في خضم تلك الأحداث بعد رحيل رسول الله، صلى الله عليه وآله، رفعت السيدة الزهراء، عليها السلام، راية المقاومة فكانت الحق فيما قالت، والصدق فيما طالبت وكان لها السبق في الدفاع عن مقدرات الأمة الإسلامية، هذا ما تخبرنا به الأحداث والمواقف التي قامت بها.
ولخّصت ما قامت بخطبتها الفدكية إذ ذكرت أولاً؛ بمكانة الجهاد، بعد ذكرها لبقية الفرائض؛ “وَالْجِهادَ عِزاً لِلإْسْلامِ”.
وبعدها حركت السيدة الزهراء شيئاً في الأمة آنذاك استمرت مآلاته تالياً، فالسيدة الزهراء بدفاعها عن حقها في فدك، دافعت من خلالها أيضا عن قضية حساسة جداً وهي؛ القيادة الإلهية الحقة، وبينت مكانتها من هذه القيادة: “فَإنْ تَعْزُوه وَتَعْرِفُوهُ تَجِدُوهُ أبي دُونَ نِسائِكُمْ، وَأخا ابْنِ عَمَّي دُونَ رِجالِكُمْ”.
وألفتت عن موقف الأمة منها، وبثت الروح فيها من خلال ما قالت في خطبتها باستنهاضها الأنصار؛ “أيْهاً بَنِي قَيْلَةَ أاُهْضَمُ تُراثَ أبِيَهْ وَأنْتُمْ بِمَرْأى مِنّي وَمَسْمَعٍ، ومُبْتَدأٍ وَمَجْمَعٍ”؟!
ونادت بحرية الإنسان وانتشاله هو الآخر من ظلمات الجاهلية واستنهاضه لحالة التغيير؛ “وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ، مُذْقَةَ الشّارِبِ، وَنُهْزَةَ الطّامِعِ، وَقُبْسَةَ الْعَجْلانِ،وَمَوْطِئَ الأقْدامِ، تَشْرَبُونَ الطّرْقَ، وَتَقْتاتُونَ الْوَرَقَ، أذِلَّةً خاسِئِينَ، {تَخافُونَ أنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِكُمْ}.
وما هو مهم؛ أن السيدة الزهراء رسمت خارطة المقاومة والمقاومين في رد الظلم، و إعلاء الحق، والمطالبة بحق الأرض، لا بكونها أرضاً، بل بما تحويها من قيم ومبادئ يتجاوز عليها الظالمون والمستكبرون للحق ولا يزال، “فها هم أبناء فاطم وحدهم بعد الف تصرمت يطالبون الاقاصي الأرضيا”، يدافعون عن قيم فلسطين ولبنان، و عن قيم الإسلام عن روح الإسلام.
وغيرهم ممن قالت عنهم في خطبتها: “أَلا قَدْ أرى أنْ قَدْ أَخْلَدْتُمْ إلَى الْخَفْضِ، وَأبْعَدْتُمْ مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالْبَسْطِ وَالْقَبْضِ، وَخَلَوْتُمْ بِالدَّعَةِ، وَنَجَوْتُمْ مِنَ الضِّيقِ بِالسَّعَةِ، فَمَجَجْتُمْ ما وَعَيْتُمْ، وَدَسَعْتُمُ الَّذِي تَسَوَّغْتُمْ، {فَإنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأْرْضِ جَمِيعاً فَإنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ}”.
و أخيراً نقول: إن ما ذكّرت به الصديقة الزهراء نافذٌ، وما طالبت به حقٌ واضح، وللخبيث من الطيب مائز، وبعد ما أصابها منه حادثاً وتالياً للأيام شاخص.
و إن التاريخ يحوي صور متقابلة في الغالب تتداول بين الناس على مر الأزمنة والامصار يذكرها القرآن؛ {وتِلْكَ الأيامُ نُدَاولْها بَيْنَ النَّاسِ}.
فقد تكون فدك اليوم فلسطين، وقد يكون فرعون اليوم صهيون، وفي هذا الصدد إشارات و دلائل.