أسوة حسنة

الإمام علي والزهراء انموذج للحياة الزوجية المتكاملة

إن ما تملكه السيدة فاطمة الزهراء، عليها السلام، من النسب والشرف يفوق بذلك نساء زمانها والدها رسول الله وخير البشر وأمها خديجة بنت خويلد من افضل نساء اهل البيت وأفضل نساء العالمين وكانت تلقب قبل الإسلام الطاهرة.

 روى اغلب المؤرخين مسألة زواج الإمام علي، عليه السلام، من السيدة فاطمة، عليها السلام، بنت رسول الله، صلى الله عليه وآله، وعدوها من النعم التي اسبغ بها الله ـ تعالى ـ على الإمام علي، عليه السلام، ولاشك في أن م اتمتعت به السيدة العظيمة من مرتبة عند الله ـ تعالى ـ ورسوله الكريم ما يفسر إجماع المؤرخين على ذكر مكانتها وفضائلها.

 وبعد أن يأس الصحابة من الحصول على شرف الزواج من بنت رسول الله، صلى الله عليه وآله، جاءت البشارة والأمر من الباري ـ عز وجل ـ بتزوج الزهراء، عليها السلام، من أفضل صحابة رسول الله، صلى الله عليه وآله، وأول من صلى معه واقدمهم اسلاما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما لا يملك هذه الصفات وأكثرها غير الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام.

 إن الإمام علي، عليه السلام، كانت عنده الرغبة في مصاهرة النبي، صلى الله عليه وآله، إلا أنه كان متردداً  خوفاً من أن يرفض الرسول، صلى الله عليه وآله، لكونه فقيراً وهل من المعقول ان رسول الله، صلى الله عليه وآله، يقيس الناس بحسب ما يملكون من المال فلو كان كذلك لكان زوج ابنته من الصحابة الأغنياء الذين تقدموا لخطبتها.

⭐ مهر الزاهراء البسيط دليل قاطع على صفة التواضع في أهل البيت، عليهم السلام، وعدم حرصهم على الابهة او المغالاة في المهور

جهز رسول الله، صلى الله عليه وآله، بيتها زفافها بالأموال التي قدمها الإمام علي ع كمهر لها، ذكرت بعض الروايات انها جهزت بحاجة اوحاجتين من سرير ووسادة من ادم حشوها من ليف.

ان هذا التواضع في مهرها، عليها السلام، دليل قاطع على صفة التواضع في أهل البيت، عليهم السلام، وعدم حرصهم على الابهة او المغالاة في المهور ووضحت النصوص ان هذا الزواج ارتبط بسر وحكمة الهية لم تكن خافية، فالأمر ذو علاقة بحياة هذه الأمة والعلاقة ترتبط امتداد فرع النبوة والإمامة،  شاء الله ـ عز وجل ـ أن يزوّج خيرة نساء هذه الأمة بخير رجالها يقول الشاعر:

ولم تكُ تصلح إلا له ولم يكُ يصلح إلا لها

 دفع إليها جنة الحرب وعرض نحره للطعن والحرب

ما ذُكر في تجهيز بيت الزهراء، عليها السلام، كان غاية في البساطة والتواضع ورغم مكانة الإمام علي والسيدة فاطمة، عليهما السلام، في المجتمع إلا انهم اقتدوا بالفقراء ولم يهتموا للمظاهر.

  • زواجهما عليهما السلام

 في السنة الثانية للهجرية النبوية وبعد رجوع المسلمين منتصرين من غزوة بدر عقد النبي، صلى الله عليه وآله، للإمام علي على السيدة فاطمة بالزواج، ذكر الإمام السجاد، عليه السلام، عن تاريخ زواجهما بعد أن سئل فاجاب: “بالمدينة بعد الهجرة بسنة وكان لها يوميذ تسع سنين وقال ايضاولم يولد لرسول الله، صلى الله عليه وآله، من خديجة على فطرة الإسلام إلا فاطمة”.

وروي عن الإمام الصادق، عليه السلام: “تزوج علي فاطمة  في شهر رمضان وبنى بها في ذي الحجة من العام نفسه بعد معركة بدر”.

 بعد الزواج انتقلت الى بيت الزوجية الذي بناه رسول الله، صلى الله عليه وآله، وكان ملاصقاً لمسجده الشريف له باب شارع إلى المسجد كبقية الحجرات التي بناها لزوجاته فهي تعيش في جو تكتنفه القداسة والنزاهة، وتحيط به عظمة الزهد وبساطة العيش وتعين زوجها على أمر دينه واخرته.

 الإمام علي، عليه السلام، انموذجا الرجل الكامل في الاسلام وفاطمة ع انموذجا المرأة الكاملة في الإسلام ترعرعا، في ظل النبي، صلى الله عليه وآله، يغذيهما بالعلم  وسائر الفضائل، فاخذا  العلوم والمعارف الإسلامية من معينها الأصيل ومنبعها العذب ورأيا الإسلام يتمثل في شخص النبي، صلى الله عليه وآله، فكيف إذن لا تكون أسرتهما الانموذج الأمثل للأسرة المسلمة.

  • الترابط الزوجي بين الزهراء وأمير المؤمنين

كانت حياة أمير المؤمنين علي، عليه السلام،  مع السيدة  فاطمة  حياة أُلفة ومودة ومحبة، بينها أمير المؤمنين، عليه السلام بقوله: “فوالله ما اغضبتها ولا اكرهتها من بعد ذلك على أمر حتى قبصها الله عز وجل اليه ولا اغضبتني ولا عصت لي أمرا ولقد كنت انظر إليها فتكشف عني الغموم والأحزان”.

وصلت العلاقة بين الزهراء والإمام علي، عليهما السلام، إلى درجة كبيرة من التفاهم والمحبة وعملت، عليها السلام، في بيتها حتى أصبح متفق عليه أن السيدة فاطمة كنست  البيت حتى وكنت ثيابها وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها.

⭐ وصلت العلاقة بين الزهراء والإمام علي، عليهما السلام، إلى درجة كبيرة من التفاهم والمحبة

 وذكرت الروايات ان عمل البيت كانوا يتقاسمونه فيما بينهم  في رواية الإمام الباقر، عليه السلام:  “إن فاطمة ضمنت لعلي عمل البيت والعجين والخبز و(قم) البيت وضمن لها علي ما كان خلف الباب ثقل الحطب وان يجئ بالطعام”.

هكذا تكون الزوجة الصالحة والأم والمربية كيف راعت الحالة الاقتصادية لزوجها والظروف  المعيشية الصعبة، إذ تزوجت في بداية تكوين الدولة الإسلامية و المسلمون مشغولون بالجهاد من أجل  نشر  الدين الإسلامي وما حققوه من نتائج يجب العمل للحفاظ عليها من المشركين والمنافقين.

اما الامومة فهي من المهام الثقيلة التي ألقيت على عاتق الزهراء، عليها السلام، إذ أنجبت خمسة اولاد هم الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم، في حين أسقط جنينها المحسن قبل ولادته، وقد قدّر الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يكون نسل رسول الله، صلى الله عليه وآله، وذريته من فاطمة كما أخبر الإمام السجاد والباقر، عليهما السلام، عن رسول، صلى الله عليه وآله: “إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب”.

فكم تحتاج بناتنا ونسائنا وبيوتنا للثقافة الفاطمية، نحن اتباع ائمة اهل البيت، عليهم السلام، وشرفنا وفخرنا يميزنا عن غيرنا، فعلينا أن نقتدي بالسيرة العطرة للسيدة الزهراء وبضعتها المجاهدة الأولى في هذه الحياة بطلة كربلاء وشريكة الإمام الحسين، عليه السلام، في نهضته العملاقة.

اللهم ارزقنا شفاعة الزهراء ع يوم الورود.

عن المؤلف

أ.د سادسة حلاوي حمود ــ جامعة واسط ــ قسم تاريخ الأندلس والمغرب

اترك تعليقا