“السلام على الحسين، وعلى عليّ بن الحسين، وعلى أولاد الحسين، وعلى أصحاب الحسين”
أرض الطف، أرض الشهادة والشهامة والبطولة لرجال عظام مثل؛ الامام الحسين، وأبي الفضل العباس، وعلي الاكبر، وحبيب بن مظاهر، والحر، وغيرهم، وإلى جانبهم كان هنالك أبطال آخرين هم؛ الاطفال، فقد كانوا أبطالاً ليسوا بصغار، فمنهم من خرج يحمل سيف أبيه الذي استشهد في الحملة الاولى، وقد أرجعه الإمام الحسين مراعاة لمشاعر أمه؛ “أخشى أن تكره أمه خروجه”، ثم تبين أنها هي التي ارسلته ليستشهد بين يدي الإمام، ومنهم الطفل الرضيع الذي كشف بعطشه قساوة ووحشية الاعداء، وطفل آخر من ابناء الامام الحسن المجتبى، يحاول صدّ السيف عن وجه عمه وهو ينادي ذلك اللعين، وبكل شجاعة: “يا ابن الخبيثة، أتريد أن تضرب عمّي الحسين”؟! فنزل السيف على يده فقطعها.
هذه الشجاعة والبطولة تعود الى مدرسة أمير المؤمنين، عليه السلام.
ولم تنته الملحمة ومسلسل بطولات الاطفال يوم عاشوراء، بل استمرت في قافلة سبي النساء والاطفال الى الكوفة ثم الى الشام، وفي الشام ارتجّ قصر يزيد بصرخة عالية من رقية، تلك الطفلة الصغيرة للإمام الحسين، عليه السلام، فقد أفاقت من النوم على منام رأت فيه أباها الحسين وهو مقبل عليها، فصاحت تريد أباها، فضجت العائلة في “خربة الشام بالبكاء” وتحيروا في أمرهم، وعندما سمع بالأمر أمر بحمل الطشت الذي فيه رأس الإمام الحسين، وقال بكل قساوة: “لعلها تسكت”!! ولكن؛ كان في ذلك الطشت روحها الطاهرة، فقد انحنت على الرأس الشريف، وهي تقول: “أبتاه! من الذي حزّ الرأس الشريف؟ من الذي خضّب الشيب التريب؟ من أيتمني على صغر سنّي؟” واستمرت تناجي أباها وتكرر أبتاه، أبتاه….. حتى سكتت فقال الإمام السجاد، عليه السلام لعمته العقيلة زينب: “احملوها عن الرأس الشريف فقد فارقت أختي رقية الحياة”.
وبذلك؛ تكشف رقية؛ هذه الطفلة الصغيرة بموقفها البطولي العظيم، حقيقة الأمويين أمام العالم، وفقدانهم لكل اشكال الرحمة والانسانية.
وبعيداً عن أرض كربلاء، كان ولدا مسلم بن عقيل؛ محمد وابراهيم قد هربا من معركة الطف بعد هجوم جيش ابن سعد على خيام النساء والاطفال، وبحثا على مكان آمن بالقرب من نهر الفرات، وبدلاً من أن يجدوا الأمان، وجدوا الغدر والخيانة من عبّاد المال والدنيا، فأقدم على ذبحهما للحصول على الجائزة من ابن زياد.
إن هذه البطولات التي سطرها أطفال الطف، من ابناء الامام الحسين، وابناء الاصحاب الميامين، تمثل فخراً واعتزازاً لرسول الله، صلى الله عليه وآله، يوم القيامة، فقد أتهم الجاهليون النبي الأعظم، صلى الله عليه وآله، بأنه “ابتر”، أي ليس له ولد (ذكر)، ولكن سورة الكوثر في القرآن الكريم كشفت لنا أن الاطفال الابطال الذين سطروا ملاحم الشهادة في كربلاء هم ذلك الكوثر الذي أعطاه الله لنبيه الأكرم.