في كل عام ينتظر أهل العراق يوم السابع من صفر، صغير وكبير، رجال ونساء وأطفال، من كل محافظة ومن كل الأرياف من جميع المناطق والانحاء كلهم ينتظرون الخدمة الحسينية
بمجرد اقتراب شهر صفر، تشتعل بداخلهم شعلة مليئة بالمشاعر والأحاسيس، من لايتصف بالعطاء يصبح معطاءاً بدون حدود، من يعيش الكسل طوال عامه ينهض ليساعد ويقدم، المعاق الذي لايستطيع خدمة نفسه تراه يمشي ويمشي بكل عزم وقوة، حتى الأطفال يطلبون من أهلهم العمل، تراه صغيراً لايقوى على حمل ما يقدمه ولكنه لايقبل إلا أن يخدم
تُرى ماهذه القوة والعزم الذي ينتابهم؟
من أين أتوا به؟
من أين أتتهم هذه القوة وهذا الدافع؟
إنه طريق وحب الحسين،عليه السلام
في طريق الحسين، عليه السلام، تتساوى الناس فيما بينها التاجر والطالب، المثقف والانسان البسيط، الطبيب والممرض، المهندس والعامل، الخباز وصاحب الشركة، رئيس العشيرة وراعي الأغنام كلهم طريقهم واحد هدفهم واحد سعيهم واحد أملهم واحد حبهم واحد.
لايتخيل أحدهم أن تمرَّ هذه الايام بدون أن يجد له مكاناً يخدم فيه نفسه التي تكبرت طوال السنة وعاشت كثيراً من الأمراض النفسية هناك تقبل كل ذلة فقط حباً بالحسين ،عليه السلام، وكرمى لعينيه.
ترَى أحدهم يكنُس الأرض والآخر يمسح أحذية الزوار وذاك يدلك أرجل الزوار، طفل صغير يحمل الماء ويقدمه للزوار، ثلة من الصبية يحملون الزاد على رؤوسهم مطأطئين الرؤوس لخدمة الزوار، وأخرى تخبز الخبز أمام التنور طوال الوقت في الحر الشديد ولاتشعر أنها متعبة بل لاتشعر بأنهت قدمت شيئاً البيوت تُفتَح للزائرين ويتبارى أصحابها بمن يستطيع الحصول على عدد أكبر من الزوار تجد بيتوهم متعبة والزمن والفقر تركَ آثاره عليها، لكن حب الحسين، عليه السلام، وبركته جعلتها أماكن حانية على الزائر، مليئةً برائحة السمك أو الخبز أو أرز العنبر، وفي نفس الوقت تراها مليئة بالقصائد الحسينية التي تشعل حرقة في القلب وألماً في الروح.
هؤلاء يسعون طوال السنة لجمع المال لتأمين كل ما يحتاجه الزائر، ومهما قدموا يشعرون بالتقصير قلوبهم ونفوسهم تحمل غصة مصاب ابن الزهراء، عليه السلام ، عيونهم غارقة طوال الوقت بالدموع.
إذا نظرت لوجوههم ترى نوراً موحداً يعمُّ كل البشرات بيضاء كانت أو سمراء ترى لمعاناً في العيون وكأنها تشع اشعاعاً .
تُرى ما كلُّ مايحدث في هذه الأيام ؟
أهو سحرٌ يمسح القلوب والأرواح والنفوس؟
أم جنون مؤقت يصيب هؤلاء يسلب عقولهم، يذيب قلوبهم يصلح نفوسهم.
نعم إنه أثر حبُّ سبطِ رسول الله ،صلى الله عليه وآله وسلم، إنه أثرُ عشق ابن علي وفاطمة، عليهم السلام، إنه أثر مافُطرنا عليه من حب وعشق وهيام بالحسين، عليه السلام.
الخدمة الحسينية بمثابة ماءٍ طهورٍ نغتسلُ به في هذه الأيام القليلة بعددها، المباركة في وقتها، تتمنى أن لا تنتهى وتبكي بكاءاً لا مثيل له مودعاً على أمل القدرة والتوفيق للخدمة في السنة القادمة، يكاد قلبك يخرج من مكانه لمجرد تخيلك الحرمان من هذه الخدمة وهذا السير.
وفقنا الله وإياكم لنكون قلباً وجسداً وروحاً ممن يغتسل بهذا الماء الطهور ليجدد العهد مع الحسين،عليه السلام.
لتَعِدَهُ نَفْسُنا المتعبة المرهقة من كثرة الذنوب والآثام على مدار السنة لتعده بالتوبة والأوبة إلى الله عزوجل، وتجدد العهد معه بالتمهيد لابنه الامام الحجة ،عجل الله تعالى فرجه، وسهل مخرجه ، ومسح على قلبه، عجل الله تعالى فرجه، بمصابه بأبيه. لا حرمنا الله وإياكم بركات هذه الخدمة وبركات مولاتنا الزهراء، عليها السلام، وابنها الحسين،عليه السلام
جعلنا الله و اياكم من خدمة اهل البيت و القائمين على احياء سيد الشهداء
وفقنا الله و اياكم في خدمة اهل البيت عليهم السلام و القائمين على احياء شعائر سيد الشهداء عليه السلام
كلام جميل جعلنا الله وإياكم من خدمة الآل الأطهار
ياارب نسأل الله القبول والتوفيق
ياارب يسمع منكم .. نحن وأنتم يااالله