مناسبات

سلسلة الزهراء الزاهرة (5) مع أحزانها قبل أحزانها

أين هي فاطمة الزهراء، عليها السلام، في مثل هذه الأيام قُبيل استشهادها ؟

في حياة أبيها الرسول الأعظم، صلى الله عليه و آله، كان للزهراء، عليها السلام، بيت واحد هو بيت الزوجية، و هو البيت الذي كان يضُم الإمامَ عليًّا، و الحسن، و الحسين، و زينب، و أم كلثوم، عليهم السلام. أما بعد ارتحال أبيها، صلى الله عليه و آله، فقد أصبح لها بيتان؛ الأول بيت الزوجية، و الثاني “بيت الأحزان” الذي بناه لها الإمام، عليه السلام، في البقيع؛ ليكون مكاناً لحزنها و بكائها على أبيها، صلى الله عليه و آله.

ففي مثل هذه الأيام من العام الحادي عشر للهجرة، كانت الزهراء، عليها السلام، تقضي مع ولديها الحسن، و الحسين، عليهما السلام، في بيت الأحزان. فبين حزن قائم، و هو حزن فقد أبيها، صلى الله عليه و آله، و بين حزن قادم، و هو قرب ارتحالها، تعيش هذه الأيام حزناً آخر وسطاً بين الحزنين.

 

كان حزنها، عليها السلام، من جهة، حزناً على فقد أبيها، بلا شك، و هي في هذه المرحلة المبكرة من عمرها، و كان، من جهة أخرى، إعتراضاً صارخاً على الوضع الذي ابتدعوه في سُدّة القيادة بنقضهم بيعة الغدير

 

لقد كان حزنها، عليها السلام، من جهة، حزناً على فقد أبيها، بلا شك، و هي في هذه المرحلة المبكرة من عمرها، و كان، من جهة أخرى، إعتراضاً صارخاً على الوضع الذي ابتدعوه في سُدّة القيادة بنقضهم بيعة الغدير، و رفضاً قاطعاً لكل تفاصيله. و قد أشارت، عليها السلام، إلى هذا الاعتراض و الرفض في خطبتها الشهيرة التي عُرفت في التاريخ بـ “الخطبة الفدكية “، و التي ألقتها في المسجد النبوي الشريف؛ قلب المدينة المنورة، و قلب العالم الإسلامي، في حشد من المهاجرين و الأنصار و غيرهم؛ حيث قالت مخاطبة زعيمهم : “…فدونكها [بمعنى : خذها للتهديد، إشارة إلى فدك] مخطومة [بمعنى : منقادة]، مرحولة [بمعنى : مركوبة]، تلقاك يوم حشرك؛ فنعم الحَكَمُ الله، و الزعيمُ محمد، صلى الله عليه و آله، و الموعدُ القيامة، و عند الساعة يخسر المبطلون، و لا ينفعكم إذ تندمون، و لكل نبإ مستقر، و سوف تعلمون من يأتيه عذاب يُخزيه، و يحل عليه عذاب عظيم”.

 

  • من فقه “حديث الكساء” (فتاوى المرجع الشيرازي الراحل)
  • قالت الزهراء، عليها السلام : “فقال: يا فاطمة إيتيني بالكساء اليماني”.

مسألة: “يجوز، بالمعنى الأعم، أمر الغير بالحاجة، خصوصاً إذا كان الآمر أعلى”. “ثم إن في بعض الروايات النهي عن طلب الحاجة من الغير؛ لكن الظاهر أن أمثال تلك [الروايات] إنما يُراد بها الإفراط [في طلب الحاجة]، لا القدر المتوسط العقلاني [في الطلب]؛ فإنه كان متعارفاً منذ صدر الإسلام إلى هذا اليوم، و لم يقل أحد من الفقهاء -في ما أعلم- بكراهته”.

من فقه الزهراء، عليها السلام، للمرجع الشيرازي الراحل، ج١، ص٧٥.

عن المؤلف

جواد السيد سجاد الرضوي

اترك تعليقا