المرجع المدرسي: يثير قضية العدالة والعودة للشعوب ومؤسساتهم كهدف لإنشاء منظمة الامم المتحدة في مؤتمر قادة الأديان..
شارك المرجع الديني الكبير سماحة آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي بكلمة متلفزة في مؤتمر قادة الأديان الذي عقد الأسبوع الماضي يوم الإثنين ٥ اكتوبر/تشرين الأول الجاري في آيسلندا بحضور رئيس وزرائها وجمع من زعماء وقادة الأديان في العالم وبرعاية أممية واسعة تتصدرها الأمم المتحدة.
ولاشك أن مجرد إقامة مثل هذا المؤتمر العالمي: مؤتمر “الإيمان والبيئة”، في حضارتنا الإنسانية هو خطوة في الإتجاه الصحيح، ودعوة قادة وأقطاب الأديان وحضوهم يمثل نوعاً من الإعتراف بمكانتهم، وتعبيراً عن الحاجة الملحة لوجودهم لمعالجة القضايا العالمية الشائكة، وهذا أيضاً – إذ كان – هو أمر في غاية الأهمية.
كلمة السيد المرجع المدرسي حفظه الله ركزت على عدة نقاط مهمة جداً سأركز على بعضها: كالمسئولية، وضرورة إعادة الدور الريادي لعلماء الدِّين، والتذكير بالأهداف التي قامت من أجلها منظمة الأمم المتحدة وعلى رأسها سعادة البشر وإعطائهم دورهم الطبيعي في إدارة شئونهم.
أولاً: المسئولية..
لقد أكد سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي دام ظله: “إن على قادة البشرية من علماء وقادة أديان مسؤولية كبيرة في نشر رسالات الله عز وجل التي تتمثل في حبه وحب ما خلق”، داعياً قادة العالم للإلتزام بالمواثيق العامة للمحافظة على البيئة، وترغيب الشعوب للدفاع عن تلك المواثيق بما أوتوا من قوة، وتحمل كلُ فردٍ من أبناء البشرية مسؤوليته في المحافظة على الطبيعة بقدر المستطاع لتوريثها للأجيال القادمة بأفضل ما يكون لئلا تصيب البشرية لعنة الله الجبار.
وقال سماحته: “إن فساد البيئة يعني فساد العقول وفساد الاخلاق وفساد المجتمع ومن ثم إنهيار الحضارة، ومؤكداً على عدم كفاية الحلول الجزئية، بل لابد من الرجوع إلى الأسس المعبّدة للطريق في الحفاظ على البيئة ليحيى الجميع حياةً طيبة”.
وأوضح المرجع المدرسي دام ظله؛ “إن الرب سبحانه قد استعمر البشرية في الأرض التي أنشأهم منها وإستحفظهم على ما خلق من عالمٍ سالمٍ نقي، وجعلهم مختارين في أفعالهم التي لها تأثيرها على الحياة سلباً وإيجاباً، وأن ما نراه من تخريب وفساد في العالم إنما هو تأثير تلك الأفعال، وفي الضفّة الأخرى يمكن لكل واحدٍ من البشرية أن يؤدي دوره في اصلاح ما أفسده الجهل والجشع، مستشهداً بالنصوص الدينية من الكتاب والسنة في التأكيد على إحياء الأرض ودفع الضرر والسوء من خلال الحفاظ على البيئة، وإعتبارها أعمال برٍّ يثاب عليها صاحبها”.
ثانياً: ضرورة إستحضار الدِّين وإشراك علماء الدِّين في حل المشاكل والأزمات المعاصرة لبيان رأي الدِّينِ وممارسة دورهم البناء.
فقال سماحته مخاطباً قادة الأديان: “أتحدث إليكم من موقع المسؤولية، فعلماء الدين لهم مسؤولية أخلاقية ودينية كبيرة ترتبط بهدف هذا المؤتمر وهو التواصل بيننا والتكامل في أنشطتنا، والحفاظ على أرض الله التي خلقها لنا، ولعلماء الدين كلمة مسموعة بين بني البشر، فها نحن في سفينة واحدة تجمع بني البشر، إن غرقت – لا سمح الله – غرقنا جميعاً”.
وأكّد سماحته على: “إن واجب زعماء الدين التحذير من التهاون في مسؤولية الحفاظ على البيئة لما لها من إنعكاس كبير على حياة البشرية في وجودهم فضلاً عن سلوكهم وأخلاقهم”.
ثالثاً: التذكير بالأهداف التي قامت من أجلها منظمة الأمم المتحدة وعلى رأسها سعادة البشر وإعطائهم دورهم الطبيعي في إدارة شئونهم.
وفي توصيته الخامسة يقول المرجع المدرسي دام ظله: “إنني أدعو كل المؤسسات الدولية – وبالذات الأمم المتحدة – التي ساهمت ومنذ ٧٥ سنة من عمرها في سعادة البشرية – حسب المستطاع – ندعوها للمزيد من إقامة هذه المؤتمرات، وأن ترعى كل نشاط في هذا المجال، وأن تعطي الصفة القانونية لكل المؤسسات الشعبية التي تقوم بدور للمحافظة على البيئة”.
إننا بنظرة سريعة لهذه الكلمات المركزة نستنتج التالي:
– هذا مؤتمر يضم قادة وزعماء الأديان، وهنا تأكيد صريح على ضرورة إعطاء علماء الدِّينِ دورهم الحقيقي وفتح المجال لهم للمساهمة في مناقشة القضايا التي تؤرق الأمة والإستماع لهم ولإقتراحاتهم النابعة من الدِّينِ غالباً.
– زيادة الإهتمام بقضايا الشعوب وليس صراعات الحكام ومصالحهم.
– إعطاء الصفة القانونية للمؤسسات التي تقوم بدور المحافظة على البيئة، وهذا أمر آخر يدل على أن منظمة الأمم المتحدة خرجت عن خطها التي وضعته لنفسها، والمتركز حول إسعاد الشعوب، وفتح المجال لهم للمشاركة الفاعلة في إدارة شئونهم، وإحضار الموروث الديني لحل المشاكل التي غفل عنها المجتمع والثقافات المعاصرة.