أسوة حسنة

عفيفة في هودج اسيرة

 العفة تعني صيانة النفس من جميع الرذائل بامتناعها وترفعها عما لا يحل او لا يجمل من شهوات الجنس والبطن، والمرأة العفيفة هي المرأة الخيّرة التي تصون عرضها وشرفها.

 إن دور المرأة في المجتمع الإسلامي يُلامس  أخطر شيء في حياة المجتمع، إلا وهو تنشأة الجيل وفق الرؤى الإسلامية واعدادها وتأهيلها كي تستمر الحياة، ويساهم في تطويره وباتجاه تكامل الحياة.

 إذا كانت المرأة في المجتمع الإسلامي قد ادّت دوراً بفضل ايمانها بالعقيدة الإلهية التي صاغت منها وجوداً طاهراً وفعلا، فإن نموذج المرأة التي اشتركت في واقعة الطف كانت قد بلغت القمة في ذلك الدور، وتألقت في آفاق الانسانية لتخلد بخلود الموقف، واصبحت بعد هذه الملحمة البطولة المثل النسوي الذي جسد المبادى الاسلامية.

⭐ إذا كانت المرأة في المجتمع الإسلامي قد ادّت دوراً بفضل ايمانها بالعقيدة الإلهية التي صاغت منها وجوداً طاهراً وفعلا، فإن نموذج المرأة التي اشتركت في واقعة الطف كانت قد بلغت القمة في ذلك الدور

ومع أن المرأة المسلمة مارست دوراً ريادياً في كربلاء وملحمة  الخلود، إلا أن التاريخ لم يعكس على صفحاته ذلك الدور وبحجم واقعها الحقيقي على الأرض.

انتصرت المرأة في كربلاء أكثر من مرة؛ مرة للحق باعتبار ان موقف  الإمام الحسين، عليه السلام، كان موقفا عادلاً، ومرة للإنسانية، لأن رسالة الحسين، عليه السلام، كانت من أجل الإنسانية.

 وتعدُّ السيدة زينب، عليه السلام، مثلا وقدوة للعفاف وتحصين النفس من الشبهات والصغائر، ولم تغرها مفاتن الدنيا؛  من مأكل دسم، او ملبس ناعم، أو شهوة زائلة، اولذة وقتية، بل أثرت طريق العفة ولم تلوث سمعتها  واخلاقها  برذيلة اومنقصة، وكانت عليها السلام، تراقب نفسها وتداب على محاسبته في كل أفعالها واقولها، وتحرص على تقويم ذاتها تطبيقات للحديث الوارد عن أهل البيت ع وهي من سادات اهل البيت،، ليس منا من لم يحاسب نفسه.

 في الشام وحينما صبَّ اللعين يزيد الأموال على نطاع من حرير خالص مفروش في مجلسه يريد تقديمها لأهل البيت، عليه السلام، لتكون دية قتلاهم وعوضا أموالهم المنهوبة قائلا: خذوا هذه عوض ما اصابكم!

فردت عليه السيدة زينب، عليها السلام، مستنكرة ومستهجنة لفعله بقولها: “ما اقل حياءك  واصلف وجهك  تقتل أخي وأهل بيتي وتعطيني عوضهم”. ذكرها القرشي، (حياة الامام الحسين، عليه السلام، ص٤١٤).

 بدأت مهمة السيدة زينب، عليها السلام، الرسالة بعد  مصرع الإمام الحسين، عليها السلام، لأنها في حياته كانت تتهيأ للدور، فبعد استشهاده جمعت  النساء والأطفال  وحمتهم  بعفتها وشجاعتها  وعلمها وفصاحتها، ورعتهم في مسيرة السبي الطويلة من كربلاء إلى الكوفة إلى الشام ذهابا وإيابا، ولم تسمح  للعتاة  الظلمة ان  يمسوا  امرأة او يوذوا طفل، وواست الأرامل، ومسحت على رؤوس الايتام، كانت عليها السلام، إما وأبا واختا تتصدى لكل من يحاول ان يمسهم، وقاومت نظرات الاعداء الشامتة وكلماتهم وتصرفاتهم.

هزّت السيدة زينب، عليها السلام، بكلماتها عرش الظالمين وبيّنت للناس حقيقة الامويين وحكمهم  الناس بالظلم والجور، فسكت يزيد واطرق وكل من كان معه  كأن على رؤوسهم  الطير  وكان لكلماتها وقع  في قلوب بني أمية، فاخذت خطبتها هزة عنيفة في مجلس يزيد وكدرت صفو  الابتهاج وكشفت الزيف والاباطيل  التي بثها  يزيد في أهل الشام من ان هؤلاء السبايا من الخوارج او الترك فانتفض يزيد ووقع الخلاف في مجلسه.

⭐ ابتعاد الأمة الإسلامية لاسيما المرأة المسلمة عن قيمها  التربوية الأصيلة المنبثقة من القرآن الكريم والسنة النبوية المهرة ويجعلها عرضة للغزو  الثقافي الا جنبي  والتأثّر بالقيم الغربية

ظفرت الحوراء زينب، عليها السلام، على الخصوص بمكونات تربوية عملت على تكوين شخصيتها المرموقة وتزويدها  باضخم الثروات  الفكرية والقيم التربوية ورثتها من  شخصية جدها رسول الله، صلى الله عليه وآله، وصفاته الخلقية والنفسية  ومكوناته الروحية وهو القائل، صلى الله عليه وآله:  “لحمهم لحمي ودمهم دمي”.

 اخيراً؛ يمكن القول ان  ابتعاد الأمة الإسلامية لاسيما المرأة المسلمة عن قيمها  التربوية الأصيلة المنبثقة من القرآن الكريم والسنة النبوية المهرة ويجعلها عرضة للغزو  الثقافي الا جنبي  والتأثّر بالقيم الغربية المادية العلمانية الملحدة والأخلاق الرذيلة، مما يعرضها إلى الازدواجية وينزع منها فعاليتها وأثرها في صياغة الشخصية الاسلامية القوية.

 يمكن للمرأة ان تؤدي دوراً عظيماً في قيادة وإصلاح المجتمع اذا ما تهيأت لها التربية السليمة والمنهج الصحيح لتكون  عنصراً  فاعلاً  في سعادة المجتمع  لاسيما  في بلاد نسبة العنصر النسوي  فيها أكثر من الرجال، كما هو حاصل في بلدنا العزيز العراق  بلد الإمام علي والحسن والحسين والجواديين والعسكريين عليهم السلام.

 كانت الحوراء زينب، عليها السلام، بمواقفها البطولية وكفاحها المشرف ضد الظلم والطغيان قدوة فذة لجميع نساء المسلمين، ويجب أن يتخذن منها مثلا كريماً لمواجهة الظلم والجور ونشر العدل في الارض. السلام على الحسين واخت الحسين عقيلة بني هاشم.

عن المؤلف

أ.د سادسة حلاوي حمود ــ جامعة واسط ــ قسم تاريخ الأندلس والمغرب

اترك تعليقا