سلامٌ دائم عليك يا حامل اللواء أيها الفدائي الباسل الوفي، سلامٌ دائم عليك يا ناصر أخيك الحسين، سلامٌ عليك يا قمر بني هاشم، سلامٌ دائم عليك أيها الكفيل يا ساقي عطاشى كربلاء.
لم تسقط الراية يا سيدي، بل وقفتْ بقوة زنديك يا رمز الوفاء لتكبّر للصلاة، كانت ترفرف بثبات أكثر كلما تصاعد هياج الريح، الرايةُ لم تسقط، كفّاكَ يا سيدي هي التي راحت تقبِّل التراب ولتطيل سجودها لربّ السماوات، ربّ سبط رسول الله من أجل أن تبقى مبادئ الدين المتوهجة، وقيمه السامية حيةً في القلوب، مغروسةً في العقول والنفوس.
لم تسقط الراية؛ فما زالت فوق الرؤوس، وفي ذاكرة الأجيال، مازالت رمزاً للصلابة والإباء والانتصار، يحملها كل مجاهد رسالي، وكل أمٍّ باسلة وكل طفل. ما زالت تتكاثر عصراً بعدَ عصرٍ، وجيلا بعدَ جيلٍ فتنتشر في بقاع الأرض، مازالت ترفرف فوق سطح كل بيت، وفوق القباب، وعلى قمم الجبال وفي الساحات والشوارع على امتداد البصر.
مازالت تعلّم الناس المضي الى أعلى قمة من المحبة، والوفاء، والحرص الدائم و الذود عن حياض الوطن والعرض والمقدسات.
لم تسقط الراية؛ ما زالت مقترنةً باسمك يا أبا الفضل، وكلك فضل لن ينضب.
ما زالت الراية؛ وما زال الماء يجري حول مرقدك الطاهر خجولا معتذرا عن تقصيره ذات رزية حارقة في يوم جائر الظمأ، ما زالت الأنهار تزحف نحوك لأنك الساقي الذي روّى الأزمنة المقفرة الخانعة، لتنهض من كبواتها المتكررة وهي تتمسك برايتك التي لم تسقط أبدا.
لم تسقط الراية؛ فما زالت فوق الرؤوس، وفي ذاكرة الأجيال، مازالت رمزاً للصلابة والإباء والانتصار، يحملها كل مجاهد رسالي، وكل أمٍّ باسلة وكل طفل
يا سيد الماء والوفاء كل ما كان يجول في خاطرك هو الوعد الذي أعطيته بجلب الماء للأطفال والنساء، ولكن المكتوب حالَ بينك وبين الماء، فكانت الشياطين تمرح في نفوس الأعداء فتنطلق السهام تلو السهام، والسيوف، والرماح، حتى قُضي أمر الله فكنت قرباناً تلقفتك الأرض، وروحك في السماء لكي ترتفع راية الامام الحسين في كل الأزمنة والأمكنة خفاقة رغم أنوف الحاقدين .
ما زلتَ القمر المنير في كل ظلمات العالم، وما زلتَ سيد السقاة، ونخلة الحياة ورمزا للشهامة والشجاعة والثبات لأنك (سبع القنطرة) ابن علي الكرار بطل الإسلام عليه السلام.
فما عساي أن أقول من الشعر في هذه الأبيات المختارة من قصيدتي (كوثر الجود) وهي حتماً عاجزة عن الوصول الى مبتغاها:
تجرأت عتمة جارت على قمـرٍ
لتطفئ العين إذ كانت لها هدفا
كي لا يرى فيشق الليل مقتحما
تلك الضباع التي هاجت وما ضعفا
وكلما راية تعلو أتوق لـه
أستذكر الطف والكون الذي وَجَفا
عجّت عليها نبال الحقد رايته
والجمع مرتعب منها كم ارتجفا
والكفّ قد تركت من قبضة أثرا
دلّت على جَلدٍ أعطى وكم غدفا
أرى الكفوف على الرمضاء قد سجدت
بها اللواء سما في جمعهم عصفا
وكلما أرِد الأنهار أبصــــــــــــره
والموج في دَعَة لم يدر كم سَهِفا
في جذوة العطش القهري ثابتــــة
أقدامه رابط الجأش ارتقى وحفا
وأذكر السهم نار الحقد تحملـه
ليسكُب الروح من جود وما رئِفا
ما أن أرى نخلة أبكي فهل عرفَتْ
في ظلها وقف العباس , كم نزفـا
واستهدفوا بعمود الذل هامته
كي يذبحوا الضوء والفكر الذي وَهَفَا
هم يعرفون من العباس فاضطرموا
وكان في غِلّهم أن يذبحوا الشرفا
هيهات أنّ الردى يقوى على هِممٍ
وهو ابن كرارها ليث الوغى وكفى
هل من أخ مثله بالفضل متسم
في عشقه للحسين الحر قد شُعِفا
إذ خلّد الدهر أفعالاً لها صــــور
هذا عظيم وفاء كان مختلفا
قد دوّنت حقبة موتاً لذي شِيَم ٍ
فاستنكر الموت هذا- مُعرِضاً- ونفى
لا لم يمت فله في الكون أزمنة
فهو الذي لخطى الشجعان قد ردِفا
في روح كل شهيد عاش منتصراً
وهو الذي في رحاب العز قد عكفا
في الحشد كانت تجوب السُوحَ رايتُه
مستبسلاً في طريق الجود إذ زحفا
وكان يسقي جريحاً كي يحفّـزه ُ
وكان يدحر إعصاراً إذا عصفا
وكان يطفئ نيراناً إذا ظمئـت
أنّى يشبّ أوارٌ جاءه لهفــا
وكان قائدهم في كل ملحمة
ويشحذ الهمم العظمى و ما انصرفـا
نصر من الله يأتي كلما احتدمـت
تعلو له راية والمدّ ما وقفـا
جود الكرام هدير وهو سابقـه
ما شح في ظمأ الأيام ما قشفـا
كل الذي قاله التاريخ عن بطل
ما قال شيئا وما أضفى وما وصفـا
من يوصف الجود والأنهار عاجزة
فالجود بحر ومن عبّاسِهِ اغترفـا