مناسبات

نجوم في سماء الحسين.. الطفلة رقية

قال الشيخ الوائلي (رحمه الله)

أسفر الصبح يا شام فقولي

لبقايا الظلام في الأفق زولي

كانت ولا زالت نهضة الإمام الحسين، عليه السلام، وثورته المعطاء معيناً لا ينضب لكل قيم الخير والنبل والفضيلة، ولا زال بإمكاننا أن نكتشف كنوزها، ونثير دفائنها أن أحسنا استخدام الآلات الصحيحة للكشف والتنقيب.

 وليس مجازفة أن ندّعي أن هذا الحدث التاريخي الموغل فى القدم باستطاعتنا أن نبصر به الحاضر وتستشرف منه المستقبل، فنسير بخطى واثقة صوب الغاية المنشودة وهي التكامل.

 ولكن يتطلب منا ذلك  بصائر نافذة وقلوباً واعية؛ فإنك لو وضعت يدك على أي جزء من أجزاء هذه اللوحة التي ابدعتها يد السماء بريشة المعصوم فأنك ستقع على منجم غني بأنفس العبر وأبلغ العظات والدلائل، وكأن الله ــ سبحانه وتعالى ــ أراد أن يعطي البشرية عبر مواقف وأحداث النهضة الحسينية جرعة مركزة من الفضائل والمناقب وأرقى درجات القيم الروحية والمعنوية؛ لتكون إحدى حجج الله البالغة على خلفه: {وَقُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةٌ فَلَوْ شَاءَ لهداكم أَجْمَعِينَ}، {و وَلَيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَليَحْيى مَنْ حَى عَنْ بَيْنَةٍ وَإِنَّ الله لسميع عليم}، ولكن لا ينبغي أن يغيب عن بالنا أننا لا نقدر أن نغترف من.هذا البحر الزاخر والعباب إلا بقدر أوعيتناالمحدودة وجهودنا القاصرة.

فصول الأسى الحسيني كثيرة، فيحار المرء عند أي فصل يقف، فكلها تُدمي القلوب قبل العيون، وحقاً نقول تعساً لقلوب لا تُدميها مصائب الطف وما بعدها، ومن تلكم الفصول الحزينة ذكرى استشهاد السيدة رقية بنت الحسين، عليهما السلام

ونحن في هذا المقال الموجز نروم الاقتراب من نجمة سطعت في سماء الإمام الحسين، عليه السلام، وهاجةً، لكن ما اقصر عمرها، و عَلَمٌ  وعنوان لأريج الشهادة لنستنشق من روض سيرتها المعطار عبير الولاء والوفاء والتضحية في سبيل الحق والهداية، ولتكن صورةً ناصعةً وقدوة حسنة لفتياتنا في كل مرفق من مرافق الحياة؛ من البيت والمدرسة وصولا إلى الجامعة، انموذجا نبيلا للصبر والوفاء والحياة الأسرية التي يحسدنا عليها الغرب الآن.

وتلك النجمة الساطعة هي الشهيدة السعيدة رقية بنت الامام الحسين، عليها السلام

ونحن في هذا المقال الموجز نروم الاقتراب من نجمة سطعت في سماء الإمام الحسين، عليه السلام، وهاجة لكن ما اقصر عمرها، و علمٌ، وعنوان الأريج  للشهادة، لنستنشق من روض سيرتها المعطار عبير الولاء والوفاء والتضحية في سبيل الحق والهداية.

فصول الأسى الحسيني كثيرة، فيحار المرء عند أي فصل يقف، فكلها تُدمي القلوب قبل العيون، وحقاً نقول تعساً لقلوب لا تُدميها مصائب الطف وما بعدها، ومن تلكم الفصول الحزينة ذكرى استشهاد السيدة رقية بنت الحسين، عليهما السلام، التي تكاد النفوس المؤمنة أن تفيض من فرط الأسى والحزن لذكرى مصابها الأليم.

إن السيّدة رقية، عليها السلام، حضرت واقعة كربلاء، وهي بنت ثلاث سنين، ورأت بأُمّ عينيها الفاجعة الكبرى والمأساة العظمى، لما حلّ بأبيها الإمام الحسين، عليه السلام، وأهل بيته وأصحابه من القتل، ثمّ أُخذت أسيرة مع أُسارى أهل البيت، عليهم السلام، إلى الكوفة، ومن ثمّ إلى الشام.

دورها الأبرز كان في خربة دمشق جوار عروش الظالمين من بني أمية، فكانت صرختها، سلام الله عليها، هزة عظيمة لأركان السلطان الأموي فكانت بحق “كلمة حق عند سلطان جائر”، صرخات تتلو صرخات قائلة: (أين أبي …أين أبي) لله درك يا مولاتي وأنت لم تتجاوزي الربيع الرابع من عمركِ.

وتُشير الروايات الى أنّه أثناء مكوث أهل البيت، عليهم السلام، في خربة الشام رأت السيدة رقيّة في منامها أباها الحسين(عليه السلام) فانتبهت من منامها وقالت: أين أبي الحسين؟ فإنّي رأيته الساعة في المنام مضطرباً شديداً، فلمّا سمعت النسوة بكين وبكى معهنّ سائر الأطفال وارتفع العويل، فانتبه [الملعون] يزيد من نومه وقال: ما الأمر؟

فتفحصوا عن الواقعة وأخبروه بالأمر، فأمر أن يذهبوا برأس أبيها إليها، ولمّا أتوا بالرأس الشريف وجعلوه في حجرها قالت: ما هذا؟ قالوا: رأس أبيك. ففزعت الصبيّة وصاحت وأَنّتْ فتوفّيت ومضت سعيدةً الى ربّها مخبرةً جدّها رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وجدَّتها الزهراء، صلوات الله عليها، ما لقيت من ظلم الطغاة.

دور السيدة رقية الأبرز كان في خربة دمشق جوار عروش الظالمين من بني أمية، فكانت صرختها، سلام الله عليها، هزة عظيمة لأركان السلطان الأموي فكانت بحق “كلمة حق عند سلطان جائر”

وتوفّيت السيدةُ رقيّة بنت الحسين في الخربة بدمشق -الشام- في الخامس من شهر صفر سنة (61هـ) ودُفِنت في المكان الذي ماتت فيه وعمرُها ثلاث سنوات أو أربع أو أكثر من ذلك بقليل -على اختلاف الروايات- وقد قال صاحبُ معالي السبطين: “إنّ أوّل هاشميّةٍ ماتت بعد مقتل الحسين (عليه السلام) هي رقيّة ابنته في الشام”.

ويقع قبرُها الشريف على بعد مئة متر أو أكثر من المسجد الأمويّ في دمشق في باب الفراديس بالضبط، وهو بابٌ مشهورٌ من أبواب دمشق الشهيرة والكثيرة وهو قديم جدّاً.

فسلام لتلك الشهقة وتلك الكلمات من الشفاه الذابلات وذلك الأنين الممزوج بسياط الظلم والجور والعدوان.

عن المؤلف

كريم الموسوي

اترك تعليقا