منذ أن بدأت مسيرة الإنسان قديما وهو لديه نزعة لحماية نفسه، وسعى لان يستحوذ على موارد لازمة لبقائه ومتعدية لإشباع شهواته إلى أن تكون دالة على إفراطه فطغى {إنَّ الإنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَأَهُ اسْتَغْنَى}، فبدأ صراع الإنسان مع نظيره الإنسان.
ومن لطائف الله ورحماته بعث انبياءه، وواتر رسله، وانزل كتبه ليذكر أن ما يسير عليه المجتمع من تقدم بدون القيم الأخلاقية والدينية يكون بين إفراط وتفريط عارم، وبذلك يقول الامام علي، عليه السلام “ليستادوهم ميثاق حكمته و ليذكروهم منسي نعمته وليثيروا لهم دفاىن العقول”، إشارة لمنظومة القيم الأخلاقية والدينية المتكاملة التي لابد أن يتذكرها الإنسان ويعود لها أثناء مسيرته التكاملية، وإلا {إنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}.
فيعطينا كلام الله منهجا ليخبر أنه لا تكون حياة وخطوط الانسان على حساب الهدف و على حساب القيم، قال ــ تعالى ــ: {قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ}.
إن أهم ما يحمله الإنسان العامل في سبيل الله هي تلك الثقافة القيمية والأخلاقيات الدينية، مع ما عنده من خطوط ضغط التي تذكرها الاية، و اذا كانت هذه الخطوط في نفس خط الله ورسوله فبها ونعمت، واذا كان الإنسان تحت ضغط هذه الخطوط، بل وانصرف لها وكان حبه لها واقباله عليها على غرار خط الله ورسوله فهنا يقع الإنسان بين إفراط وتفريط .
في واقعنا ما نشهده من أحداث وهذا الوضع الصعب الذي تمر به الأمة الإسلامية الذي قد يتطور، ترى عند ترجيح الأولويات وعند احتدام الخُطب، هل يكون الله ورسوله والتكليف الشرعي احب إلينا ام الماديات ام متطلبات البيئة و العشيرة أم الاموال والمساكن؟
بل يصل بالبعض إلى خذلان خط الجهاد في سبيل الله، والمشكلة الأكبر أن الإنسان هو الذي يجعل من هذه الخطوط قيودا تمنعه من أداء تكليفه فترى ذلك حاصلا في ظرفنا هذا عن لسانهم :ماذا ندعم المقاومة وما الداعي أن تكون الحرب خيارا؟
ولماذا ندعم المسلمين في لبنان وفلسطين أن هذا سوف يضر الحالة الاقتصادية وقد يفرض حصارا ما؟
او كما يقولون: نحن “بلد مستقر ” مستقرين وبعيدين عما يحصل من حرب في غزة ولبنان فما دخلنا؟
لا اعرف هل تنتظر دورك .وهنا لم يتخلوا عن مسؤوليتهم، فحسب بل كانوا مسلّمين لخطوط الضغط وللحياة المادية مقابل القيم الأخلاقية والتعاليم الإسلامية .
إن أهم ما يحمله الإنسان العامل في سبيل الله هي تلك الثقافة القيمية والأخلاقيات الدينية
وهذا ما يريده الغرب وأعداء الإسلام وهم يغدقون الأمة بالترف، وبهارج الحياة المادية وجعلها الأساس و المحور ليصرفوا الأمة من أن تقول:
- لا بوجه الظلم.
- أن تقول: كفى لسياسة تخدير الشعوب.
- أن تتحمل الأمة مسؤوليتها وتقاوم.
- أن لا تصبح معولاً بيد العدو، و تكون ادوات تثبيط و إحباط للعاملين في هذه الأمة.
فإذا وضعنا الأمر بين كفتي ميزان او بين موضعي اختيار فـ”حب الدنيا و حب الله لا يجتمعان في قلب ابدا) عن الرسول الكريم، صلى الله عليه وآله، فلا تكن تحت ضغط الخطوط بل اجعلها روافد في خط الله ورسوله في خط الإسلام والسلام.