رأي

ألفا يوم من العدوان على اليمن .. صمود وانتصار؟

بضعة أشهر وتدخل اليمن عامها السابع من العدوان السعودي الإماراتي، الذي انطلقت شرارته في السادس والعشرين من آذار/ مارس عام 2015، بذريعة إعادة الشرعية للرئيس عبد ربه منصور هادي، القابع في إحدى فنادق الرياض، تحت الإقامة الجبرية.

خبراء عسكريون أكدوا في أسابيع الحرب الأولى، أن السعودية لن تستغرق أكثر من شهر، وتدخل العاصمة صنعاء، حاملة راية النصر المزعوم على مَن تسميهم (عملاء المجوس) و (أتباع إيران)، في حين امتدت الحرب من شهر الى ما يقارب ست سنوات ونصف، ولا تزال الى اليوم.

تسجل اليمن اليوم ألفين يوم من العدوان السعودي الغاشم، ألفين يوم من القتل والدمار، وتدمير البنى التحتية للبلد، أذ أكد مركز عين الإنسانية للحقوق والتنمية في اليمن، أن العدوان تسبب في قتل وجرح أكثر من ثلاثة وأربعين ألف مدني، منهم ستة عشر ألف قتيل، بينهم ثلاثة آلاف وسبع مئة وتسعين طفلا، و ثلاثة آلاف وثلاث مئة وواحد ثمانين امرأة

فيما بلغ عدد المنشآت المدمرة والمتضررة تسعة ألف ومئة وخمسة وثلاثين منشأة. وذكر البيان أن العدوان تسبب في تدمير وتضرر خمسة عشر مطاراً، وستة عشر ميناء، وثلاث مئة وأربعة محطات ومولدات كهربائية، و خمس مئة وسبعة وثلاثين شبكة ومحطة اتصال، في حين تعمد طيران العدوان تدمير واستهداف أكثر من ألفين خزان وشبكة مياه، بالإضافة الى استهداف مئات المنشئات الحكومية والخدمية بأنوعها المختلفة.

 

  • اليمنيون من الدفاع الى الهجوم

كان اليمنيون قد اكتفوا في بداية العدوان على استهداف التحركات العسكرية المعادية داخل اليمن، وعلى الحدود السعودية، لكن مع دخول الشهر الثالث من العدوان بدأ الرد اليمني يطال عواصم الدول المعتدية عليه، كالرياض وأبو ظبي، مما شكل أدى  بالحرب أن تدخل فصلاً جديدا لم يكن يعهده قادة التحالف (السعودية والإمارات).

ففي 6/6/2015، بدأ القوات المسلحة اليمنية استهداف العاصمة السعودية الرياض، بعدة رشقات صاروخية باليستية، والتي كانت إيذاناً بدخول الصواريخ الباليستية اليمنية ميدان المعركة، وفيما بعد أدخل اليمنيون الطائرات المسيّرة عن بُعد، وبدأت تطال مواقع ومقرات حكومية سيادية في الرياض، كوزارة الدفاع السعوية، ومطار  أبو ظبي الدولي.

وفي أكبر استهداف للمنشآت السعودية، طال قصف عنيف شركة آرامكو النفطية في منطقة بقيق في الرابع عشر من سبتمبر/ أيلول 2019، وألحق أضرارا كبيرة بالشركة، وأدّت إلى توقف كمية من إمدادات الزيت الخام تقدر بنحو 5,7 مليون برميل، أو حوالي 50% من إنتاج الشركة وذلك حسب التقديرات الأولية آنذاك، ولم يفصح النظام السعودية لاحقاً عن الخسائر الفعلية لهذا الهجوم، إذ لا يزال التكتم هو سيّد الموقف الى اليوم.

 

  • السعودية تستنجد بالعالَم

في اليوم الثاني من العدوان السعودي على اليمن، سجل المرجع الديني السيد محمد تقي المدرسي، استشرافاً مبكراً لمستقبل هذا العدوان في إحدى محاضراته الاسبوعية: “بأن الحرب السعودية في اليمن خاسرة، وسيرجع النظام السعودي خائبا”.

وهذا ما حصل على أرض الواقع، لأن هذه سنة الله تعالى في الخليقة، تجسيداً لقوله تعالى: {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً}.

فكما أن اليمنيين تألموا من العداون السعودي وخسروا الكثير بشريا وماديا، كذلك فإن النظام العائلي الاستبدادي، مُني بالكثير من الخسائر البشرية والمادية، ولا توجد احصائية دقيقة للقتلى السعوديين في اليمن، لكن متابعين يؤكدون سقوط أكثر من أربعة الآف عسكري سعودي بين قتيل وجريح، ما عدا الأسرى الذين يعدون بالمئات.

أما الإنفاق العسكرية السعودية في اليمن فهي بمليارات الدولارات، فقد عمدت القيادة إلى جلب المقاتلين الأجانب من قبيل شركة بلاك ووتر، ومن شركات مكسيكية كولومبية، بالإضافة الى الآف السودانيين، وهذا مقابل أموال طائلة تُدفع الى تلك الشركات الأمنية، ما عدا شراء الأسلحة من المصانع االغربية، والتي وجدت في النظام السعودي سوقا لترويج بضاعهتا، وتشغيل عجلة الأقتصاد هناك.

والأهم من كل ذلك؛ الخسارة المعنوية، والخيبة والخسران أمام العالم، وهي –السعودية- هذا البلد الغني والكبير في ثرائه وموقعه الجغرافي وعلاقاته الواسعة بالغرب وبأميركا، تقف اليوم مثل القزم الحائر أمام صمود وتحدي الشعب اليمني الذي لا يملك سوى الإرادة الصلبة والإيمان الراسخ بقضيته العادلة.

وبعد هجمات القوات اليمنية الأخيرة، والتي طالت مواقع استراتيجية، كمحطات انتاج الطاقة الكهربائية، ومحطات تحلية المياه، لجأ آل سعود الى مجلس الأمن الدولي، والأمم المتحدة لوقف الهجمات اليمنية، وهذا إن دلَّ على شيء إنما يدل على فشل العسكريين السعوديين في إدارة الحرب، وربما تكون هذا بداية لهزيمة السعوديين، ووقف الحرب على اليمن رغماً عن إرادة آل سعود.

 

  • مَن أولى بالسلام؟

قبل أيام وقعت الإمارات والبحرين ـ واللتين تشاركان في العدوان على اليمن ـ إتفاقية سلامٍ مع العدو الصهيوني الظالم، متجاوزين القيم الدينية، والأخلاقية الإنسانية، التي تأبى التطبيع مع نظام غيرشرعي مثل الكيان الإسرائيلي، المنتهك لإحدى مقدسات الإسلام، والمغتصب لحقوق شعبٍ عربي مسلم.

أليس كان من الأولى تطبيع العلاقات وتمتينها مع الشعب اليمني المسلم، الذي اصبح ضحية لقصف الطائرات الإماراتية والبحرينية؟

قبل اسبوع أقلعت أول طائرة اسرائيلية ووصلت الى الإمارات، بينما مطارات اليمن محاصرة ومغلقة بفعل الحظر السعودي والإماراتي، وآلاف اليمنيون بحاجة ماسة الى السفر لتلقي العلاج، فبحسب وزارة الصحة في صنعاء، فإن أكثر من مئة ألف يمني بحاجة ضرورية للسفر العلاج خارج اليمن، نظرا لتدهور الوضع الصحي بسبب العدوان والحصار.

الافعال على الأرض كشفت الحقائق المخبئة خلف الستار لعقود من الزمن، وأثبتت دول العدوان، أنهم سلام وأمان ليس على العرب والمسلمين، وإنما على الاسرائيليين، بعد أن كانوا كذلك ولعقود طويلة ايضاً، على الغربيين والاميركان.

عن المؤلف

أبو طالب اليماني

اترك تعليقا