عمل عظيم جدا ذلك الذي قام به النبي إبراهيم، عليه السلام، عندما قام ببناء الكعبة المشرفة؛ فأصبحت قبلة للناس في مشارق الأرض و مغاربها.
ثم أسكن، عليه السلام، بعضا من أهله؛ أي إبنه إسماعيل و أمه هاجر (لأن البعض الآخر من أهله؛ أي إبنه إسحاق و أمه سارة كانا في الشام) عند الكعبة المشرفة؛ ليقيموا الصلاة، داعيا الله العلي القدير أن يجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم، كما جاء في الآية السابلسباعة والثلاثيناء في الآية ٣رية “*بتنا “* من سورة إبراهيم: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}.
فقال، عليه السلام: {تهوى}، بكسر الواو، بمعنى: تسرع، من هوى يهوي إذا أسرع في السير. و قال، عليه السلام: {اليهم}، و لم يقل: إليه؛ أي: البيت وهو الكعبة المشرفة؛ لأنه أراد ذريته.
و قال، عليه السلام : {اليهم}، و لم يقل: لهم؛ لأن ” إليهم ” تتضمن معنى: تميل، و تسرع. و في المتواتر من الروايات المفسرة لهذه الآية الشريفة دلائل واضحة على أنه، عليه السلام، أراد محمدا و آل محمد، صلوات الله عليهم أجمعين؛ لأنهم بقية تلك الذرية.
فقد ورد عن الرسول الأعظم، صلى الله عليه و آله، أنه قال: “هي قلوب شيعتنا تهوي الى محبتنا “. (تفسير فرات الكوفي، ص ٨١).
و ورد عن الإمام الباقر، عليه السلام، أنه قال:” نحن هم، و نحن بقية تلك الذرية “. (تفسير العياشي، ج٢، ص٢٣).
فتحصل بأن مودة الشيعة لمحمد و آل محمد، صلوات الله عليهم أجمعين – في الواقع – دعوة إبراهيم، عليه السلام، و استجابة الله عز وجل لهذه الدعوة المباركة. فنحن الذين أحببناهم، و وددناهم، و اتبعناهم؛ بل و أسرعنا الى هذا الحب، و الى هذه المودة، و الى هذا الإتباع.