المعروف لدى طلابنا الأعزاء – حتى في مرحلة المتوسطة – أن (مَن) إسم إستفهام يُستعمل للعاقل، و أن (ما ) إسم إستفهام يُستعمل لغير العاقل. و عليه؛ فإن الصحيح – في المقام – أن نقول: مَن فاطمة ! و ليس صحيحاً أن نقول: ما فاطمة ! هذا اللبس يحتاج إلى توضيح؛ فنقول:
صحيح أنّ (ما) تُستعمل لغير العاقل؛ و لكنها، أيضا، تُستعمل للإستفهام عن حقيقة الشيء، أو صفته؛ سواء كان هذا الشيء عاقلاً، أم غير عاقل.
و عندما اخترنا (ما فاطمة) عنواناً لهذا المقال، و هو المقال الأول في هذه السلسلة، عنَيْنا الإلفات إلى منزلتها، و مكانتها، و مقامها؛ لا إلى شخصها، بأبي هي و أمي، فحسب؛ فكان التعبير المناسب في المقام (ما )، و ليس (مَن).
ثم أن عبارة و ما أدراك إستفهام للتعظيم؛ لا للإستفسار و الإستعلام، بمعنى: أي شيء أدراك؛ فكأنه لا تعلم أنت ما فاطمة لعِظَم منزلتها، و علو مكانتها، و رِفعة مقامها.
و في مسجد أبيها رسول الله، صلى الله عليه و آله، في المدينة المنورة، و أمام حشود المهاجرين و الأنصار؛ بينهم عِلية القوم، عندما قالت، عليها السلام، في خطبتها:
“أيها الناس؛ إعلموا أني فاطمة، و أبي محمد، صلى الله عليه و آله.. “؛ فلعلها أرادت الإلفات إلى هذا المدلول بالتحديد؛ إلى منزلتها، و مكانتها، و منزلة و مكانة أبيها، صلى الله عليه و آله؛ لا إلى إسمها، و نسبها فقط؛ فإن الحاضرين كانوا يعرفون أنها فاطمة، عليها السلام، و أن أباها محمد، صلى الله عليه و آله.
إن نداء فاطمة الزهراء، عليها السلام، ذلك، لا يزال يُدَوّي في أذهاننا اليوم، و كأنها تُخاطبنا اليوم، بل و كأنها تُخاطبنا اللحظة. و في أيام الفاطمية الحزينة، لنُصغي – مجدداً – إلى هذا النداء المدوي و ما جاء في خطبتها بآذان واعية، ثم نسعى لإيصال نداء خطبتها إلى رجال العالم و نسائه؛ كلهم أجمعين.