الهدى – وكالات ..
عادت الجرافات السعودية من جديد بعمليات تجريف البيوت والبنايات والمحال المطلة على شارع الثورة في منطقة القطيف،بعد أسابيع من عمليات تجريف واسعة داخل حي الشويكة.
و استهداف “شارع الثورة” في وسط القطيف يأتي كونه مَهْد الحرك السلمي المطلبي، وهو ما يعيد ويُمظهر حقد السلطات تجاه أبناء المنطقة وبُعد ما يجري عن مزاعم التنمية والتطوير وتوسعة الطرق، حيث تستهدف عملية التدمير شق الطرق وسط المناطق ذات الكثافة السكانية بتدمير منازل الأهالي وأملاكهم.
وبعد عدوانها على مسوّرة العوامية، وتشريد أهالي البلدة تحت مزاعم وادعاءات الإصلاح، تكشف السلطة عن مشاريع مماثلة تستهدف مئات العقارات على امتداد بلدات محافظة القطيف وقراها، ولعل أبرز تلك المشاريع الكاشفة عن أهداف السلطة، هي الإجهاز على شارع الثورة الذي احتضن انطلاقة الحراك السلمي في المنطقة قبل اثني عشر سنة.
فلشارع الثورة حكايات مع انتفاضة الكرامة الثانية عام 2011 وللبيوت والابنية المهدمة حكايات مع شهدائها.
الشارع كان محور ومنطلق لعدة ثورات ضد الحكم السعودي من بينها انتفاضة المحرم عام 1979 وصولا الى انتفاضة 2011.
وكل هذا يجري تماشيا مع تعويضات “صورية”، فبحسب المعطيات سجل أعلى رقم تعويضي ب300 الف ريال لأكبر بناء من حيث مساحة الأرض أما معظم البيوت فقد حصلوا على خمسين الف ريال وهذا المبلغ لا يغطي إلا استئجار شقة لمدة سنتين فقط، ما يعني ان آلاف العائلات مقبلة على ازمة سكن خلال سنتين من الان.
هذا وتم التهجير الى مناطق نائية بعيدة بعد حصولهم على تعويضات زهيدة لا تكفي لتامين مساكن بديلة، إضافة الى الأعداد الكبيرة من العوائل التي لم تحصل على تعويضات وأُخرجوا من بيوتهم بقوة التهديد بعد مطالبتهم بالحصول على بيت بديل وليس مبلغا ماليا لا يكفي لتأمين ذلك وفي حال سلك المواطنون الطرق المتبعة للاعتراض على تقليل ثمن عقاراتهم، فإنهم لا يلقون جوابا، إذ تنتقل قضيتهم من محكمة الى أخرى من دون نتيجة.
وقد تمر أعوام دون دفع التعويضات لأصحاب المنازل، فتتمسك محكمة الإدارة بقرار رفض إعادة تقدير عقارات المتضررين بحجة أن الدعوى تُقام على تاريخ تحرير المحضر المستند عليه قرار التجريف.
وهذه القرارات الرسمية التي لا تتخذ المتغيرات بعين الاعتبار التغيرات الاقتصادية وارتفاع اسعار العقارات، التي من شانها زيادة الضرر على المواطنين الذين لم يستلموا تعويضات حين هدم منازلهن لتامين بديل. والان يُدفع لهم بعد غلاء الأسعار.
كما اعتقلت السعودية ثلاثة مواطنين من حي الشويكة في القطيف مساء الجمعة في الخامس عشر من الشهر الجاري؛ اثر رفضهم سياسة التعويضات المتبعة من قبل النظام مقابل تهجيرهم من منازلهم.
ويتعذّر على الكثير من العوائل الرحيل من الحي الذي باتت معالمه تحكي جريمة إنسانية، ترتكبها الجرّافات السعودية من خلال عمليات الهدم، فيما بعض السكان لا يزالون يقطنون منازلهم بالشويكة رغم قطعِ الكهرباء والماء، وذلك بسبب عدم توفير مساكن بديلة في المنطقة.
هذا وتعمل الجرافات في غياب إجراءات السلامة المعتمدة عالميا وهي احاطة البناء المراد هدمه بسور مرتفع وتزويده بوسائل الإضاءة الكافية واللوحات التحذيرية اللازمة أما واقع الهدم الآليات تعمل والسيارات تسير وسط الأبنية المتساقطة ما يهدد بشكل مباشر حياة المارة ويؤكد عدوانية القوات القائمة على عملية الهدم، كما الجهات التي أرسلتها.
وكانت قد بدأت جريمة هدم أجزاء من حي الشويكة في 13 من ديسمبر 2017 في سياق سياسة الانتقام من أهالي القطيف والإحساء بعد جريمة هدم المسورة.
ويمكن اختصار واقع الحال الذي وصلت إليه المنطقة وأهلها بغياب سياسة الإسكان في القطيف وحضور سياسة الهدم، فسكان المناطق هذه هم على موعد غير محدد لكن خطره دائم، وسط وصم أهالي وشباب هذه المناطق بالإرهابيين، لتسهيل نسب أي تحرك رافض قد يقومون به، إلى الاتهامات التي اعتاد عليها آل سعود، ومحاولة تشتيت النسيج الشيعي واستهداف إحداث تغيير ديموغرافي في هذه المناطق الغنية بالموارد، مع مساع متتالية لطمس الهوية التاريخية للمنطقة.
وفيما يتم حفظ وترميم وصيانة أبنية وتراث نجد والدرعية، بالتزامن يتم هدم بيوت القطيف وجدة وتبوك والمدينة المنورة على رؤوس ساكنيها! .. واليوم هكذا هو المشهد دمار في كل مكان اكوام من الحجارة بعثرة للعوائل ومحاولة لتدمير الهوية القطيفية المتأصلة.