تربیة و تعلیم

الأسرة وتوافق الطفل النفسي

لاشك أن يقع على الأسرة دور مهم في تكوين الجوانب المختلفة لشخصية الطفل خاصة في مراحل النمو المبكرة، أذ يرى علماء النفس ان السنوات الأولى في حياة الطفل هي التي تشكل شخصيته وتحدد سلوكه وأسلوب تفكيره الذي سيواجه به مشوار حياته الطويل، ولهذا نجد من الضروري أن نسلط الضوء على مفهوم شائع من مفاهيم علم النفس مفهوم ((التوافق النفسي)) لنكتسب معرفة ما يحدد لنا مدى أهمية صحة الطفل النفسية التي هي عماد مستقبلة الشخصي، فالتوافق النفسي: “عملية دينامكية كلية مستمرة يحاول بها الفرد عن طريق تغير سلوكه لتحقيق التوافق بينه وبين نفسه وبين البيئة المحيطة له ،بغية الوصول إلى حاله من الاستقرار النفسي والتدني و التكيف الاجتماعي .فهو بهذا  المفهوم هو قدرة الإنسان على مواجهة الظروف البيئية بحيث يشبع حاجاته ومن ثم يبقى على حياته*”.

 

وهكذا؛ فالتوافق عملية تبدأ بوجود دافع ورغبة معينة تدفع الإنسان وتوجه سلوكه نحو رغبة معينه أو هدف خاص يشبع هذا الدافع ، ثم يظهر عائق ما يعترض سبيل الكائن الحي من الوصول إلى هدفه، وعندما يعاق الكائن الحي من الوصول إلى هدفه ويحبط إشباع دافعة يأخذ بالقيام بكثير الإعمال والحركات المختلفة، لمحاولة التغلب على هذا العائق والوصول إلى هدفه، وبالوصول إلى الهدف الذي يشبع الدافع تتم عملية التوافق التي تكون في بعض الأحيان أمرا سهلا يقوم به الكائن الحي دون مشقة، مثاله يشعر الكائن بدافع الجوع، ويجد الطعام في متناول يده دون أن بذل أي مجهود.

 

إن تحقيق التوافق يعني إشباع حاجات ودوافع وذلك معناه الاستقرار النفسي، أما أذا عاق الفرد عائق ما وحال دون إشباع حاجاته أو دوافعه فان ذلك يؤدي إلى عدم الاستقرار وعندئذ يمكن ان نطلق عليه غير متوافق نفسيا

 

أوقد تكون عملية التوافق أمرا شاقا فقد لا يجد الكائن الحي الطعام متيسرا في الأماكن المألوفة له ، فيحتاج إلى الكثير من السعي والبحث في أماكن جديدة لم يألفها من قبل حتى ينتهي به الأمر على العثور على الطعام بعد جهد ومشقة، فعملية التوافق تتم بعد إشباع الدافع عقب عملية التكيف والتفاعل وذلك يكون على ثلاثة مستويات أي التوافق (البيولوجي ،الاجتماعي ، السيكولوجي) فتكيف الكائن الحي وتفاعله لإشباع دافعه هو ما يسمى بالتوافق وعلى هذا الأساس الخطوات الرئيسية في عملية التوافق هي :

  • وجود دافع يدفع الإنسان إلى هدف خاص.
  • وجود عائق يمنع من الوصول إلى الهدف ويحبط إشباع الدافع.
  • قيام الإنسان بأعمال وحركات كثيرة للتغلب على العائق.
  • الوصول أخيرا إلى حل يمكن من التغلب على العائق ويؤدي إلى الوصول إلى الهدف وإشباع الدافع.

أما أذا وجد ما يحول دون إشباع الدافع فان الفرد يعاني من حالة إحباط وصراع نفسي يؤدي إلى حالة موصولة من التردد والحيرة والقلق و التوتر الانفعالي والشعور بالنقص والخيبة والعجز أو الذنب أو الخجل أو الرثاء للذات وندب الحظ ويقال في هذه الحالة أن الفرد غير متوافق نفسيا ويعاني أزمة نفسية.

فمجمل القول أن تحقيق التوافق يعني إشباع حاجات ودوافع وذلك معناه الاستقرار النفسي، أما أذا عاق الفرد عائق ما وحال دون إشباع حاجاته أو دوافعه فان ذلك يؤدي إلى عدم الاستقرار وعندئذ يمكن ان نطلق عليه غير متوافق نفسيا.

من هذا نجد أن الطفل له النصيب الأكبر في هذا الموضوع لا لأن لديه حاجات ودوافع فقط، بل لأنه يعتمد على الغير في قضاء حاجاته، فالأسرة تكفل لأطفالها ما يحتاجون إليه من طعام وماء وغيرها من الدوافع الفسيولوجية، ولكن ليس ذلك هو كل ما يحتاجون إليه الأطفال فهم يحتاجون إلى الشعور بالعطف، والحب والاستحسان الاجتماعي، والأمن والطمأنينة والتجمع والاتفاق مع الجماعة والتنافس وغيرها من الدوافع الاجتماعية والسيكولوجية.

 

أذا وجد ما يحول دون إشباع الدافع فان الفرد يعاني من حالة إحباط وصراع نفسي يؤدي إلى حالة موصولة من التردد والحيرة والقلق و التوتر الانفعالي والشعور بالنقص والخيبة

 

فهذه كلها دوافع تحتاج إلى إشباع وعدم إشباعها والاهتمام بها يعني قد أرسينا دعائم المرض المقبل لهذا الطفل الصغير، ففي حالة عدم إشباع الدافع نجد أن الطفل الذي حرم بعضا من اهتمام والديه عقب ولادة أخيه الأصغر “أذا فشل في التوافق مع هذا الموقف الجديد بوسائل سويه قد يصاب بإمراض وهميه يستدر بها عطف والديه فيكون قد حصل على شي من التوافق وان كان توافقا منحرفا غير سوي عن طريق المرض ” وأيضاً هذا ما جاء في حالة الطفل الذي يعاني حالة صراع مابين نشاطه و تعبيره الخارجي وحب الوالدين وعطفهما وتقديرهما انه “أذا وجد صداً  لمحاولاته للتعبير عن نشاطه فانه قد يتعلم من قبيل التوافق والانسحاب والصمت ” يقول الدكتور رنيه .أ.سبتيز: “فالمناخ العاطفي الذي يحدد نشأة الطفل ومستقبله. وأنه بلا حب وعطف لا يوجد أطفال أصحاء. ومن هذا يتحتم علينا كآباء وأمهات أن نكون على وعي كافي لتوفير جو اسري نفسي ملائم وعناية دقيقة اتجاه الصغار لنكسبهم الشخصية السوية المتوافقة ضماناً لمستقبلنا ومستقبلهم” .

  • زهران،حامد عبد السلام، الصحة النفسية والعلاج لنفسي، عالم الكتب، ط١، القاهرة، ١٩٧٨*

عن المؤلف

م.م حسين رشك خضير/ كلية التربية الأساسية/ جامعة ميسان

اترك تعليقا