إن محورية الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء، عليها السلام، معروفة و جليّة، عرفتها الملائكة في السماوات قبل أن يعرفها البشر في الأرض، و عرفها عالَم الملكوت قبل أن يعرفها عالَم المُلك. ففي عالم الملكوت، كان هناك سؤال، و كان هناك جواب.
السؤال من جبرئيل، عليه السلام: “يا رب، و مَن تحت الكساء؟”، و الجواب من الله تعالى: “هم ـ أي الذين تحت الكساء ـ: فاطمة، و أبوها، و بعلها، و بنوها”. (مقطع من حديث الكساء الشريف).
فالوحي الإلهي بدأ بإسم فاطمة، عليها السلام، و كل الضمائر في العبارة الشريفة ( أبوها. بعلها. بنوها ) تعود إليها.
لم يقل الوحي الإلهي، مثلا: هم: محمد، صلى الله عليه و آله، و ابنته، و صهره، و سبطاه، عليهم السلام. و لم يقل: هم: علي، و زوجته، و ابن عمه، و سبطاه. و لم يقل: هم: الحسنان، و جدهما، و أبوهما، و أمهما، بل قال: “هم: فاطمة، و أبوها، و بعلها، و بنوها”.
إنها معانٍ سامية لمقاماتٍ عالية لأهل بيت النبوة و معدن الرسالة، فردا فردا، صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين، نزلت من عالم الملكوت إلى عالم المُلك.
إنها – في الواقع – كلمات (مشفرة )، قد لا نستطيع فك رموزها بعقولنا العاجزة، و فهمنا القاصر، و لكن علينا أن نُسلِّم بها و لها، لأنها من الوحي الإلهي، و من القرآن الكريم، و من سنة و سيرة الرسول الأعظم، و أهل بيته، عليه و عليهم الصلاة السلام، التي جاءت في أحاديثهم، و أدعيتهم، و زياراتهم.
إننا “مسلَّمون لأمرهم” بإذن الله تعالى، و لا نملك إلا أن نكون كذلك، لأنهم هم الذين وصفوا شيعتهم بهذا الوصف. فعن الإمام الرضا، عليه السلام، أنه قال: “شيعتنا [ هم ] المسلمون لأمرنا، الآخذون بقولنا، المخالفون لأعدائنا، فمن لم يكن كذلك، فليس منا”. (صفات الشيعة للصدوق، ص٣).
- من فقه حديث الكساء:
قال جابر بن عبد الله الأنصاري: “سمعت فاطمة أنها قالت”
مسألة: “تُستحب للنساء أيضا، رواية الحديث؛ لأنها، صلوات الله عليها، أسوة، إلا ماخرج بالدليل، وليس المقام من المستثنى”. ( من فقه الزهراء للمرجع الشيرازي الراحل؛ ج1؛ ص55).