بأقلامکم

الإنسان والإيمان

لو كانت لدينا النظرة الصحيحة عن الكون والحياة، ولو أعتبرنا نظام الوجود متعادلاً متوازناً ورفضنا وجود العبث والفراغ في هذا النظام، لما بقي أمامنا إلا الاعتراف بأن جهاز الخليقة العظيم لم يترك هذه الحاجة الكبرى هملاً، بل قدم الإطروحة اللازمة من أفق يسمو على أفق العقل الإنساني، أي من أفق الوحي (مبدأ النبوة).

لكن الإنسان تكبّرَ على هذه الحقيقة (مبدأ الوحي) وراح هو بنفسهِ يصطنع فكراً يتناسب مع أهوائه ومصالحه الشخصية، فظهر بعدة أفكار منها؛ الفكر الماركسي والرأسمالي والشيوعي والنازي وغيرها من الأفكار التي لم تنجح في إرتقاء الإنسان الى مستوى الفضيلة والحياة الكريمة، فصارت الحياة عبارة عن تجربة لفكر منحرف تعيش ضحيتها الإمة من حروب عبثية، وجوع، وحرمان ثم يضعف ويأتي فكر منحرف آخر يحل محله.

 قد يعترض أحدهم ويقول النظام الرأسمالي حقّق إنتصارات عظيمة في مجالات التقنية، ووسائل الإنتاج، وصنع الآلة!

هذا فهم قاصر لأن من المفترض أن تسير البشرية نحو التطور المادي والمعنوي، وليس تبني التطور المادي فقط، فالتطورالمادي (العلمي) إذا لم يقترن بالإيمان، سيكون سيفا في يد متهور أهوج، ومصباحا في يد سارق يستخدمه في انتقاء الأفضل عند السرقة، وهذا هو حال العالَم اليوم فهو قائم على حروب العبثية، وقتل، وتشريد، وإستثمار الفقراء لصالح الأغنياء، والضعيف لصالح القوي .

 الإيمان هو الحل

إن عقل الإنسان وحده غير قادر على إدارة الحياة كما بينا أعلاه، كونه يتأثر بالبيئة والأهواء والشهوات، فهو بحاجة إلى موجّه حقيقي يسمو عن الذاتية والفردية، ليس فيه ربح أو منفعة شخصية، وهذا دور الإيمان الديني، فهو يربي النفوس، ويحترم الحق، ويقدس العدل، ويألف القلوب، ويزرع الثقة المتبادلة بين الأفراد، ويعمق التقوى والعفاف في أعماق الإنسان، ويدعم القيم الخلقية، وينمي شجاعة مواجهة الظلم في النفوس، ويبني أواصر ودية بين الناس مما يجعل أحدهم يحب الآخر، ويكره لهم ما يكره له، ويثق أحدهم بالآخر ثقة نابعة من الخصال الروحية، ويحس جميعهم بمسؤوليته الإجتماعية.

أغلب المفكرين أدركوا اليوم أن الإتجاه العلمي عاجز عن صناعة الإنسان، والتربية العلمية من الممكن أن تصنع الإنسان القوي المقتدر لا صاحب الفضيلة.

يقول محمد اقبال اللاهوري : البشرية اليوم بحاجة إلى مبادئ أساسية ذات مفعول عالمي تدفع المسيرة البشرية نحو التكامل على أساس روحي”.

و هذا يعني إن الإنسان لا يستطيع أن يحيا حياةً سليمة، ولا يقدر أن يقدّم للبشرية وللحضارة البشرية عملا نافعاً مثمرا ما لم يحمل مُثلاً وإيماناً وأهدافاً سامية تسبق عمله.

عن المؤلف

أحمد محمد

اترك تعليقا