في هذه الايام نعيش ذكرى عاشوراء التي لو فهمنا ابعاد هذه الذكرى الأليمة وعقدنا العزم في أنفسنا على فهم أيام هذه الذكرى، لكان هنالك تطور عظيم في حياتنا، وايام عاشوراء هي فرصة يتزود منها المؤمن الذي اخلص نيته لله، فيعطيه اللّه القوة للعمل الصالح والنهضة والصلاح في المجتمع الاسلامي.
عندما خرج الامام الحسين، عليه السلام، خرج لصلاح في أمة جده، صلى الله عليه وآله، وضحى بابنائه واخوته و اصحابه، وقدم حتى طفله الرضيع عندما طلب له الماء فضربه اللعين، فقال الامام الحسين” إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى”.
فالله جعل الامام الحسين واهله واصحابه لنا، لنتزود فيعيننا ذلك في نهضة واصلاح المجتمع، ولذا يجب ان نبذل ما بوسعنا لكي ننال فوز الجنة وصحبة الإمام الحسين، عليه السلام، وأهل بيته وأصحابه، وفي هذه المناسبة نشير الى بعض الامور التي نستعين بها للخروج بثمرة من شهر محرم وصفر:
ينبغي علينا ان نسعى الى احياء الشعائر الحسينية، والتفاعل معها بكل الطرق و الوسائل، لان في احيائها حياة لقلوبنا ونفوسنا
عندما احضر مجالس هي ليست ممارسة ظاهرية وانما تعبّر عن اهتمام بهذه الشعيرة، كما يقول ربنا: {ذلك من يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}، اي ان ظاهر المجلس يجب ان ينعكس على نفسي، وأخلاقي، فتحيى القلوب، وتقوى بذلك المبادئ الانسان، لان القضية النورانية نابعة من القرآن الكريم، ومن رسول الله، صلى الله عليه وآله.
ونحن ينبغي علينا ان نسعى الى احياء الشعائر الحسينية، والتفاعل معها بكل الطرق و الوسائل، لان في احيائها حياة لقلوبنا ونفوسنا، فينبغي علينا السعي اليها وعدم إضاعة الفرصة خلال هذه المناسبة.
من صور التفاعل في هذه المناسبة الاستماع الى الخطباء بشكل جيد لنفهم ما يقولون، وكذلك من صور التفاعل مجالسة ومصادقة الشباب المؤمنين، لانه ايام عاشوراء وايام الاربعين تصتبغ اخلاق الامام الحسين، في خدّامه، حيث تتمثل القيم والمبادئ الاخلاقية والانسانية.
يقول الامام الصادق عليه السلام، في زيارة الإمام الحسين: “اشهد انك قتلت ولم تمت بل برجاء حياتك حييت قلوب شيعتك”، ومعنى ذلك انه حين نزور الامام الحسين هو ليس بميت، بل قريب منا بقوله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}، فالامام الحسين حي يرزق، فإذا أردنا الاستفادة في حياتنا من نهجه وسيرته، علينا ان نتمثل بأخلاقه وسيرته الوضاءة.
الهدف من احياء ذكرى الامام الحسين، عليه السلام، انما هو احياء القيم التي نهض وثار من اجلها، وعلينا ان نحقق تلك الاهداف المثلى التي حققها الامام الحسين واصحابه، وهذه حقيقة هامة، ولذا نجد عبر التاريخ الممتد ان الذين والوا ابي عبدالله الحسين، هم الذين انتصروا وهم الغالبون وهم الفائزون في الدنيا والآخرة.
مجالس الحسين طريق الأنبياء
ويجب علينا ان نتخذ و نتبع طرق الانبياء والأئمة في قوله تعالى: {اولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}، والحقيقة عندما نحضر المجلس ونستمع لكلام الخطباء فكلامهم هداية الى طرق الانبياء والرسل والأئمة، فالشيعة اليوم يفتخرون بانتمائهم الى الإمام الحسين، الذي يمثل الدين الحق، فالحسين بقي والظالمون انتهوا.
المؤمن الذي يتسلح ببصائر الائمة، ويعرف منهجهم التي هي من القرآن والسنة الشريفة يكون بذلك يتحدى العواصف الموجات المخلتفة، فهنالك عواصف عقائدية، واخلاقية، وتربوية.
الامام الحسين حي يرزق، فإذا أردنا الاستفادة في حياتنا من نهجه وسيرته، علينا ان نتمثل بأخلاقه وسيرته الوضاءة
الامام الحسين مدرسة متكاملة تنور وتضيئ الطريق لنا، وتغيّر واقعنا الى الافضل، وهذا يتم إذا تمسكنا بالاصالة في عاشوراء، وهذه الاصالة تعطينا القوة، والصلابة، والقدرة على اصلاح المجتمع، ومن ثم بناء الدولة الإلهية بمجيء صاحب العصر والزمان.
الانسان المؤمن دائما يتحمل المسؤولية، فهو مسؤول عن الاصلاح نفسه، واصلاح مجتمعه، ولهذا قال النبي: “كلكلم راع وكلكم مسئول عن رعيته”، فكل مؤمن بحدود معرفته يستطيع ان يغير الآخرين، وخصوصا في أيام العزاء الحسيني، أيام الحزن والمواساة، فهي تبعث في نفس الانسان التغيير والنهضة، وهي نهضة مستمرة.
وطلب الاصلاح يبدا من النفس، ومن ثم يتدرج الى الامة، و اليوم الفساد منتشر ومتعدد، وهو الذي يقود الناس الى الهلاك، لكن أيام عاشوراء هي ايام عملية للاصلاح والنهضة ذات المعالم الحسينية الخاصة.
فنحن يجب أن نضحي في طريق النهضة الحسينية المباركة، لان الإمام الحسين، عليه ضحى حتى بطفله الرضيع الصغير، بل ان الروايات تقول: ان خمسا وسبعين طفلا وطفلة سحقوا واحرق بعضهم عصر عاشوراء، فالامام الحسين قد عزم على النهضة وهذا سر خلود النهضة وانتشار،ها فعلينا ان نرفع راية الامام الحسين ونستلهم الارادة والعزم وروح النهضة المباركة لنشر اخلاقه التي صبغت في شخصياتنا.
ونسال الله ان يمدنا قوةً لخدمة الزائرين، و يزودنا للعمل الصالح ونهيئ لدولة الحق ويجعلنا من الثائرين للامام الحسين مع الامام المهدي، “اللهم احيني حياة محمد وال محمد ومماتي ممات محمد وال محمد وارزقني شفاعة الحسين يوم الورود”.