يضج العالم هذه الأيام بالهتافات ضد التمييز العنصري بعد الجريمة المفجعة التي حصلت في الولايات المتحدة، عندما شاهد العالم مقطع الفيديو العنيف الذي يصور شرطي أمريكي يحبس أنفاس رجل اسود (جورج فلويد)، بالضغط على رقبته بركبته حين إلقاء القبض عليه بسبب تهمة تافهة جدا واستمرار الشرطي (الابيض)، حتى سمعنا الضحية ينادي “لا استطيع التنفس”، وكان هذا المشهد النهاية المفجعة لحياة هذا الرجل الاسود ظلما وعدوانا.
بالرغم من أنها ليست المرة الاولى التي يتعرض فيها رجل أسود للإعتداء والقتل من قبل الشرطة في أمريكا لسبب تافه، لماذا تعاطف العالم معه هذه المرة؟
وهل من المعقول إن يجري كل هذا الظلم في بلد يدّعي الدفاع عن الإنسانية والمساواة والعدالة والحرية؟!
لا عجب من هذا، فالتمييز ضد أصحاب البشرة السوداء بات شيئ طبيعي في معظم انحاء العالم كما كانت طيلة القرون السابقة. ولازلنا في القرن الحادي والعشرين نشاهد مثل هذه الجرائم منبعها العنصرية والتمييز اللاواعي، ولكن هذه المرة قرر العالم ان لا يسكت، ولن يسكت بعد هذا اليوم، حتى نتجرد جميعاً من التمييز والعنصرية تماما.
هذا ما يسود الغرب، ولكن ماذا عنّا نحن المسلمون؟!
[.. لقد ارتقى بلال الحبشي (الأسود) من حالة العبودية والاضطهاد ليكون إنساناً حراً، ثم يتبوأ منصباً محترماً في المجتمع، وهذا كان منهج الرسول الأكرم و اهل بيته، عليهم السلام ..]
في ظل اخبار كهذه، نسمع من يتحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي بفخر أنهم بعيدون عن أي تمييز عنصري متسترين بتعاليم الدين الاسلامي، ويستندون في ذلك على قصة النبي محمد، صلى الله عليه وآله، مع بلال الحبشي و كيف سعى النبي لتحريره من العبودية وكرّمه بمهمة رفع الأذان ليكون أول مؤذن في التاريخ الاسلامي في المسجد النبوي.
لقد ارتقى بلال الحبشي (الأسود) من حالة العبودية والاضطهاد ليكون إنساناً حراً، ثم يتبوأ منصباً محترماً في المجتمع، وهذا كان منهج الرسول الأكرم و اهل بيته، عليهم السلام، فهم لم يكونوا معصومين فقط، ولم يكونوا عادلين فقط، بل كانو يحاربون اي نوع من التمييز او الإنحياز لأي جهة أو عنصر.
ولكن واقع مجتمعاتنا الاسلامية يبدو أنه بعيد جداً عن ما علّمنا الرسول الأكرم واهل بيته الأطهار. والحقيقة المرّة أننا نلاحظ مشاهد وحالات للتمييز العنصري تظهر هنا وهناك، والبعض لا يتورع في إطلاق الاحكام على اشخاص بسبب لون بشرتهم، او لغتهم، او حتى منطقة سكناهم؛ فثمة شعور غريب لدى البعض بالتعالي والتكبر، وإلقاء دونية الى من نتصور أننا أفضل منهم في مسائل وقضايا معينة، كما لو أن لون دمائهم تختلف عن لون هؤلاء، أو ان الطينة التي خلقوا منها تختلف! وننسى أنّنا لسنا سوى أرواح في أجسام مختلفة، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، (سورة الحجرات /اية ١٣)، ويقول النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله: “كلكم من آدم وآدم من تراب“.
[.. يقول النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله:
“كلكم من آدم وآدم من تراب” ..]
علينا أن نتذكر أن الحكم الذي نلقيه على الآخرين يصدر منا بدون وعي في معظم الأحيان، والصورة النمطية حالة ليست غريبة عند البشر، فنحن نصدر حكم على اشخاص مجرد أن لدينا فكرة مسبقة من مشهد او من شخص ونعممها على الجميع. ففي الولايات المتحدة يعاني الأفراد من صورة نمطية مشوهة ساعد عليها الإعلام وحالة استعلاء البيض الذي توجد بشكل لاواعي عند بعض المواطنين.
بالتأكيد لم ولن نصل لدرجة الظلم الذي شاهدناه بأمريكا ضد السود في بلادنا، ولكن دعنا نستغل هذه الفرصة من هذا اليوم بمراجعة أنفسنا. هل بلغنا مستوى العلاقات الاجتماعية التي ارادها لنا نبينا الأكرم، والأئمة الاطهار؟
وما هي نسبة الحكم على الآخرين بسبب اختلافنا معهم في لون البشرة، أو اللغة، أو العرق؟ وهل أن سلوكنا متطابقاً مع مبادئنا وقيمنا الإسلامية؟
وهل ظلمنا أفرادا أو شعوبا بالحكم المسبق عليهم دون ان نتعرف عليهم؟
مقال مهم وفيه فكرة صحيحة. ولكن ثمة صور أيحابية لتعامل وتعاطي الشيعة مع السود كما شاهدنا تكريم العلماء الاستثنائي لبعضهم وتقبيل يديهم مثلاً أو حصول حالات زواج من عوائل شيعية مع الاخوة ذو البشرة السوداء. أقول ثمة صور إيجابية.