الهدى – متابعات ..
لم ينجح النظام الخليفيّ هذا العام، كما في كلّ عام، في «اختطاف موسم عاشوراء» على الرغم من اعتداءاته التي كان ينفّذها ليلًا تحت جنح الظلام، بينما تصدح أكاذيبه نهارًا بسعيه إلى إنجاح الموسم ضمن «إجراءات» تتّخذها أجهزته نفسها التي تشرف على هذه الاعتداءات.
فبلدات المرخ وعالي وإسكانها، ومدينة الزهراء، والغريفة، وسار، وكرّانة، وأبو صيبع والشاخورة وباربار وسلماباد وغيرها من البلدات شاهدة على زيف هذه الادّعاءات، فراياتها السود ويافطاتها الحسينيّة قد أزيلت، إضافة إلى الجوّ البوليسيّ الذي أحاط بالمآتم في كلّ البلدات لمراقبة المعزّين وترصّدهم.
وكلّ هذا لم يمنع شعب البحرين الحسينيّ من إحياء موسم عاشوراء كما اعتاد طيلة مئات السنين، والحضور الكثيف في مجالس العزاء ومواكب المنامة خير دليل على ذلك، بل خير دليل على إصرار الشعب البحرانيّ على الوقوف بوجه الحرب الشعواء التي يشنّها النظام الخليفيّ على شعائره المكفولة دستوريًّا ودينيًّا، لتكون ليلة العاشر في العاصمة المنامة.
وفي ظهر العاشر، وعلى الرغم من درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير مسبوق، خرجت «مسيرة التلبية العاشورائيّة» في بلدة النويدرات وجزيرة سترة بهتاف «لبيك يا حسين»، ورفع المشاركون الرايات العاشورائيّة، وأكّدوا الوقوف دومًا ضمن محور الحقّ في مواجهة الظلم، وكان للحرائر حضورهنّ في هذه المسيرات، وديس العلمان الصهيونيّ والسويديّ.
ولم يغب شهداء البحرين ومعتقلوها عن الإحياء طيلة هذه الأيّام والليالي، فقد زيّنت صورهم العديد من البلدات تأكيدًا للسير على نهجهم حتى تقرير المصير.
وكما في كل عام وعند انتهاء العاشر من محرم، فقد بدأت مؤسسات النظام الرسمية التهليل لما يسمى بإجراءات الداخلية لإنجاح موسم عاشوراء، ونسب الفضل إلى الملك حمد بن عيسى راعي التعايش والتسامح كما تزعم.
وأشارت الصحف الرسمية إلى جولة ميدانية قام بها رئيس الأمن العام طارق الحسن بهدف ما زعمت أنه الاطمئنان على الترتيبات اللازمة وتقديم كل الخدمات الأمنية لتأمين موسم عاشوراء ترسيخا لاستراتيجية الشراكة الاجتماعية.
أما صحيفة الأيام الرسمية فبدأت عبر مقطع فيديو في صفحتها في منصات التواصل الإجتماعي ترويج إجراءات الداخلية خلال موسم عاشوراء.
وقبل أن تتسابق الجهات الرسمية الى نسب نجاحات الموسم إلى الداخلية ورئيسها ومن قبلهما ملك البلاد، لا بد من تأكيد أمور لا لبس فيها، إن نجاح موسم عاشوراء يعود إلى الشعب نفسه تحت قيادة العلماء والمنظمين وأصحاب المآتم والحسينيات وإلى اللجان الفنية وأصحاب المضائف والأهم من ذلك إرادة المعزين أنفسهم.
أما الجهود الأمنية والإجراءات فهي بالنسبة الى شعب البحرين محصورة في الاعتداءات بالجملة على المظاهر العاشورائية والتي بدأت منذ الأيام الأولى للإحياء، عبر إزالة اللافتات والأعلام من مختلف المناطق التي دخلتها القوات الامنية خلسة في الليل.
وليس ذلك فحسب بل تم أيضا اعتقال مواطنين وابتزاز أهاليهم عبر إزالة السواد في مقابل الإفراج عن ذويهم كما حدث في منطقة عالي، أو اعتقال مواطن لأنه وزع الماء، أو داس علم الكيان، ومن إنجازات الداخلية ايضا منع مسيرة من الانطلاق بسبب حملها لافتة تحمل صورة كبرى المرجعيات الدينية في البحرين سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم.
وقوبلت هذه الإجراءات القمعية والحرب الرسمية على الشعائر الدينية، من قبل الشعب بوعي عال عبر الحضور الكثيف والمشاركة الواسعة، والتكاتف والتلاحم، والإصرار على تقديم مراسم حضارية لا تشوبها شائبة.