الحياة ليست دار استقرار وسعادة مطلقة، فهي حتما لا تسير بخطٍ مستقيم تماما، فهي حلقات متتالية ما بين خيرٍ وبلاء، صحة ومرض، وهكذا فقد تحيطنا في بعض الاحيان أزمات أو ظروف ومشاكل من الصعب تجاوزها، نقطة نشعر فيها إن الزمن توقف، وإن لحظة الألم تلك أبدية! نفقد الأمل، البهجة، الشعور بالحياة، ويملأ جوارحنا الخيبة. فكيف نتعامل مع الأمر؟ نستسلم ونُحبَط ونغرق في حزن وكآبة تفقدنا معنى الحياة، أم هناك أموراً أخرى الواجب النظر فيها لتجاوز الصعاب؟!
الأوقات الصعبة والمشاكل التي تواجهنا قَدَراً، فعلى المرء أن يفهم المشكلة تمام الفهم ويواجهها لا أن يتهرب منها.
ففي حالة مواجهة أموراً صعبة وظروف تشل حركتنا، وتفقدنا صوابنا، بالاضافة الى انها تشل تفكيرنا وتمنعنا من فعل الصواب، نستسلم فنصبح فريسة:
1– اما الغضب: ننغمر في موجة غضب لا ترحم تنتهي بندمٍ شديد، سواء بفعل أو بكلام أو اتخاذ قرارات مفاجئة ناشئة عنه وبالتالي تكون خاطئة يكن الندم نقطة أخيرة.
2– او نصبح فريسة العزلة والكآبة والتشاؤم: وهذا قد يصاحبنا لفترة طويلة وقد يكن انعكاسه على مرِ السنوات، وقد يسبب عقد نفسية يصعب علاجها بمرور الزمن.
فلتجنب الإحباط النفسي على المدى البعيد يجب مواجهة الأمر بتعقل وتفهم بما يستلزم لتفادي الأزمات التي تتبع ذلك .ومن الأمور الواجب وضعها تحت المجهر لتجاوز الظروف الصعبة:
1-الاسترخاء وفهم الأسباب وتعقلها وتحليل الموقف فبعضها يتطلب التقبل والتأقلم، كأمر لا يمكن تغيير مصيره، كمفارقة شخص بشهادة، او انتقال الى بلد آخر حسب رغبته، او انفصال الاباء، او مشكلة حلها غير مقترنا بي ولا يعتمد عليَّ. وبعضها يتطلب مواجهة الأمر والسعي: كالضغوطات اليومية والروتين، مشاكل العمل، فشل في تحقيق هدف او في دراسة تلك مواقف تتطلب منا بذل جهد أكبر وتفكير لتغير المسار، وجميع تلك المشاكل تتطلب منا عدم التسرع باتخاذ قرارات مفاجئة غير مدروسة.
[.. التسامح: بداية جيدة حقيقية للتخلص من الضغوط النفسية، وإن يكن شعورا حقيقيا بالتسامح للآخرين ..]
2– التسامح: بداية جيدة حقيقية للتخلص من الضغوط النفسية، وإن يكن شعورا حقيقيا بالتسامح للآخرين، فقد يكن ما يؤذينا من الآخرين ويجعلنا في موقف نشعر بأننا ضحية، ربما يكن إن الطرف الآخر هو ضحية أيضا مسبقا، وربما ضغوطه النفسية عميقة فالتسامح يبدد السحب ويخفف الصراع بعقولنا لدرجة التلاشي.
3– طلب المساعدة: اذا كان الانسان في قلب المشكلة بلحظة يشعر فيها بظلم وسوء شديدين، قد لا يستطيع التفكير بشكل جدي وحكيم، فتجد الأفكار تتصارع وتتسارع، ولايستطيع الإمساك بفكرة واحدة، فطلبُ مساعدة الأشخاص المقربين لا يُعتبر ضعفا، بل العكس الناس لبعضها وبعض الأزمات تظهر الأصدقاء الحقيقيين، فإن كانوا خارج اطار المشكلة فنظرتهم للأمور تكون صحيحة، لانها محايدة ومشاعر الظلم والضيق لا تتحكم بعقولهم، أي أن تفكيرهم سليم ليس تحت ضغط نفسي، ربما ينقذ الموقف بدلا من استمرار الضغط النفسي وتعقيد الامور أكثر.
4– التصالح مع النفس والتفكير الحر من الضغوطات، والتوقف عن التفكير لماذا أنا، هل أنا سيء لهذا الحد! وكأن اصابع الاتهام جميعها تشير نحوي فهذا الشعور قد يصاحب الجميع كأن الجميع يستهدفنا، فلنفهم تماما إن القَدَر يهذبنا، ولأن المؤمن مبتلى. وايضا الجميع يمر بأزمات فليس وحدنا من نمر بموقف يزلزل أرضنا وربما الزلزال الذي يصيبنا أقل حدة مما يصيب غيرنا، وبكل الأحوال، فإن الحياة مؤقتة وكل أمر مؤقت، هذا الوقت سيمضي بخيره او شره حتما.
[ .. تدريب النفس على الإيجابية وعدم التذمر والتشاؤم بشكل مستمر، وهذا ما يدفعنا الى تعظيم الصعاب مهما كان حجمها، وذلك من خلال التدريب على الأمور المؤذية الروتينية ..]
5 -التحلي بالصبر وتذكر مصيبة عاشوراء، ماعانوه اهل البيت عليهم السلام من فراق الاحبة، ومآسي من جانب، ومن جانب التضحيات ما بين عطش وغربة ومعاناة وحر وجروح على جروح لو اصابت جبل لتزلزل، ومن جانب آخر معاناة السيدة زينب، عليها السلام جبل الصبر، فكلها صور تصغر مصائبنا فمهما عصفت بنا الحياة فانها ذرة في محيط مصابهم.
6– تدريب النفس على الإيجابية وعدم التذمر والتشاؤم بشكل مستمر، وهذا ما يدفعنا الى تعظيم الصعاب مهما كان حجمها، وذلك من خلال التدريب على الأمور المؤذية الروتينية، ومحاولة الشعور بالرضا عن القدر، او ترديد عبارات في العقل او استشعارها “انا بخير” “لابأس غير مهم” ، “انه امر سهل” ..
7 -قوة الإيمان: الإيمان والإرادة كافيتان لرفع الروح المعنوية، وهما سلاحان قويان من شأنهما ان يجعلان الإنسان ينهض مجددا ويتزود من الطاقة الروحية المكتنزة في جوفنا. فقوله تعالى:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}. (ق الاية 16).
اشارة الى اننا لسنا وحدنا مهما استوحدنا انفسنا واشفقنا عليها… فانه قريب وما علينا الا ان ننتبه.
ذلك البعض مما نستطيع أن نعمل بموجبه لتجاوز الصعاب، وهناك الكثير مما تلهمنا الحياة فعله مهما كان بسيطا فله دور في مساعدتنا، ونرجو من العلي القدير ان يلطف بنا ويرحمنا جميعا.تلك اشياء بسيطة من شأنها أن ترفع من وعينا بحقيقة الحياة وتجاهل ما يلزم التجاهل.