في بداية السبعينات التقيت به مرة أو مرتين في مكتبة أحد الاصدقاء في شارع الجمهورية في المكان المقابل لباب قبلة الإمام الحسين، عليه السلام، بمسافة قريبة من المخيم الحسيني فوجدته إنسانا راقيا يحمل من الاخلاق العالية والتواضع والهدوء في كلامه والهيبة والرزانة.
لقد طُبعت شخصيته المتميزة في ذهني للآن رحمه الله، وكيف لا يكون ذلك وهو الذي تربى بين أسرة وبيئة دينية وعلمية ذات مستوى عالٍ من الالتزام الديني فلذلك كان الشهيد دائم الحرص على محاربة كل المظاهر التي تسيء للعقيدة بإيمان، وإخلاص، وجرأة على المجابهة والتصريح بكلمة الحق في عدة مناسبات خطابية في مجالس معينة أو مهرجانات شعرية.
وهو الذي كان مجاهدا ضد الأفكار الغربية المعادية للإسلام وقد كان ناشطا ضمن الحركة الإسلامية في العراق وقد أبلى بلاء حسنا، و اعتقل عدة مرات بسبب ذلك ولتردده الدائم على العلماء وعلى المرجع السيد محسن الحكيم، قدس سره الشريف، وآخر موقف من مواقفه الجريئة دوره الكبير الذي فيه من القوة والتحدي في قيادة وفد كربلائي إلى النجف (7/6/1979) للدفاع عن السيد محمد باقر الصدر حين كان ملزما بالإقامة الجبرية، حيث القى كلمة قصيرة نيابة عن وفد أهالي كربلاء معبرًا عن تضامن المدينة المقدسة مع سماحة الشهيد الصدر ثم تعالت الهتافات تأييدا للسيد الشهيد الصدر وللإسلام الحنيف الذي هو سيبقى منتصرا رغم أنوف الطغاة .
أُلقي القبض عليه من قبل النظام البائد وأعدم مع ثلاثة من أولاده رحمهم الله عام 1981 حيث تم وضعهم في أحواض التيزاب.
ولد الشاعر والخطاط السيد صادق محمد رضا آل طعمة سنة 1928في كربلاء المقدسة، وقد كان لوالده دور كبير في تربيته وتنشئته نشأة دينية صحيحة وتوجيهه للعمل والجهاد من أجل المبادئ والدفاع عن الدين والولاء لأهل البيت الطاهرين عليهم السلام.
وقد تعلم قراءة القران الكريم وتجويده عند السيد محمد علي السيف، والحاج محمد حسين الكاتب، وتعلم فن الخط عند الشيخ محمد السرّاج الأسدي فأصبح من الخطاطين البارعين حيث قام بكتابة القرآن الكريم كاملا، وكذلك له كتيبة راقية في الطارمة الحسينية لآيات من القرآن الكريمة مطعمة بالذهب الخالص وايضا له كتيبات في الروضة الزينبية في سوريا وايضا وصلت ابداعاته الى دول الخليج وايران.
أُلقي القبض عليه من قبل النظام البائد وأعدم مع ثلاثة من أولاده رحمهم الله عام 1981 حيث تم وضعهم في أحواض التيزاب
أما مسيرته العلمية، فقد درس الشهيد، العربية وأصول الفقه على يد السيد محمد كاظم القزويني، والعلامة الشيخ محمد الخطيب، والشيخ عبد الحسين الدارمي.
وفي سنة 1961 تخرج من الدورة التربوية الدينية فراح يمارس التعليم بصفته معلما على الملاك الابتدائي في كربلاء المقدسة وقضاء عين التمر.
له العديد من الكتب في الأدب وغيره منها:
– الحركة الادبية المعاصرة في كربلاء.
– ذكرى فقيد الاسلام الخالد الإمام الشيرازي.
– فاجعة عزاء طويريج.
ــ قبسات من نهضة الإمام الحسين (عليه السلام).
ــ صفحات مشرقة من تاريخ كربلاء.
ــ معالجات في شؤون نظام العتبات المقدسة.
ــ الحركة العلمية الدينية في كربلاء.
من أعلام الفكر في كربلاء.
هؤلاء علماؤنا في البلاد الإسلامية، وايضا له ديوان شعر تحت عنوان (نفحات) وغيرها من الكتب المهمة، وقد ورد اسمه واعماله في معجم البابطين.
وقد كتب من الشعر عن النبي محمد، صلى لله عليه واله وسلم، وعن الأئمة الاطهار، عليهم افضل الصلاة والسلام، وقد كان يتناول في قصائده من خلالهم الواقع المظلم الذي نعيشه في هذا العصر ومن قصائده نتلمس جذوة الثورة والرفض الواعي للظلم الذي يسنه الطغاة على الناس من أجل قمعهم والسيطرة على مقاليد الحكم للحفاظ على عروشهم الساقطة.
ففي قصيدة له (يا أبا المعجزات) التي القاها في مدرسة الامام الباقر الدينية في كربلاء بمناسبة المولد النبوي الشريف، يعبر الشاعر في بعض ابياتها عن الفعل والانقلاب الكبيرين اللذين أحدثهما النبي برسالته الخالدة التي نقلت عصر الجاهلية من الظلام الى النور وما عانى من المصاعب والاذى:
إنما المصلحون يلقون دوماً
في سبيل الإصلاح حتما عناءا
ويشقّون بالارادة دربا
ليؤدوا الرسالة العصماءا
ليت شعري لولاك كانت حياة
الآدميّين ظلمة دكناءا
كان مجاهدا ضد الأفكار الغربية المعادية للإسلام وقد كان ناشطا ضمن الحركة الاسلامية في العراق وقد أبلى بلاء حسنا، و اعتقل عدة مرات بسبب ذلك ولتردده الدائم على العلماء
فكل صاحب رسالة لابد أن يرى ما يرى من العوائق والأذى ومن أوذي مثلما أوذي نبينا العظيم، صلوات الله عليه وآله وسلم، وأن كل ما بذله من جهد عظيم كان من أجل تحقيق العدل والحياة الكريمة، لكن الحياة بعد النبي عادت لفوضاها واستمرت الى عصرنا الحاضر فيدعو الشاعر الأمة والشعوب للنهوض لمحاربة الكفر والضلالة والعمالة والالتزام بتعاليم الدين فهي التي توصلنا الى بر الأمان إذ يقول:
حاربوا الكفر في رباطة جأش
وأبيدوا العمالة النكراءا
واسحقوها بقوة شعب أن
الشعب دوما يكافح العملاءا
واجمعوا الشمس تحت راية دين
كان قد وحّد الصفوف ابتداءا
إنما هذه الحياة انطلاق
وسبيل نرقى به العلياءا
وخذوا هذه الشريعة نهج
لتكونوا على العدى أقوياءا
فهي الشعلة التي ليس تخبو
فاجعلوها هدى لكم وضياءا
وهي المنهل الذي سال فيضاً
فانتهلنا منه الكمال استقاءا
يتفجر الشاعر السيد صادق ال طعمة ثورة وعشقا وانتماء لدينه ومبادئه التي ستُصلح العالم في نهاية المطاف وتبني الإنسان الرسالي المخلص ليعمّر الأرض بعد خرابها، وبغير ذلك ستبقى الأرض تدور في دوامة الضلال والضياع.