فکر و تنمیة

كيف نتخلص من التفكير السلبي؟

ليس غريباً ان تخيم الأفكار السلبية علينا في كثير من الأحيان، وتستمر هذه الأفكار في السيطرة على طريقة تفكيرنا لفترات طويلة، لا نعرف كيف نتخلص منها، وهي لا تزال ترافقنا عند المأكل والمشرب وقبل المنام وعند الاستيقاظ، فكيف نتخلص من هذه الأفكار؟

يتمثّل التفكير السلبي في تصور سيناريوهات غير قابلة للتحقيق، كأن نتخيل ان حادث سير سيحدث لنا خلال الخروج الى العمل، او حدوث تماس كهربائي في المنزل بعد الخروج وتصور احتراق الأثاث وجميع موجودات المنزل، ويتناول التفكير السلبي الفصل من الوظيفة او حصول مشكلة معينة تجبرك على ترك العمل والتفكير بمرحلة ما بعد الطرد.

كل هذه الأفكار غير واقعية وغير موجودة بالأساس فهي تندرج ضمن الخوف من المجهول، وقد يستمر هذا الخوف لسنوات او لشهور او لساعات بحسب شخصية الفرد واجتهاده في التخلص منها، ومع ذلك الاجتهاد تكون مسألة التفكير السلبي حاضرة في بعض المواقف ولا يمكن لأي منا التخلص منها وإبعاد شبحها.

ويمكن ان نتساءل هنا هل يمكنك التحكم بوسوسة الأفكار؟

وقبل الإجابة عن هذا السؤال، نطرح سؤال آخر: هل يمكنك التحكم بالوقت الذي تأتي به هذه الأفكار؟ بالطبع؛ كلا، فهي تتولّد بشكل تلقائي وليست منك، كما أنها ليست حقيقية، بل هي تظهر لأنك تخاف من حدوثها وتبعات حدوثها”، ولتبسيط الأمر فلنأخذ مثالاً، كأن تتخيّل بأنك لن تنجح في الامتحان القادم، وإن لم تنجح ستحدث مشكلة كبيرة مع الأهل، وقد تتأجل بسبب الرسوب مخططات ترتبط به كالسفر أو خسارة منحة منتظرة، كل هذه وسوسة أفكار، وقد لا تحدث بتاتاً.

 فإذاً؛ لماذا نضيّع الوقت في التفكير بها أساساً؟

تضييع الوقت في الاحداث المتوقعة الحصول أمرا في غاية الصعوبة وله آثار نفسية وعملية على الفرد الذي يفكر بهذه الطريقة، أو سمح للتفكير السلبي ان يتحكم فيه، ومن التأثيرات المتوقعة هو التأثير على الروتين اليومي الذي نعتاد عليه، فمثلا الموظف او العامل في مصلحة ما، يقل اندفاعه للعمل او الخروج بمجرد وضع النتائج السلبية المتوقعة وبذلك يحدث خلل في مصدر عيشته، وربما ينتهي استمرار التقاعس عن العمل الى التخلي عن خدماته.

تضييع الوقت في الاحداث المتوقعة الحصول أمرا في غاية الصعوبة وله آثار نفسية وعملية على الفرد الذي يفكر بهذه الطريقة

وكذلك الامر بالنسبة للموظف، فالتفكير السلبي يجعله شخصية غير منتجة، منشغلة بنتائج الأمور قبل وقوعها، وهذا دليل آخر على تمكّن الأفكار السلبية من الأشخاص الذين وضعوا مساحةً كبيرة لهذا النوع من الأفكار، والنهاية المتوقعة لمثل هذا النوع من الشخصيات هي ان ينهي يومه دون الخروج من دائرة التفكير السلبي.

ولأن إيقاف هذا النوع من التفكير قد يكون خارج إرادتنا، فلابدّ من تعلّم بعض التقنيات التي تخلصنا منه، إذ وضع المختصون عدد من الخطوات التي تساعدنا في التخلص من أوهام التفكير السلبي ووسوسة الأفكار.

كيف أتخلص من الوسوسة القهرية والخوف العالي؟

ينوّه الاخصائيون الى ان أحد أسباب الوسوسة القهرية والخوف العالي هو عدم الانتظام في كيمياء الأعصاب، واحتمالات ظهورها تزداد في بعض الحالات مثل: ارتفاع الحديث الذاتي الذي يعزز القلق، والبحث عن الكمال، وأيضا الرغبة في السيطرة، انتقاد النفس، ولكي يتخلص الافراد من سيطرة التفكير السلبي عليهم أولا:

القيام بتمارين أوامر الدماغ فما هي هذه التمارين؟

وهي عبارة عن التمارين أو الأنشطة المصممة لتحسين وظائف الإدراك، الذاكرة، التركيز، أو الصحة العامة للدماغ، ويمكن أن تشمل هذه الأنشطة الألغاز، ألعاب الذاكرة، التأمل، التمارين البدنية التي تعزّز صحة الدماغ، أو الأنشطة التي تتحدى القدرات الإدراكية.

وتعمل هذه التمارين على مساعدة الأفراد الذين يعانون من الوسواس القهري على تعلّم التكيّف والاستجابة بشكل مختلف للأفكار والحوافز المتطفلة، وتسهم أيضا بتقليل القلق خاصة عند ممارسة التأمل الذهني أو تقنيات الاسترخاء، كما أنها تعزز التركيز وتوفر إلهاءً صحيًا عن الأفكار الوسواسية.

اما الأسلوب الآخر المعتمد لمعالجة التفكير السلبي هو تحريك شيء من يد لأخرى، كأن يتم حمل زجاجة ماء بلاستيك أو “بندول” في يد من ثم قذفها لليد الأخرى وتكرار هذه الحركة أكثر من مرة، وقد أثبت علمياً بأن هذه الخطوة تخفف من تحفيز الدماغ للخوف ويجعله يركز على الحركة فقط.

وكذلك من العلاجات ترديد بعض المقاطع المحببة للشخص، إذ يعزز هذا الترديد من العصب المبهم، ولمن لا يعلم يوجد عصب مُبهَم واحد في كل جانب من جانبي الجسم، يمتد من الجزء الأسفل من الدماغ مروراً بالرقبة ووصولاً إلى الصدر والبطن، وبما أنه يمر عبر الحنجرة والبلعوم في الحلق، فإن الطنين يخلق اهتزازًا يحفزه وعند تنبيهه تنتقل النبضات الكهربائية إلى مناطق في الدماغ، وبهذا يعمل العصب المبهم على تنظيم استجابات التوتر هذه عن طريق إرسال إشارات إلى الدماغ لإبطاء الاستجابة للقلق والخوف.

ومن التمارين التي تخفف من الخوف أيضاً، هي تخيّل الأفكار على شكل صور أو أفلام كرتون مع تغيير هذه الصور بما يريحك كإضافة شيء لها أو حتى تخيل تمزيقها، فمثلاً إن كان الخوف من المرض، يمكن تخيله على شكل صور من ثم تخيل بأنك تمزقها أو تطير بعيداً عنها.

التمارين أو الأنشطة المصممة لتحسين وظائف الإدراك، الذاكرة، التركيز، أو الصحة العامة للدماغ، ويمكن أن تشمل هذه الأنشطة الألغاز، ألعاب الذاكرة، التأمل، التمارين البدنية التي تعزّز صحة الدماغ، أو الأنشطة التي تتحدى القدرات الإدراكية

واعلم عزيزي القارئ: ان تأثير هذه التمارين يختلف من شخص لآخر، لذلك يفضل أن يتم تطبيقها جميعها للمساعدة في التعامل مع أي نمط تفكير فيه وسوسة قهرية وخوف عالي.

وأخيرا هل الخوف من المجهول في حال استمراره سيغير من الواقع شيء؟

بالتأكيد لن يغير ابدا، إذاً؛ لماذا الاستمرار فيه؟ وانت تعلم ان جميع الأمور بيد علّام الغيوب؛ الله -عز وجل-، وهنا يتوجب عليكم احبتي المؤمنين التسليم بكل ما يكتبه الله لكم، وعدم الانجرار وراء وسوسة النفس، فالله خير بصير بعباده ولا يكتب لهم الا الخير، وهنا يتوجب علينا الاطمئنان بأن ما يقسمه الله كله خير ولا ضرورة للخوف او القلق لما سيحدث طالما هنالك رب ارحم بنا من اهالينا.

عن المؤلف

سُرى فاضل

اترك تعليقا