
و ورد عن الإمام جعفر الصادق، عليه السلام، أنه قال: “إن فاطمة تُكنى بأم أبيها”. (مقاتل الطالبيين للإصفهاني، ص٩).
و إذا ما ذهبنا إلى معاني كلمة (أم)؛ فإننا سنجد من بينها (الأصل)؛ فأم كل شيء أصله. فلعل المراد من هذه الكلمة هو أنها، عليها السلام، أصل شجرة النبوة، و لعل السبب في هذه التكنية هو أنها كانت تُراعي شؤون أبيها، صلى الله عليه و آله، كما تراعي الأم شؤون ولدها. و بالمقابل، كان هو، صلى الله عليه و آله، يحترمها كما كان يحترم أمه آمنة بنت وهب، عليها السلام.
و لعلنا نشم من هذه الكنية رائحة الأفضلية. فإذا كانت نساء النبي، صلى الله عليه و آله، أمهات المؤمنين، فالزهراء، عليها السلام، أم نبي المؤمنين؛ بل هي أم أشرف الأنبياء و المرسلين على الإطلاق، و لعل السبب كل هذه الأمور مجتمعة.
و إذا كان هناك سر وراء هذه الكنية و التكنية؛ فيبقى سرا مستودعا فيها. فنحن نعرف مثل هذه الحقائق بالجملة، و نسلّم لها تسليماً مُطلقا طالما تأكدنا من أنها صادرة من نبعهم الصافي، عليهم الصلاة و السلام.
-
من فقة الزهراء عليها السلام
بعد أن قالت الزهراء، عليها السلام : “دخل علي أبي رسول الله”، قالت: “في بعض الأيام”.
مسألة: ” يستحب التوقيت، و من مصاديقه كون الحادث ليلاً أو نهاراً؛ حيث قالت، عليها السلام: “في بعض الأيام”، حتى لا يُظن، أو يُحتمل، أن الحادث كان في بعض الليالي؛ لانصراف اليوم – في المقام – إلى النهار، و إن صح إطلاقه على مجموع الليل و النهار، أو النهار كاملاً. و إنما استفدنا الإستحباب؛ لأنه لو لا ذلك، لكان قولها، عليها السلام: “في بعض الأيام” لغواً، و العياذ بالله؛ فتأمل”. (من فقه الزهراء للمرجع الشيرازي الراحل، ج١، ص٦٤).