تربیة و تعلیم

ولدي كُن صبوراً

في عصر باتت فيه السرعة هي السمة الأساسية في شتى المجالات، فإذا احتجنا شاحن للهاتف نطلب ذلك على الهاتف وخلال ٢٤ ساعة يصل الينا، واذا نقصت عندنا مواد في البيت أو لربما اشتهينا نوعاً ما من الطعام ينحل ذلك الأمر باتصال ونحصل على ما نريد، والكثير الكثير من هذه المواقف .

ولكن مع كل ذلك فتعليم الاطفال الصبر ليس بالأمر المستحيل، وعلينا أن نتفق أنّه ليس من أمور الرفاهية بل هو ضرورة وواجب يحتاجه الطفل في كافة مراحل حياته العمرية، بل يواجهه ويحتاجه في كل تفصيل وموقف يمر به .

فائدة غرس سمة الصبر في نفوس الاطفال  

يقول أمير المؤمنين عليه السلام: “الصبر أحسن خُلل الإيمان وأشرف خلائق الإنسان”، إنَّ مهارة الصبر ضرورية يحتاجها الطفل لينضج، فهي تساعده على تنمية مهارات التفكير، وايجاد حلول للمشكلات والعقبات التي يواجهها، أمَّا على الصعيد النفسي فمهارة الصبر والتحمُّل تشعره بالسلام الداخلي ويغدو قويَّ الشخصية، وتجعله راضياً عمَّا ينجزه، وعندما يكبر يصبح قادراً على التعامل مع الآخرين، وأقل قلقاً وتوتراً، وأكثر تركيزاً على أهدافه .

وقلة الصبر تجعل الطفل اندفاعياً، ولربَّما يتصرف بشكل غير لائق، فهم يواجهون صعوبة في التفكير بهدوء قبل أن يتصرفوا، أو لربَّما يقاطع والديه في الحديث ليحصل على ما يريد على الفور .

والأهم من ذلك كلِّه أنَّه قيمة خُلقية ومظهر من مظاهر الشخصية الإنسانية المؤمنة، تُعرف به حقيقة الإيمان وحسن اليقين بالله.

معنى الصبر:

الصبر في اللغة حَبس النفس عن الجزع، قال الله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَه}، وقيل: الصبر “الحَبْسُ والكَفُّ فِي ضِيق”، وَمِنْه قيل: فُلانٌ صُبِر، إِذا أُمْسِك وحُبِسَ للقَتْلِ، فالصَّبْرُ: حَبْسُ النَّفْسِ عَن الجَزَعِ، وحَبْسُ اللّسَانِ عَن الشَّكْوَى، وحبْسُ الجوارِحِ عَن التَّشْوِيشِ.

و يعرَّف بأنَّه القدرة على تحمُّل الصعاب، والقدرة على القيام بأمور صعبة تفصيلية، وقدرة تحمُّل تأخر الحصول على الأشياء التي نرغب بها، و الصبر صفة تدل على كمال المرء .

كيف أعلِّم طفلي الصبر؟

نظراً لما سردناه عن أهمية مهارة الصبر، كان علينا البحث عن خطوات عملية تساعد الأهل على تمكين أطفالهم من هذه المهارة .

تشجيعهم بعد ممارسة الصبر في موقف معين من خلال المديح والإثناء على فعلهم، ومن خلال المكافئات المادية والمعنوية، كأخذهم في الأحضان وتقبيلهم، أو وعدهم بالذهاب للتنزه أو اللعب في مكان يفضلونه

من أهمِّ الخطوات لذلك:

١- أن نتحلّى نحن كأهل بصفة الصبر في كل الأوقات، فالوالدين هم القدوة الاولى التي يأخذ منها الطفل وهذا مايسمى بالتربية بالسلوك، فلا يمكن لنا أن نطلب من أطفالنا الصبر، ونحن نتذمر من الانتظار في طابور لشراء شيء ما، أو في معاملة شخصية.

٢- أن نفهم شخصيتهم، فهم لا يدركون الوقت ولا يعلمون معنى الانتظار، فعلينا تعليمهم معاني هذه المصطلحات كالوقت والانتظار والصبر والتأنِّي وغيرها .

٣- التدريب اليومي على الصبر من خلال المواقف اليومية سواء في البيت أو الشارع، بعدم تقديم كل ما يريدونه في الحال حتى وإن كان متوفراً.

٤- تشجيعهم بعد ممارسة الصبر في موقف معين من خلال المديح والإثناء على فعلهم، ومن خلال المكافئات المادية والمعنوية، كأخذهم في الأحضان وتقبيلهم، أو وعدهم بالذهاب للتنزه أو اللعب في مكان يفضلونه.

٥- عدم الاستجابة لردات أفعالهم عند نفاذ صبرهم، وعليك تذكيره بأنَّ لكل شيء موعده، ليفهم أنَّ الانتظار جزء من الحياة .

 ٦-عندما يكبر الطفل قليلا تستطيع أن تجلب له تقويماً، ليتعلَّم الأيام والأسابيع والشهور والسنوات، فإذا كان ما يريده يحتاج لأسابيع ،فيشطب الأيام التي تمر ويحدد الوقت الذي سيحصل عليها فيه، فيسهل عليه الانتظار .

٧- انجاز مجموعة من التدريبات والتمارين العملية التي تساعده على تقوية مهارة الصبر، كالزراعة وانتظار الانبات والاثمار، لعبة الصمت لمدَّة من الوقت، عمل الحلويات، صيد الأسماك، نقل كمية من الماء بالقطارة، البزل، عرض عالم الحيوان له بشكل مبسط فيرى مراحل تشكُّل الفراشة وغيرها.

٨- الوفاء بالوعد بعد أن ينجح في الانتظار والصبر، فهذا أكبر مشجع له، على ممارسة الصبر من جديد .

نرى أنَّ هناك ارتباط قويٌّ بين قدرة الانسان على الصبر، وقدرته على التحكم بنفسه، و الصبر من السمات التي لا يستطيع الجميع امتلاكها بسبب عدم تعلمها وممارستها منذ الصغر، لذا من الضروري تعليم الطفل الصبر في مراحل عمرية مبكرة من خلال بعض المواقف اليومية التي يتعرض لها والتي تحتاج لضبط النفس.

الوفاء بالوعد بعد أن ينجح في الانتظار والصبر، فهذا أكبر مشجع له، على ممارسة الصبر من جديد

 لذلك علينا تدريب الطفل على إدارة مشاعره، فمن المعروف أنَّ أكثر المشاعر صعوبة بالنسبة للأطفال الصغار هي مشاعر الخوف والغضب، ويمكن للطفل الوعي بمشاعره  لارتباطها بمواقف محددة، فيستطيع تجنب ما يزعجه من عمر السنتين تقريباً، و يمكن اختيار المواقف المزعجة للطفل وإلهائه عنها، فبحسب الدراسات تعتبر من أفضل الاستراتيجيات الفعالة لمساعدة الأطفال الأصغر سناً على التعامل مع الغضب وضبط النفس في تشتيت انتباههم عنها.

جعلنا الله واياكم ممن يتحلى بالصبر، ويدرِّب أولاده على مهارة الصبر.

عن المؤلف

المُدربة: عبير ياسر الزين

اترك تعليقا