مرور أيام قليلة على واقعة الطف لا ينسينا عظيم المصيبة والاعتبار بنتائجها، والحقيقة أن المصاب بعد الوقوع أكثر تأثيراً من إحساس الإنسان بالمصيبة قبل وقوعها، ثم نتائج المعركة والتضحية تبدو عادة بعد انتهاء المعركة.
وبقي الدور الرئيسي في متابعة مهمة الإمام الحسين، عليه السلام، على عاتق السيدة زينب، سلام الله عليها، التي أدت هذه الادوار الصعبة على خير ما يمكن ان تؤدى، فهي لا شك أصيبت بما أصيب به الحسين، عليه السلام، يوم عاشوراء من المصائب والأحزان ثم أنها اصيبت بقتل الحسين وباقي أخوتها وأولادها عون ومحمد سلام الله عليهم أجمعين.
فجاء دور العقيلة زينب، عليه السلام، في تصوير واقعة كربلاء بكل مآسيها الدامية قولا وفعلا وموقفها وصمودا، حيث وقفت أمام الشهداء والأبطال قائلة: اللهم تقبل منا هذا القربان، هذا القول هو إعلام الجميع بأن هذا الموقف كان بملء إرادتنا، لم يفرض علينا، لم يقل أحد أن تأتوا وتقتلوا، نحن بملء حريتنا وقفنا هذا الموقف البطولي أمام الطاغوت، كما عبرت، سلام الله عليها، في مجلس ابن زياد عندما سألها وقال لها : كيف رأيت صنع الله بأخيك؟
قالت: “والله ما رأيت إلا جميلاً هؤلاء رجال كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم”. فإذن دور العقيلة زينب هو دور إتمام لمهمة الحسين ع وإبراز معركة كربلاء بمظهر الكرامة والعز.
أينما كانت تحل الحوراء زينب كانت تحرك الناس وكانت تعكس الدعاية الأموية وخلال فترة وجيزة جميع الأقطار الإسلامية عرفوا بالقضية والحقيقة أصبحت واضحة
ومرة أخرى وقفت شامخةً أمام طغاة العصر يزيد بن معاوية في قصره، حيث فضحت كل شيء وتبين كل شيء، حتى ان زوجة يزيد تغطت بقميصها وخرجت من القصر وطالبت وأصرت وألحت على دخول زينب وأهل بيت الحسين ع إلى دارها .
فبدأت الحركة من بيت يزيد، فماذا يصنع ؟
هل يستطيع ان يقتل كل الناس؟
أينما كانت تحل الحوراء زينب كانت تحرك الناس وكانت تعكس الدعاية الأموية وخلال فترة وجيزة جميع الأقطار الإسلامية عرفوا بالقضية والحقيقة أصبحت واضحة.
وكانت تلقي الخطب والكلمات لفضحه وإفشال خطته وكانت خطبة العقيلة زينب الكبرى والإمام السجاد في الكوفة والشام مثالاً للمواجهة في الأسر، وقد عابت السيدة زينب، عليه السلام، على يزيد سوء عمله الظالم ذاك على ما فيه من خروج على الدين وقالت: “أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى، أن بنا على الله هواناً أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإمائك وسوقك بنات رسول الله سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وجوههن تحدو بهنّ الأعداء من بلد إلى بلد ويستشرفهن أهل المناهل والمعاقل”.
يمكن القول أن الإمام الحسين، عليه السلام، كانت له حسابات وتدابير دقيقة من اصطحاب النساء والأطفال معه إلى كربلاء من جملة تلك التدابير، ليكونوا من بعده قد رأوا المشاهد وآلام العاشر من محرم، وليكونوا واسطة رسالة دماء الشهداء، ولكي لا يتسنى لحكومة يزيد إسدال الستار على تلك الجريمة الكبرى أو إبراز تلك القضية بشكل آخر.
اذا كان الراوي من طرف السلطة الباغية و المتسلطة بلا شك فإن الناس تصدق ذلك وكيف لا وبالأمس القريب معاوية بن أبي سفيان يسنُّ سب وشتم اول الموحدين، وامير المؤمنين الامام علي، عليه السلام، والناس تطيع وتمتثل، وأحفاد ذلك في العصر الحديث يسيرون بسيرة قدوتهم في النيل من اتباع أهل البيت، عليهم السلام، بكل الطرق والشبهات ومن تلك الشبهات لايجوز الزيارة للنساء
فنحن نقتدي بسيدة النساء، والعفة والوقار؛ إذ إن الزهراء، عليها السلام، ــ وهي المعصومة من كل خطأ ــ خرجت ماشية لزيارة القبور؛ فيكون فعلها حجة، ولا شك في أن الخروج لزيارة قبر سيد الشهداء، عليه السلام، لهو أعظم من زيارة قبور المؤمنين؛ فما تفعله المؤمنات السائرات لقبر الحسين إنما هو اقتداء بسيرة ومسيرة الزهراء ع ، كما إنه إسعاد ومواساة لها، كما تقدم ذلك.
يمكن القول أن الإمام الحسين، عليه السلام، كانت له حسابات وتدابير دقيقة من اصطحاب النساء والأطفال معه إلى كربلاء من جملة تلك التدابير، ليكونوا من بعده قد رأوا المشاهد وآلام العاشر من محرم، وليكونوا واسطة رسالة دماء الشهداء
واضح لدى الجميع أن قاعدة الشعائر العامة تدل على أهمية تعظيم الشعائر الدينية وأن من مصاديق الشعائر الدينية هو إبراز الشعائر الحسينية، ولا شك في أن المشي للزيارة من أبرز مصاديق تلك الشعائر، وهذا المشي للزيارة غير مختص بالرجال، بل هو شامل للنساء أيضاً كما هو واضح فخروج هذا الجمهور الإيماني ومن كل الطبقات والأصناف والأجناس مظهر عالمي يبرز شعيرة إعلامية واضحة للجميع.
وعليه؛ فلا داعي للتدليل أو إقامة البراهين والشواهد على ذلك، بعد أن أصبح القريب والبعيد على علم واطلاع بهذا الشأن، وبعد أن أفرد العلماء كتباً مختصة بالبحث عن الشعائر الحسينية .