يعيش الشعب اليمني اوضاعا انسانية متردية، نتيجة العدوان السعودي منذ عام 2015، والى اليوم، وكما هو معروف عن الشعب اليمني بساطة عيشه، والفاقة التي يعانيها جراء الحروب، وتعاقب الانظمة الظالمة، ومع ما يقاسيه اليوم بسبب الحرب والحصار ضاعف المعاناة اكثر، فهناك عوائل في محافظتي حجة والحديدة ماتت من الجوع، لعدم وجود مقومات الحياة الاساسية.
كانت الحرب وما تزال هي سبب المعاناة، لكن مما فاقم الحالة الانسانية هو الحصار المطبق الذي يفرضه النظام السعودي على اليمن، فهو – النظام السعودي- لا يسمح بدخول أي سفينة غذائية او طبية إلا بعد حجزها لأشهر، أما التي لا يرضَ بدخولها فتعود ادراجها.
ومع الحالة الانسانية المتردية التي تسود اليمن، إلا أن هناك اطرافا عربية ودولية تحاول الاتجار عبر هذه الورقة، والتي يفترض أن تكون بمنأئ عن التجاذبات السياسية والاعلامية، لكن مما يؤسف له فإن المعاناة الانسانية في اليمن تتعرض لحملات اعلامية ممنهجة الهدف منها الاستنفادة من بؤس الانسان اليمني لتحقيق مآرب ومكاسب سياسية على أرض الواقع.
ونحن نعيش زمن تقنيات المعلومات، وانتشار الاخبار على نطاق واسع، إلا أن معاناة اليمنيين، لاتكاد ترى في المواقع الاعلامية والاخبارية إلا بالاشارة والتلميح، وبما يخدم مصالح الناشر، وكأن أرض اليمن لا تحمل مخلوقات على أرضها يُسمون (بالشعب اليمني)!
من الحالات الانسانية التي نُشرت وتداولت على مواقع التواصل الاجتماعي، لعائلة في محافظة حجة – شمال غرب اليمن-، في احدى القرى وهم يطبخون أوراق الاشجار على الحطب، ومن ثم يتناولونها كوجبة اساسية! لعدم حصولهم على ما يسدون بهم رمق جوعهم.
ومن القنوات على موقع يوتيوب والتي تعرّضت لهذه الحالة الانسانية، قناة تدعى باسم (AJ+ عربي)، تناولت هذه المقطع، وفي بدايته كان التعليق على الفديو انساني، ولا يمثل أي انحياز لأي طرف من اطراف الصراع في اليمن، لكن قبل نهاية الفديو لمحت هذه القناة: ” بأن هذه العائلة- التي تأكل اوراق الشجر” تقع ضمن نطاق سيطرة مليشيات الحوثي”!
وهنا لابد من طرح تساؤل:
مَن المتسبب للمجاعة والحصار في هذه اليمن؟
أليست السعودية التي فرصت حصاراً خانقا على اليمنيين؟
أم انهم ان اليمنيين أنفسهم يفرضون المجاعة على انفسهم؟
كان المفترض ان تكون هذه الوسيلة الاعلامية التي يتابعها اكثر من اربعة ملايين مشترك، ان تكون وسيلة اعلامية نزيهة بعيدة عن التجاذبات السياسية والدينية، وأن تكون مهنية في نقل الوقائع كما هي كما تصف نفسها.
وفي توظيف سياسي عدائي قررت منظمة الامم المتحدة في نيسان/ ابريل من العام الجاري خفض المساعدات الانسانية في اليمن، في المناطق التي يُسيطر عليها الحوثيون، بدعوى أن قوات الحوثي تعرقل المساعدات، في المقابل كشف مراقبون إن خفض المساعدات يهدف الى تأليب السكان الى ضد الجيش واللجان الشعبية.
إنّ التعاطي الاعلامي المسيّس مع المعاناة الانسانية، وتوظيفها في تحقيق اطماع سياسية على ارض الواقع، إنما يزيد تفاقم الوضع الانساني الحرج، ولأن الإعلام بشكل عام لا توجد فيه حيادية، لكن من المفترض ان تكون القضايا الانسانية الحرجة بعيدة عن أي استغلال اعلامي وسياسي.