من تنوع الخدمات في زيارة الاربعين عاماً بعد عام، دخل الانترنت على خط الزائرين الى مرقد الامام الحسين، عليه السلام، ليكون الى جانب الطعام والشراب والمبيت والدواء والمواصلات وغيرها، وقد نصب لافتة كتب عليها «كنّك يا زاير» لدعوة الزائرين الاستفادة من خدمة «واي فاي» مع قسط من الراحة في طريق المشاة الذي تخلله مدن الجنوب العراقي.
هذه الخدمة توفر على الزائر نفقات الاتصال بالهاتف المحمول لتطمين الاهل والاقارب على السلامة واخبار الطريق، وفي نفس الوقت تنقل صوراً ومشاهد معينة في مسيرة المشي، لاسيما تلك التي تعبر عن عمق الايمان وصلابة العزيمة والحب الكبير للإمام الحسين، عليه السلام، المزروع في الطفل الصغير والشيخ الكبير والمرأة وحتى المعوّق واصحاب الاحتياجات الخاصة.
هنالك مشاهد مؤثرة في الطريق، مثل ذلك الشاب القادم من افغانستان وهو يحمل أمه على ظهره، وقد وصل كربلاء المقدسة وهو بمشاعر لا توصف،ويقول لمحدثه، بانه حمل أمه من بيته في افغانستان الى كربلاء المقدسة، أو ذلك المُعاق في رجله، وقد ترجّل من كرسيه المتحرك ليزحف على الارض برجله المُعاقة ليكون ضمن السائرين على الاقدام الى مرقد الامام الحسين، عليه السلام، وعندما سأله محدثه عن سبب مجيئه وحيداً، وما اذا كان لديه أبوان او احد من ذويه الى جانبه، فقال: «إن الحسين أمي وأبي».
وثمة مشاهد لا تُعد لاطفال يستقبلون الزائرين المشاة بأنواع الخدمات من ماء وطعام ومناديل ورقية من شأنها ان تكون رسائل سريعة وبليغة الى العالم بما تفعله النهضة الحسينية بالانسان مهما احتوشته الظروف الصعبة والمعقدة، فانها لن تشغله عن الدروس والعبر العظيمة التي تعزز فيه الانسانية اكثر فاكثر، في وقت نلاحظ طيلة ايام السنة استلاب هذه الانسانية بفعل الاوضاع الاقتصادية والامنية والسياسية.
ان ما توصل اليه محبو الامام الحسين، القادمون من مختلف انحاء العالم، من حقائق انسانية منها، وما هم عليه من مشاعر الكرامة والعز والسمو وهم يزورون الامام في اربعين استشهاده، بالامكان اهداؤه الى جميع سكان العالم بمختلف انتماءاتهم الدينية والفكرية بالاستفادة من اشكال مواقع التواصل الاجتماعي التي يمكن استثمارها في هذا المجال.
وهذا ليس فقط خلال مسيرة المشي، وانما خلال فترة الاقامة في كربلاء المقدسة، حيث يسهل الاستفادة من خدمة الانترنت في فترات الاستراحة لبث المقاطع المختارة والمميزة من المواكب الخدمية داخل المدينة، وانواع الخدمات التي نراها تتطور وتتنوع عاماً بعد آخر، ربما منها؛ تنظيف وصبغ أحذية الزائرين، او تدليك الزائرين لتخفيف تعب المشي عنهم، وذلك بوسائل كهربائية حديثة، وغيرها.
والاهم من ذلك كله، تبادل الافكار والرؤى البناءة عن هذه المناسبة العظيمة، وتسجيل المواقف والمشاهد في الشارع، وما تبادر اليه المواكب الحسينية من مجالس ذكر وموعظة، وحجم مشاركة الشباب في هذه المجالس، وايضاً مشاركتهم في المواكب الخدمية، وتأثير الطقس الحسيني على سلوكهم وعاداتهم، وبالمجمل؛ ثقافتهم.
ان جعل الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مرآة لما يجري في كربلاء المقدسة، وعلى طريق المشاة لزيارة الاربعين، من شأنه ان يأخذ قسطاً من اوقات المتابعين للانترنت عبر العالم، من المسلمين الذين لم يوفقوا لهذه الزيارة، وربما من غير المسلمين من سكان القارات الخمس.