لا يتوانى النظام السعودي بكل ما يمتلك من وسائل وآليات تدمير وقتل وانتهاك بأن يصب جام حقده على أبناء القطيف والأحساء، تارة عبر الانتهاكات العسكرية وأخرى عبر التنكيل بالرزق وسد الأبواب، رغم أن السلطات المعنية بالواقع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين لا تحرك ساكنا وتعيش المنطقة حرمان متعمدا ومقصودا يستهدف القضاء على أبواب أرزاق أبنائها.
وفي جزيرة تاروت، جمعت السلطة أدواتها للردم والهدم، واتجهت نحو حي البدراني الذي يضم محال متخصصة بمواد البناء من الرمل والإسمنت، وشرعت بتدمير المحال أمام أعين أصحابها تحت ذريعة معتادة ومتواصلة “المخالفة” و”إعادة التأهيل”، التي لا حقيقة لهما على أرض الواقع، ولا تشكل الخطوة سوى اعتداء على الأهالي وحرمانهم من الحصول على مستلزماتها بأسعار مقبولة، وسط عدم تحريك السلطة ساكنا لتأمين بدائل للعمل أو التعويض على أصحاب المحال المالكين والعاملين، فقط الذي بادرت نحوه السلطة كان تحويل مشهد حي البدراني بمحاله التجارية إلى ركام متجمع على الأرض.
مصادر خاصة نقلت لـ”مرآة الجزيرة”، أن البلدية لم ترأف بأصحاب المحال الذين تحملوا تبعات حملة سلطوية عليهم، إذ أن البلدية شنت حملة ضد محلات البناء وطلبت من المالكين إخلاء محلاتهم من أجل الإزالة، منبهة إلى أن هذه المنشآت تخدم المواطنين وتشكل عصبا رئيسا في المنطقة.
وبطبيعة الحال فإن الادعاءات بأن قرار البلدية يأتي من أجل خدمة المواطنين لا أساس له من الصحة، لأن خدمتهم لا تكون بقطع أرزاقهم وحرمانهم منها، كما أن المزاعم بعودة القرار لتحسين الصورة العامة للمنطقة، يبتعد كل البعد عن الصحة، لأن هذه المحال لا تشوه شكل المنطقة العمراني، حيث أنها تقع في منطقة نائية، وإذا ما كان هذا السبب مشروعا، فلما لا تؤمن الجهات المعنية البدائل.
وتضيف المصادر أن عدم توفير محلات بديلة لأصحاب المنشآت المتضررة هو خير دليل على نية السلطة وسبل اعتداءاتها التي حرمت عوائل بأكملها من مصدر رزقها وتأمين لقمة العيش، مشيرة إلى ادعاءات السلطات بتقديم الدعم للمنشآت الصغيرة والتي على ما يبدو أن الدعم محظور على أهالي هذه المنطقة المفعمة بالخيرات ولكن ممنوعة الانتفاع منها.
ولعل المفارقة البارزة، تتضح معالمها من منطلق التأثيرات التي أنتجتها جائحة كوفيد١٩، هذه الجائحة التي تبلورت تداعياتها على شكل انهيارات اقتصادية لكثير من المنشآت الحيوية الاقتصادية، وفيما أطلقت السلطة مبادرة دعم للمنشآت المتضررة، انقضت البلدية على منشآت حي البدراني وفعلت ما لم تستطع تداعيات الوباء أن تفعله، وقضت على المنشآت بشكل كامل وكلي، في تصرف واضح يعكس الانتقام الموجه ضد هذه المنطقة.
حي البدراني وهو موقع يضم العديد من المستودعات للمواد الصحية والمحلات التي تبيع الخردة وتشتري الخردة وتختص بمواد البناء، لم يكن الاعتداء عليه وهدم محاله الأول من نوعه، بالتزامن مع الجائحة التي لم تتمكن السلطة من احتوائها والحد منها، حيث هدمت البلدوزرات وآلية الهدم التابعة لبلدية القطيف عدد من محلات الأخشاب في القطيف، ودمرت مخزون التجار من الأخشاب، وهذه العملية الانتقامية لم يكن لها مبرر ولا مسوغ قانوني أو أخلاقي أو إداري، لأن الادعاءات والمزاعم لتبرير الجريمة هي عينها، إذ تقف السلطة خلف ادعاءات العمران والمخالفات، وهذا العمران الذي يغيب بكل تفاصيله عن المنطقة.
وتستهدف البلدية، بشكل متواصل المزارع والتراث والمحال التجارية وتنقض عليها دون تبرير يوضح الآلية الانتقامية التي تستهدف الأهالي في القطيف والأحساء وتراكم معاناتهم.
وسبق أن شنت السلطات حملات هدم واعتداءات على مزارع الرامس وجرفتها، وهدمت حي المسورة وقلعة القطيف، هنا، حيث توحدت جملة مزاعمها وأيضا اعتداءاتها وانتقامها، من أهالي المنطقة الغنية بالخيرات والثروات ولكن أهلها محرومون منها وممنوع عليهم.