وجه سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد تقي المُدّرسي، (دام ظله)، يوم الاثنين، 25/ ذي الحجة / 1440 هـ كلمة للخطباء والمبلغين في مدينة كربلاء المقدسة.
وجاء في الكلمة التي ألقاها سماحته بمناسبة المؤتمر السنوي للخطباء والمبلغين في مكتبه بمدينة كربلاء المقدسة، وبحضور جمع من الأهالي والزائرين، ان الامام الحسين عليه السلام، حفر في بيداء الجاهلية نهراً من العلم والحكمة والحماسة ومن الرحمة الالهية، مضيفا بالقول ان اولئك الذين كانوا حينما وقعت ملحمة عاشوراء كانوا جاهلين لابعاد هذه الملحمة العظيمة وللرحمة الالهية، فيما اليوم وبعد اكثر من الف عام نشهد كيف ان عشرات الملايين بل الوف الملايين من البشر حينما طردتهم وساوس الشيطان وابعدتهم اعمالهم عن الرحمة الالهية، اجتذبهم الحسين عليه السلام ودعاهم الى التوبة فتابوا، ودعاهم الى الرحمة الالهية فرحمهم الله، ودعاهم الى العزة والشهامة واعطاهم الله.
وخاطب سماحته الخطباء والمبلغين بالقول “انتم تعلمون كم هي قصصنا نحن في العراق وفي هذه المرحلة الاخيرة مع الرحمة الالهية، والتي تجسدت في ملحمة كربلاء، وكم تعرضنا نحن في العراق وفي سائر الدول المجاورة لمؤامرات الابادة والمحو والسحق ولكن الله انقذنا بكلمة واحدة حينما قلنا “لبيك ياحسين”، لبينا نداءه حينما قال هل من ناصر ينصرنا وكنا نحن ننصر دين الله الذي نصره ونحن بحول الله نكون جنود لابي عبد الله الحسين عليه السلام بالرغم من ان الدهور اخرتنا عن نصرته في ذلك اليوم الرهيب.
وأضاف سماحته المشاركين في مؤتمر الخطباء والعلماء، اننا وقبيل شهر محرم الحرام علينا ان نعلم بان الجمهور الذين تجدونهم في مسيرات الاربعين وفي مواكب عاشوراء في كل مكان وفي جبهات القتال وقوافل الشهداء، هذا الجمهور هو جمهوركم، وهؤلاء هم ابنائكم، فانتم القادة بالحسين عليه السلام وبالاسلام وبالله سبحانه وتعالى والكتاب والنبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم وبالامام علي عليه السلام والصديقة الزهراء سلام الله عليها.
وخاطبهم سماحته بالقول انتم القادة ولذلك المسؤولية عليكم كبيرة وربما اعظم مما تتصورون لان الله اعطى للعلماء القيادة وحملهم المسؤولية، وبمقدار ما اعطاهم القيادة اعطاهم الصلاحية وحملهم مسؤولية اقامة العدل والقسط وابعاد الحرمان عن الناس وتوعية الامة وقيادتها الى النصر.
ودعا سماحته الى ان يكون المنبر الحسيني مساهما وبصورة مباشرة بالاوضاع السياسية والاجتماعية، لافتا الى ان هذه المسؤولية لا تتاح دائما، ولكن لدينا فرصة دائمة لكي نساهم في تدعيم اسس الايمان والعرفان والتقوى في هذه الامة، فنحن نستطيع ان نجعل الامة اكثر صلابة واكثر قوة واكثر قدرة على مواجهة التحديات.
هذا واصدر سماحة المرجع المدرسي خلال المؤتمر مجموعة من الملاحظات التوصيات، حيث قال ان الامام الحسين عليه السلام قرآن ناطق، فهو سلام الله عليه حتى اللحظات الاخيرة وحتى بعد شهادته ما انفك عن كتاب الله، ونحن يجب ان نعود الى الكتاب وان نأمر الامة ونوصيها في العودة الى كتاب الله، لانك اذا اردت خارطة طريق الامام في عاشوراء فاقرا كتاب الله، واذا اردت القرآن مجسدا في شخص وملحمة فاقرأ تاريخ الحسين، لانهما نور على نور لا ينفكا عن بعضهما البعض.
وتابع سماحته في القول ان الامام الحسين عليه السلام ثورة ناطقة فهو منذ ان خرج من المدينة المنورة تكلم بكل صراحة وقال “مثلي لا يبايع مثله”، وفي مكة المكرمة وعظ الناس واعلن ثورته المباركة، وبتلك اللحظة علمنا الحسين عليه السلام ان الحياة الدنيا يجب ان تباع وكذلك النفس عظيمة وعلينا ان نبيعها ونشتري بها الجنة، وهكذا كان سلام الله عليه قد خط لنا خطة الكرامة وهي الشهادة في سبيل الله.
واشار سماحته في معرض حديثه الى ان الامام الحسين عليه السلام ثورة ناطقة ونهضة ناطقة ولهذا فعلينا ان ندرس كلماته ونتحدث عنها ونحللها ونعلنها للناس، لانها برنامج عمل للامة على طول التاريخ، وعلينا نحن كخطباء ان نتحدث عنها ونجعل المسلمين يعون بمضامينها.
ودعا سماحته الخطباء الى دراسة الظروف المحيطة بالمنطقة التي يلقي محاضراته وخطبه الحسينية فيها، وان يسأل اهلها واهل الحل والعقد فيها ليكون على معرفة بالامور التي يتحدث فيها ولحاجات تلك المنطقة حتى يكون كلامه دقيقا ومؤثراً.
واوصى سماحة المرجع المدرسي الخطباء والمبلغين بان يوم الغدير برنامج عمل لهم خلال ايام عاشوراء، موضحا حول ذلك بالقول “علينا ان نعرف ان عاشوراء وليدة الغدير ووليدة عاشوراء هي قيام الامام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ولافتا الى ان البداية تكون من الغدير والاستمرار بعاشوراء والنهاية والعاقبة ان شاء الله بقيام العدل الالهي الذي يشمل الارض كلها ونحن ننتظره كل يوم وكل ساعة”.
كما اوصاهم سماحته بأن يحددوا يوما من أيام عشرة محرم للحديث عن الغدير لان هذه المناسبة العظيمة وهذا العيد الاكبر والذي اشار اليه الائمة واهتموا به نرى ان قليل من الناس يهتمون به، مبينا ان عاشوراء هو تعبير وتجلي عن يوم الغدير، والغدير ليست واقعة انتهت فهو مستمر وهو مسيرة امة وليس مجرد يوم لاننا في كل يوم نجدد الولاء لله وللرسول وللامام علي.
وختم سماحته حديثه بالقول ان الناس في زحمة المشاكل والاعلام السلبي المفسد بعضهم بدأ يتزعزع وتصبح قناعاتهم ضعيفة، ولذا علينا ان ان نعيد الناس الى قناعاتهم الاولية، وان نقول لهم ان النصر آت باذن الله.
ودعا سماحته ابناء الشعب العراقي العظيم الى الصبر والى عدم الانسياق خلف الاعلام المفسِد فهو الشعب الذي صبر على دكتاتورية لم يشهد التاريخ مثيل لها، مشددا في ذات الوقت على ان المعركة الكبرى بين الحق والباطل ستكون في العراق، لان العراق هو عاصمة الامام الحجة (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وهو الذي يقود العالم في يومن الايام وعلى الناس ان يستعدوا وان لايخذلوا دينهم وامامهم، وذلك ليس بحمل السلاح فقط وانما بالتحابب والتضحية والعمل بهدى الايمان والمرجعية.