قال لي أحد الفضلاء: تكلمي عن سبب لبس الأم العباءة، والبنت البنطرون؟!
علامات استفهام كثيرة؟ وتساؤلات تحمل أجوبة كثيرة، وأسباب أيضاً كثيرة، ربما أصبحت مستعصية على الحلول مع الرضوخ والاستسلام واللامبالاة من قبل الاهل.
جانب الضعف الثقافي وعدم تواجد مقومات الأم القيادية التي تستطيع أن تفرض مفاهيمها وقراراتها على جيل تشبع بمبادئ وقيم الغرب، وعدَّ تقاليدنا وحدود شرعنا أموراً مستهجنة وبالية، حالها حال أي ماركة او صناعة قديمة! وعدم الإحساس بالمسؤولية أو تقييم حجم خطورة المرحلة واستخفاف بقضية التربية والتأثير، أو انعدام الحكمة والارتباط الحقيقي والمفاهيم الصحيحة عند الأمهات.
ومن البدع والمظاهر الغريبة التي سادت اسواقنا ومجتمعنا الكربلائي المحافظ بقيمه واعرافه، هو اختفاء العباءة الزينبية تدريجيا خاصة عند جيل الالفينات
هذا اهم أسباب إخفاق الأمهات في ربط رسالتها التربوية والاخلاقية مع سيرة حياة ابنتها وتضمها لمفاهيمها ومبادئها وتركها للثقافات الدخيلة والعادات المنافية لديننا واخلاقنا، والمكتسبة عبر مواقع التواصل التي لا تمت إلى أوامر ديننا واحكامنا بشيء، الأصل منها والفرع.
كلنا يعرف ان مفهوم العباءة هو الستر واخفاء المفاتن التي أمر الله اخفاءها لحكمة ومقتضى، بشرطها وشروطها طبعاً؛ وهي أن تكون عريضة واسعة محتشمة تحافظ على كيان المرأة من النظر، وليست هذه العباءات الدخيلة التي بدأت ترتديها اغلب الفتيات بفصالات وموديلات جاذبة وداعية للنظر، وهي بحد ذاتها زينة تلفت النظر.
ومن البدع والمظاهر الغريبة التي سادت اسواقنا ومجتمعنا الكربلائي المحافظ بقيمه واعرافه، هو اختفاء العباءة الزينبية تدريجيا خاصة عند جيل الالفينات، وتراها تسير مع والدتها التي ترتدي الحجاب والعباءة، سافرة متبرجة بملابس لافته للنظر، ربما حتى ضيقة كالبنطلون و اقرب له في الترتيب.
السؤال هنا؛ انتِ أيتها الأم ما مفهومك للعباءة؟ ومدى حرصك على ابنتك من مخاطر الدنيا والآخرة؟
أيتها الام استخفافك بعباءتك، وعدم فهمك لها ولأبعادها التربوية والعقائدية والأخلاقية هو سبب اخفاقكِ في توصيل رسالتك لابنتكِ، لأنكِ بالأساس تفتقدين للغاية والرسالة من وراء ارتدائك هذه العباءة، فالرساليون يدافعون عن رسالتهم حتى تسود في المجتمع.
أمهات الأمس
جداتنا و امهاتنا هنَّ الحكيمات فقط، و هن من استطعن بهذه الحكمة والعلاقة النفسية والروحية والمبدئية ان يورثن بناتهن هذا الكم من الحياء والتمسك بالحجاب الزينبي، لذا نجد نساء السبعينات والثمانينات لازلن على هذا التمسك الشديد بالعباءة، وهذا إن دلَّ على شيء، إنما يدل على أنها ورثن هذا المبدأ من أمٍّ زقتهن الحياء زقا، وارضعتهن العفة كالغذاء وأصبح بناءً من ضمن مفردات الحياة الوجودية لهن .
ولا اعرفُ ما ربط التطور في قضية الحجاب والستر وهل تتنافى الملابس المحتشمة مع تطورات الحياة العامة؟ وللأسف فتياتنا يتصورن ان العباءة مظهر من مظاهر التخلف!
اذن؛ عندما نخوض في ما يحصل ويدور من صور شتى بكل مفاصل الحياة التي لابد أن تتواجد بها المرأة، حيثُ لم يمنع الله عملَ المرأة بأغلب المجالات التي تحفظها وتصونها والتي لا تهتك كيانها وتسيء إلى اسرتها، التي هي رسالتها الأساسية ولم تكن العباءة الزينبية عائقا، بل نرى في مجتمعنا اغلب النساء الرساليات التي يرتدين العباءة الزينبية، و هنَّ يتسنمن مناصب ريادية وقيادية في كل مؤسسة، او دائرة، او وجامعة وكل مجال .
الام مدرسة اذا اعددتها أعددت شعبا طيب الاعراق
هذا هو الموضوع وهنا الحلول ولا نجعل التطور وما يدور من موجات غربية ومواقع التواصل شماعةً نعلّق عليها اخفاقنا وفشلنا وأهمالنا لاهم واجب اتجاه بناتنا واسترتنا.
على الأم ان تركّز في تربيتها اليومية لبنتها على أهمية الحجاب ويبدأ من الطفولة هذا الاهتمام .
لا اعرفُ ما ربط التطور في قضية الحجاب والستر وهل تتنافى الملابس المحتشمة مع تطورات الحياة العامة؟
وتعودها وتجعله من مفردات الحياة اليومية عبر الآتي:
اولا: تروي حكايات النساء الرساليات في التأريخ وكثير من هذه النساء هنَّ مثال لكل الاجيال.
ثانيا: توضيح عقوبة السفور والتبرج وحدود الله وما يفرضه على المرأة.
ثالثا: اجعلي لها مناسبة خاصة في البيت يوم تكليفها واهديها كل فترة هدية مقابل التزامها.
رابعا: لفت الانتباه الى ان هنالك فتيات تفوقن في مجالات مختلفة مع التزامهنَّ بارتداء العباءة.
هذه جملة من الأمور وهناك ربما مجالات أخرى في معالجة الأمر بالتعاون مع جميع أفراد الأسرة.
واحببت استذكر هذه الرواية الجميلة التي اتمنى ان تعتمدها الأمهات في مسيرتها التربوية” لا البسُ ثوبا نظر اليه اجنبي”
يُنقل ان احد الحكام العباسيين كان يأخذ الضرائب الكثيرة من الناس ومنهم اهل بلخ في افغانستان وبسبب الفقر الشديد الذي كان يعاني منه اهل بلخ في لم يدفعوا للحاكم الضرائب فأرسل إليهم واليا واوصاه ان يضيق عليهم ويهددهم ولايرحمهم حتى يدفعوا الضرائب.
فكر اهل البلد ان يذهبوا إلى زوجة الوالي ويستعطفونها حيث انها كانت انسانة متدينة رقيقة القلب وحينما طلبوا منها التوسط لتخفيف الامر وافقت، وقالت: لهم سوف ارتب الأمر. واخبرت زوجها الوالي وقالت: له انا ادفع لك ثوبي المرصع بالجواهر بدلا من الضرائب.
رضي الوالي واخذ الثوب وذهب للحاكم العباسي ووضع الثوب أمامه فقال له الخليفة لمن هذا الثوب قال الوالي هذا ثوب زوجتي هنا تأثر الحاكم العباسي وقال للوالي: لا تأخذ من اهل بلخ شيئا وارجع الثوب إلى زوجتك .
اخذ الوالي الثوب وشرح ما جرى لزوجته فقالت: وهل نظرت عين الحاكم إلى هذا الثوب؟
قال: نعم.
فقالت: لا ألبسُ ثوباً نَظَرَ اليه اجنبي، ثم قالت: خذوه وبيعوه وابنوا بثمه مسجدا. ينقل الرحاله ابن بطوطه ان المسجد الموجود الآن ببلخ هو مبنى بثمن ذلك الثوب وزادت منه بقيه أوقفوه لشؤون المسجد.
وبهذه القصة تبين قيمة الستر للمر الحقيقية الفاضلة .