“إلهي هل يرجع العبد الآبق إلا الى مولاه”
الانسان عبد لله؛ فتارة يكون نِعم العبد يطيع أوامر الله، وينتهي عن نواهيه، وتارة يكون الانسان بئس العبد؛ آبق متمرد، مبتعد عن الله، يذهب الى كل شيء إلا الى الله، ويتعلق بكل شيء ويترك العلاقة مع الله ــ تعالى ــ، لكن مع كل ذلك البعد، إلا أن باب الله يبقى مفتوحا له، للعودة الى الباري ــ جل وعلا ــ.
لا باب ولا ملجأ إلا الله للإنسان اذا اراد السلامة، فلا يمكن للانسان ان مساره إلا بالعودة الى الله، ، فلا يوجد أحد يُرجع اليه يمكن أن يلبي حاجيات الانسان، ويمكن ان يعالج مشاكله، ويغيّر وضعه.
العُقد النفسية والاجتماعية، والأمراض، والظروف السيئة، وما شابه، لا يمكن الهروب منها او اصلاحها إلا بالعودة الى الله ــ تعالى ــ وذلك يكون بالمنهج الالهي، فلابد للإنسان إذا أراد ان يخرج من أزماته أن يرجع الى الله، وما هذه الازمات التي يعاني منها الانسان إلا بسبب تمرده على الله، فحينما يبتعد الانسان عن قيم السماء يبتلى بالمساوئ، والضياع، والضعف، والحيرة وما اشبه، فهي آثار البُعد عن الله.
البشرية اليوم تعيش الحروب والأزمات والقلق، وغموض المستقبل، وتشوش الرؤية هذه وأشباهها هي من اسباب البُعد عن الله ــ سبحانه وتعالى ــ والخلاص من كل المشاكل التي تعاني منها البشرية لا يمكن إلا بالرجوع الى الله.
⭐ لا باب ولا ملجأ إلا الله للإنسان اذا اراد السلامة، فلا يمكن ان يصحح مساره إلا بالعودة الى الله
الامة الاسلامية انفصلت عن قيم السماء، فهجرنا القرآن الكريم، وتركنا علماء الدين، والمساجد اصبحت خالية، واقصي الدِين عن مختلف مناحي، من الاقتصاد الى الأدب الى الاجتماع وما شابه.
حينما يتعامل المسلم في السوق بعيداً عن الاحكام الشرعية فهو آبق (هارب او مبتعد)، وبالتالي يقع في الكذب، والتدليس والحلف كذبا في البيع والشراء، وكذلك الامر في السياسية، فحين يُبعد الدِين يظهر النفاق، والمجاملة وما شابه، وفي الاقتصاد يتم أكل اموال الآخرين ظلما وباطلا، وكذا في بقية الجوانب، فحينما يُقصى الدين تحل المشكلات والآفات.
“أم هَلْ يُجِيرهُ مِنْ سَخَطِهِ أحَدٌ سُواهُ”
لا احد يستطيع يدفع الغضب الالهي، والفساد المستشري يسبب غضب الله: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}، لو قطع الله الغيث عن الناس لاختل التوازن البيئي وظهر الجفاف، ولو اوكل الله الناس الى انفسهم لم يستطيعوا العيش بأمان.
لابد ان نرجع الى الله ونستجير به، فلا نستجير بأمريكا حتى تخلصنا من أحد الطغاة، فإذا تحملنا المسؤولية لن نحتاج الى قوة سوى قوة الله، وأن نرجع الى الله؛ يعني ان نلتزم بالقيم الإلهية وذلك من خلال قراءة القرآن الكريم، ومعرفة السُنن التي تحكم الحياة، فحين الالتزام بذلك نكون قد وفرّنا الحماية لانفسنا، ولابد أن يتجلى ذلك الالتزام على مستوى الفرد والأمة، قال رسول الله، صلى الله عليه وآله: ” إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض”.
و قال رسول الله، صلى الله عليه وآله: أيها الناس إنكم في زمان هدنة، وأنتم على ظهر السفر والسير بكم سريع، فقد رأيتم الليل والنهار والشمس والقمر يبليان كل جديد ويقربان كل بعيد، ويأتيان بكل موعود، فأعدوا الجهاز لبعد المفاز.
فقام المقداد فقال: يا رسول الله ما دار الهدنة؟
قال: دار بلاء وانقطاع، فإذا البست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم، فعليكم بالقرآن، فإنه شافع مشفع وما حل مصدق من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار، وهو الدليل يدل على خير سبيل، وهو كتاب تفصيل، وبيان تحصيل وهو الفصل ليس بالهزل، وله ظهر وبطن، فظاهره حكمة، وباطنه علم، ظاهره أنيق، وباطنه عميق، له نجوم، وعلى نجومه نجوم، لا تحصى عجائبه، ولا تبلى غرائبه، فيه مصابيح الهدى، ومنازل الحكمة ودليل على المعروف لمن عرفه”.
⭐ حينما يبتعد الانسان عن قيم السماء يبتلى بالمساوئ، والضياع، والضعف
الاستجارة بالله تكون بالتمسك بالقرآن الكريم، والالتزام بقيم النبي و أهل البيت، عليهم السلام، يعني السير على خطاهم، والاقتداء بهم، وهذا هو أمر الله ــ تعالى ــ لنا، فيجب طاعته سبحانه وتعالى، وهو القائل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} فالقرآن الكريم، وأهل البيت، عليهم السلام، حبل الله.
ومع الاسف فإننا هجرنا القرآن الكريم، وتركنا أهل البيت وذلك بعدم معرفة فكرهم، بل ابسط الامور لا يعرفها البعض عنهم، فحين تسأل احدهم عن عدد الائمة فهو لا يعرف! واهل البيت هم القيادة الربانية، والقيادة تعني السير خلف القائد.
كثيرا ما تواجهنا الضغوط النفسية والاجتماعية وما اشبه وافضل السبل وانجعها في مواجهة تلك الضغوط هي الالتجاء بالله والاستعانة به، وذلك يكون بالعودة الى القرآن الكريم، والتمسك بقيم أهل البيت، عليهم السلام.
- (مقتبس من محاضرة لآية الله الشهيد نمر باقر النمر)