بعد ان يولد الانسان يتموضع في قوالب مهمة ليأخذ شكل هذه القوالب، القالب الاول الذي يوضع فيه الانسان هو المنزل، وبعدها رياض الاطفال والمدارس الابتدائية والى آخر مرحلة مدراسة، علاوة على القوالب الاخرى التي من ضمنها المحيط الاجتماعي.
وكل هذه القوالب تهدف الى هدف مشترك وهو تنظيم الانسان وترتيب اوراقه وإبعاده على العبثية الفطرية التي يولد مجبول عليها، وقد يحدث ان تغفل او تعجز كل هذه البيئات القيام بمهمة التنظيم ليقوم هو بتنظيم ماريد تنظيمه في شخصيته وهو مايعرف علمياً بالتنظيم الذاتي، فماهو وما هي ايجابيته؟
ماهو التنظيم الذاتي؟
يعرف التنظيم الذاتي على انه وعي الانسان بالسلوك الذي يقوم به، والاستعداد الدائم لتحقيق الأهداف عبر مساعدة الذات في ذلك، معتمداً على إمكاناته الذاتية بعيداً عن اي تدخل سواء من المقربين ام من الابعد منهم.
ويعتبر علم النفس التنظيم الذاتي جزءاً أساسياً من سلوك الإنسان يشتمل إدارة وتعديل أفكاره، وعواطفه، وسلوكياته وذلك وفقاً لمتطلبات الوضع ويشمل مجموعةً واسعةً من المهارات؛ مثل كبح الردود الانفعالية الاندفاعية، وإدارة العواطف السلبية بفعالية، وتحديد أهداف شخصية، والعمل بجدية نحو تحقيقها تحقيقاً موضوعياً واقعياً ينفع الفرد وليس صورياً يراد منه الاستعراض.
اشارة هامة:
حين يتعلم الأطفال التنظيم الذاتي للمشاعر والسلوكيات والانتباه فهذا يساعدهم على استيعاب التحديات والفرص في عالمهم في المستقبل، وحين اشرنا الى ان قوالب الطفولة تكون في المنزل، فأننا نعني ان الطفل ليس قادراً على تنظيم ذاته وهو لايزال معتمداً على والديه او من يقومون بتربيته، وعلى الوالدين ان يدربانه على التنظيم الذاتي من ايام الطفولة الاولى.
تنظيم الطاقة الداخلية للانسان وهو ما يتعلق بتنظيم المشاعر والسلوك والانتباه، بمعنى تنظيم الحركات والنشاط العاطفي الداخلي للفرد
بتقديري ان مهارة التنظيم الذاتي ليست ضرباً من ضروب الترف الانساني، بل هي حاجة انسانية ملحة يحتاج الانسان الى تعلمها لعائداتها الايجابية الكبيرة والمهمة، ومنها التدرب على كونه قدوة للآخرين، والقدرة على الانفتاح للتغيير، ومعرفة المحفزات الخاصة بكل شخص والتي تغير فيه للاحسن.
ثم إن مهارة التنظيم الذاتي تعلم الانسان كيفية التراجع عندما تصبح أفكاره سلبية وهو ما يجعله يحافط على هدوئه في المواقف التي تثير التوتر والافراط في التفكير في العواقب السلبية، وتزيد من العمل على الثقة بالنفس.
ما هي اركان التظيم الذاتي؟
للتنظيم الذاتي ثلاث اركان رئيسة وهي:
الاول: تنظيم الطاقة الداخلية للانسان وهو ما يتعلق بتنظيم المشاعر والسلوك والانتباه، بمعنى تنظيم الحركات والنشاط العاطفي الداخلي للفرد.
الركن الثاني: من اركان التنظيم الذاتي يتجلى في تنظيم الشعور ويكمن في عملية المبادرة إلى حصول كسب المشاعر، والمحافظة عليها، وتعديلها.
الركن الثالث: والاخير هو محاولات ضبط السلوك وتنظيم التفاعلات الاجتماعية مع الآخرين وتنسيق الحركات الجسدية، بالارتكاز على الركنين السابقين، فإذا لم يحسن الانسان التعاملَ مع مشاعره ستفلت منه سلوكيات غير سوية وغير قابلة للمعالجة احياناً.
ما هي مردودات التنظيم الذاتي؟
للتنظيم الذاتي الكثير من المردودات الايجابية على الانسان اهمها ما يلي:
مهارة التنظيم الذاتي ليست ضرباً من ضروب الترف الانساني، بل هي حاجة انسانية ملحة يحتاج الانسان الى تعلمها لعائداتها الايجابية الكبيرة والمهمة
على المستوى العاطفي يعمل التنظم الذاتي على موازنة مشاعر الانسان والتحكم بها في حالات الحزن، والغضب، والاثارة، والعصبية، وغير ذلك من المواقف النفسية المختلفة، وبالتالي يكون عاملا مساعد على التصرف بطرق اكثر مقبولية ومنطقية.
اما على المستوى العقلي فإن التنظيم الذاتي يحسن من العلميات العقلية المتمثلة بالتعلم والاستذكار، والفهم، والاستيعاب، سواء في البيئة الدراسية أو في مكان العمل، كما يساعد الأفراد على التركيز في مكان العمل لإتمام المهمة التي يراد منه انجازها على عكس الفرد العبثي فأنه يكون غير متحكم في تركيزه وبالتالي هو اقل فاعلية. وعلى المستوى الاجتماعي فإن التنظيم الذاتي الاجتماعي يتيح للإنسان ان ينظّم سلوكه بطرق تجعله مقبولا اجتماعياً ويساعده في بناء العلاقات من خلال عدم السماح للعواطف القوية أو الاندفاعات بالتحكم في سلوكه، ولأجل كل هذه الايجابيات يجب ان يعمد الانسان الى تنظيم ذاته بذاته.