أين هي فاطمة الزهراء، عليها السلام، في مثل هذه الأيام قُبيل استشهادها ؟
في حياة أبيها الرسول الأعظم، صلى الله عليه و آله، كان للزهراء، عليها السلام، بيت واحد هو بيت الزوجية، و هو البيت الذي كان يضُم الإمامَ عليًّا، و الحسن، و الحسين، و زينب، و أم كلثوم، عليهم السلام.
أما بعد ارتحال أبيها، صلى الله عليه و آله، فقد أصبح لها بيتان؛ الأول بيت الزوجية، و الثاني ” بيت الأحزان ” الذي بناه لها الإمام، عليه السلام، في البقيع؛ ليكون مكانا لحزنها و بكائها على أبيها، صلى الله عليه و آله.
ففي مثل هذه الأيام من العام الحادي عشر للهجرة، كانت الزهراء، عليها السلام، تقضي مع ولديها الحسن، و الحسين، عليهما السلام، في بيت الأحزان. فبين حزن قائم، و هو حزن فقد أبيها، صلى الله عليه و آله، و بين حزن قادم، و هو قرب ارتحالها، تعيش هذه الأيام حزناً آخر وسطاً بين الحزنين.
لقد كان حزنها، عليها السلام، من جهة، حزناً على فقد أبيها، بلا شك، و هي في هذه المرحلة المبكرة من عمرها، و كان، من جهة أخرى، إعتراضاً صارخاً على الوضع الذي ابتدعوه في سُدّة القيادة بنقضهم بيعة الغدير، و رفضاً قاطعاً لكل تفاصيله.
و قد أشارت، عليها السلام، إلى هذا الاعتراض و الرفض في خطبتها الشهيرة التي عُرفت في التاريخ بـ ” الخطبة الفدكية “، و التي ألقتها في المسجد النبوي الشريف؛ قلب المدينة المنورة، و قلب العالم الإسلامي، في حشد من المهاجرين و الأنصار و غيرهم؛ حيث قالت مخاطبة زعيمهم : “… فدونكها [ بمعنى: خذها للتهديد، إشارة إلى فدك] مخطومة [بمعنى : منقادة]، مرحولة [بمعنى : مركوبة]، تلقاك يوم حشرك؛ فنعم الحَكَمُ الله، و الزعيمُ محمد، صلى الله عليه و آله، و الموعدُ القيامة، و عند الساعة يخسر المبطلون، و لا ينفعكم إذ تندمون، و لكل نبإ مستقر، و سوف تعلمون من يأتيه عذاب يُخزيه، و يحل عليه عذاب عظيم “.
- من فقه “حديث الكساء”
قالت الزهراء، عليها السلام : “فقال: يا فاطمة إيتيني بالكساء اليماني”.
مسألة : “يجوز، بالمعنى الأعم، أمر الغير بالحاجة، خصوصاً إذا كان الآمر أعلى”.
“ثم إن في بعض الروايات النهي عن طلب الحاجة من الغير؛ لكن الظاهر أن أمثال تلك [الروايات] إنما يُراد بها الإفراط [في طلب الحاجة]، لا القدر المتوسط العقلاني [في الطلب]؛ فإنه كان متعارفاً منذ صدر الإسلام إلى هذا اليوم، و لم يقل أحد من الفقهاء – في ما أعلم – بكراهته”. (من فقه الزهراء، عليها السلام، للمرجع الشيرازي الراحل، ج١، ص٧٥).