“أيها الناس: من حسن منكم في هذا الشهر خُلقَه كان له جوازاً على الصراط يوم تزول فيه الأقدام“.
الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله.
هدف الإنسان المؤمن في الحياة هو جواز الصراط للعبور إلى الجنة، فهو يبحث عن النجاة والفوز الحقيقي، وهذا الفوز يكون؛ {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَۗ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}. (سورة النساء، الآية185).
[.. حُسن الخُلق يساعد الإنسان على الإقلاع عن الذنوب والمعاصي إذ أن “الخلق الحسن يميت الخطيئة كما تميت الشمس الجليد ..]
فكل عمل يؤديه المؤمن في الحياة هو في سبيل الوصول إلى رضوان الله والحصول على الجنة والنجاة من النار، فما من عمل صالح أو صلاة أو ورد أو صيام يؤديه المؤمن إلا من أجل الوصول إلى هدفه.
فصيام شهر رمضان يتطلع من خلاله المؤمن إلى مغفرة الله و رحمته، ولكن قد لا يحقق الإنسان هدفه -وهو رضوان الله والحصول على الجنة- من خلال الصيام عن الطعام والشراب فقط في نهار شهر رمضان، لأن “كم من صائم ليس من صيامه إلا الجوع والظمأ”.
فالصوم الحقيقي ليس هو فقط الامتناع عن الطعام والشراب وسائر المفطرات الظاهرية فقط، بل “من صام، صامت جوارحه”.
فلا فائدة بمن امتنع عن الطعام ولم يمتنع عن الفواحش وسوء الخُلق، إذ أن “سوء الخُلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل”.
فمن يتطلع إلى غفران الله من خلال صيامه، فلا يحصل على ذلك إن لم يُحسّن خلقه لأن “كل ذنب يُغفر إلا سوء الخُلق، لأن صاحبه لا يخرج من ذنب حتى يدخل في ذنب آخر”.
[.. على الانسان السعي بأن يجعل خلقه هو خلق القرآن الكريم، وذلك بأن يستثمر أوقات هذا الشهر الفضيل بقراءة القرآن الكريم، والتدبر فيه، والحضور والاستماع إلى الجلسات القرآنية ..]
فصاحب الخُلق الحسن هو الذي يكون قريبا من رحمة الله تعالى وغفرانه، فـ”ما يوضع في ميزان امرئ يوم القيامة أفضل من حسن الخُلق”، كما أنه يقرّب المؤمن من رسول الله، صلى الله عليه وآله، كما قال: “اقربكم منّي مجلساً يوم القيامة أحسنكم خلقاً”، فهو، صلى الله عليه وآله، الذي بُعث ليتمم مكارم الأخلاق.
فحسن الخلق يساعد الإنسان على الإقلاع عن الذنوب والمعاصي إذ أن “الخلق الحسن يميت الخطيئة كما تميت الشمس الجليد”، كما أنه يكون جوازاً له على الصراط.
وشهر رمضان هو فرصة للإنسان لأن يحسن خلقه ويترك العادات والأخلاق السيئة، فالشياطين في هذا الشهر مغلولة، فالإنسان يكون قد خُفف عنه من أعدائه فلم يبقى عنده إلا نفسه الإمارة بالسوء فيمكن له مجاهدتها وترويضها من خلال هذا الشهر، فهو سيتعلم الصبر وقوة الإرادة والتحمّل، فيستطيع الإنسان أن يجاهد نفسه ويسعى لاصلاحها، ويحسن خلقه من خلال التزامه بالصيام الحقيقي وهو بالإضافة إلى الامتناع عن المفطرات، كذلك الامتناع سوء الخُلق والالتزام بصوم الجوارح فانه سيبتعد عن الكذب والغيبة والحسد والحقد وفحش الكلام والنظر الحرام وما أشبه.
فمن الأخلاق السيئة ذات التأثير على علاقتنا الاجتماعية هو فحش الكلام، وهذا الشهر فرصة للإنسان أن يترك هذا الخلق السيء، فيحاول أن يجاهد نفسه على أن يتجنب كل كلام فاحش وسيئ، ولا يتكلم به، و أن يحذر في هذا الشهر الفضيل من الحضور في مجلس يكثر فيه الكلام الفاحش، فمثل ما امتنع عن الأكل والشرب عليه أن يمتنع من كلام السوء البذيء، كما لا بد من تجنب كل ما مبتذل عبر الشاشة الصغيرة وما ينقله الهاتف النقال (موبايل) من تطبيقات وبرامج ومسلسلات، والتي -مع الأسف- تكثر في هذا الشهر الكريم وكأنها تأخذ دور الشيطان الذي يحاول إغواء الناس ودعوتهم لارتكاب المعاصي، و تشجع على تعلم الكلام السيئ والبعيد عن الذوق، وتنشر ثقافة السخرية والاستهزاء وعدم احترام الآخرين، فمن أراد أن يحصل على الأجر من صيامه ويفوز برضوان الله، عليه أن لا يفسد صيامه بسوء الخلق وان لا يدع لشياطين الإنس أن يفسدوا خلقه.
على الانسان السعي بأن يجعل خلقه هو خلق القرآن الكريم، وذلك بأن يستثمر أوقات هذا الشهر الفضيل بقراءة القرآن الكريم، والتدبر فيه، والحضور والاستماع إلى الجلسات القرآنية.
فعندما يجاهد الإنسان نفسه في هذا الشهر ويحسن خلقه ويتورع عن محارم الله ويجتهد في طاعته فإن ذلك يجعله محط رحمة الله ونيل غفرانه، ويساعده على جواز الصراط والنجاة من النار والفوز بالجنة.