الملتزمون بعمل يومي يبحثون وينتظرون الإجازات التي تعطيها الجهات الرسمية لمناسبة دينية او وطنية، وبعد الانتظار يصل الفرد الى حالة من الفرح عند سماع خبر التعطيل عن الدوام، لكنه لا يعرف المضار السلبية من كثرة العطل وانعكاساتها على نشاطه الذهني وادائه العملي.
يضع البعض في سلّم الأولويات قضاء بعض الاعمال المنزلية في عطلة نهاية الأسبوع، ومع مجيء العطلة تجد اغلب الأشخاص يمرون بحالة من الكسل غير متوقعة وغير مبررة على الإطلاق، يتحول الى شخص كسول لا يقدر على إنجاز أي عمل خطط له قبل العطلة.
هذه الحالة يعاني منها الكثير من الأشخاص في الوقت الحالي، لاسيما أصحاب الوظائف الثابتة او الاعمال الروتينية اليومية، حيث يعتقدون ان العطلة هي استمرار لبقية الأيام وعليهم انجاز الواجبات المنزلية المُعطلة منذ بداية الأسبوع، لكن ومع مجيء العطلة يكون الشخص قد استنفد طاقته الشخصية، وخارت قواه حتى وصل الى حالة مزعجة يكره فيها مزاولة أي عمل حتى لو كان بسيطا.
ولا يقتصر العجز عن انهاء الاعمال بالأمور المنزلية، فقد يكون الفرد غير راغب حتى في نزهة عائلية، فتراه يتحجج امام ابنائه وزوجته بعدم القدرة على الخروج، او انه مصاب بنوع من المرض كأن تكون نزلة برد او صداع مستمر، يبدأ بالتلاشي مع اقتراب موعد الدوام الرسمي.
وفي نهاية المطاف انتهت العطلة وانهار معها كل المخططات التي وضعها الفرد سواء كان ذكر ام انثى، الأهم في الموضوع هو انه لم يكتمل أي شيء من المخطط المُعد، وهنا نريد التأكيد على ان العطلة لا يمكن ان تصبح يوما منتجا في ظل الظروف التي يمر فيها اغلب العاملين في القطاع الحكومي او الخاص.
يمر الموظف او العامل في القطاع الخاص بضغط فريد على مدار أيام الأسبوع، خصوصا إذا كان من أصحاب المسؤولية، يقع عليه العبء الأكبر، لكن وبصورة عامة يبذل الموظف المخلص او العامل الحريص جهود كبيرة خلال ساعات عمله، حيث يعني انه يرتقب عطلة نهاية الأسبوع بفارغ الصبر، وكأنه على موعد لقاء بعزيز او غيره.
يؤثر الانقطاع عن العمل لفترة طويلة على الاستقرار البيولوجي لفرد، ويحصل جراء ذلك عدم اعتدال او توازن في التصرفات اليومية، لذا ينصح الخبراء في المجال الاسري بعدم الجلوس طويلا في المنزل
وكثيرا ما نجد الافراد العاملين يؤجلون بعض الاعمال الخاصة بعملهم الرسمي الى أيام العطلة، وبذلك يكون الحمل مضاعفا علاوة على المهام المنزلية المؤخرة، و كثيرا ما تسبب بصدام عائلي بين الزوج وزوجته، او الاب وابنائه وهلم جرى، فكيف يمكن لمثل هؤلاء الافراد ان يكونوا اشخاص منتجين في العطل الرسمية؟
ولو تدبرنا قليلا بالتسمية المُطلقة على مثل هذه الأيام، (العطل) او الاستراحة، أي انها تعني تعطيل العمل والاستراحة، الامر الذي يهيأ الفرد الى الاسترخاء اللاإرادي، ويبدأ في كثير من الأحيان الى خلق الاعذار ووضع التخيلات التي تساعده على عدم انجاز أي عمل يتوقع ان ينجزه او مفروض إكماله في اليومين الباقيين من أيام الأسبوع.
لكن وللأسف الشديد يقع الفرد ضحيةَ الكسل الذي يخيم عليه من جميع الاتجاهات، بالإضافة الى ظهور بعض الانشغالات خارج نطاق الحسابات الفردية، كأن يأتيك خبر وفاة أحد الأقارب او يتصل عليك بعض الزملاء للخروج بمكان خارج المدينة وبهذا يكون قد تعرض الجدول الزمني لأيام العطل الى خلل واضح وعدم التزام حرفي بتوقيتاته.
ما يجعل الاعمال المنزلية معرضة للإلغاء هو الفارق الكبير بين العمل الحكومي او الرسمي وبين الاعمال المنزلية، فالأعمال الرسمية يوجد من يطالب بإنجازها ويحث على إكمالها بالصورة المطلوبة، ويتعرض المخالف الى عقوبة بحسب التقصير فقد يصل الامر الى التوبيخ او لفت نظر وغيرها من أنواع العقوبات.
بينما الاعمال المنزلية يوجد فيها نوع من الحرية او المساحة التي تجعل الفرد يفكر بالتأجيل او الإلغاء في بعض الأحيان، وهذا الفارق بحد ذاته هو المحرك الرئيس وراء اكتمال الاعمال او تأخرها، ولذلك تنشب العديد من المشاكل العائلية وفق هذا النمط من التعامل اليومي.
الجسم وبواسطة العمل المستمر لفترات طويلة يتعود على نمط معين، وهو بقاءه على حالة من الاستعداد اليومي الى النهوض والنشاط مما يجعله على حالة عالية من النشاط وفي أي وقت من اليوم ضمن نطاق ساعات العمل المعتاد عليها، ومن الملاحظ ان أي خلل او تغيير في النظام المتبع سيؤدي الى خلل في البرنامج العام لهذه الشخصية.
فالتوقف عن العمل فجأة، قد يبدأ العقل الباطن في استدعاء جميع الاحتمالات السلبية، ومنها كما أسلفنا الشعور بالمرض الوهمي، ومحاولات الظهور بمظهر الانسان الخامل او الضعيف، طالما يشعر بانه يتمتع بعطلة رسمية، او قد يصاب بحالة من التوتر والقلق طيلة فترة المكوث في البيت.
ومن علامات عدم الارتياح من الوجود في المنزل كثرة افتعال المشاكل المنزلية، فهل شعرتي بهذه العلامات قبل ذلك سيدتي؟
بالتأكيد تمنيتي ان تنتهي العطلة على وجه العجالة للخلاص من حالات الشد والجذب الحاصلة في المنزل على طوال اليوم طالما الشخص متواجدا، وهنا ترغب الزوجة او الأخت او الام من تصرفات هذا الشخص الغريبة في ظل تواجده.
يمر الموظف او العامل في القطاع الخاص بضغط فريد على مدار أيام الأسبوع، خصوصا إذا كان من أصحاب المسؤولية، يقع عليه العبء الأكبر
يحدث ذلك بالطبع عندما يحصل تغيير مفاجئ بالروتين اليومي، سوى على مستوى العطل الدورية او الانقطاع غير المتوقع، فعلى سبيل المثال ما حصل في زمن جائحة كورونا حصلت الكثير من حالات الطلاق والمشاكل الاسرية الأخرى، وأُجريت دراسات كثيرة في هذا المجال لمعرفة الأسباب التي تدفع الفرد الى هذا النوع من الانفعالات.
ويؤثر الانقطاع عن العمل لفترة طويلة على الاستقرار البيولوجي لفرد، ويحصل جراء ذلك عدم اعتدال او توازن في التصرفات اليومية، لذا ينصح الخبراء في المجال الاسري بعدم الجلوس طويلا في المنزل، في إشارة ضمنية منهم الى حدوث مثل هذه الحوادث المنزلية باستمرار.
الخُلاصة؛ قد يكون من الأخطاء السائدة هو التعويل على الإجازات سواء الطويلة او القصيرة، ونضع من اجل ذلك خططا عالية التوقعات التي بدورها شكل ضغطا نفسيا على الانسان لساعات طويلة من اليوم، لذا يتطلب ان تكون العطلة استراحة على جميع الأصعدة، لتكون محطة استرخاء بعيدا عن ضغوطات العمل المتواصلة.