تربیة و تعلیم

من الجدير بالمديح؟

الانسان هذا الكائن المعقّد لما يحمله من الصفات المركبة والطباع المختلفة سيئة أكانت ام جيدة، هذه الصفات هي التي تسيّر حياته او فلنقل انها تتحكم بجزء كبير منها، اليوم ارتأينا عرض واحدة من الصفات التي يحبذها غالبية البشر وهي حبهم للمديح الذي يعتبر من طبيعتهم وان حاولوا نكران هذه الحقيقة فهم كاذبون، فالحقيقة ان اي شخص يُحب أن يشكره الناس على ما فعله ويشيدوا به، وليس في الامر خطأ حين يكون المدح تثميناً لجهد لكن مثلما للمدح فوائد له اضرار يجب الابتعاد عنه من اجل عدم المرور بها او التعرض لنشوتها التي تصيب الانسان بالأمراض المجتمعية ذات المنابع النفسية.

  • ما الاثر النفسي للمديح على الانسان؟

 الاثر الذي يتركه المدح على النفس البشرية كبير جداً فهو بمثابة الدافع الذي يدفع الفرد للاستمرار في العطاء وبدون هذا المدح الذي يقدم على عدة صور على انها تعزيز إيجابي لضمان استمرار السلوكية الجيدة مع امكانية انطفاء السلوكية غير السوية، والعكس الذي ممكن ان يحصل في حال لم يقدم المدح لم يشعر المنجز بالاهتمام، ولم يُشعره أحد أنه قام بإنجاز ولم يَمدح أحد ما قام به فسوف يتخاذل ويشعر أن فعلته لا قيمة لها وبالتالي يصبح عاملاً كلاسيكياً يريد قضاء يومه فقط من دون تميز.

  • متى نقدم المدح والشكر؟

المَواطن التي يُستحسن فيها ان يبادر الانسان الى مدح الاخر كثيرة، فالأبوين لابد ان يمتدحان ابنهما حين يكمل واجباته المنزلية والمدرسية على اتم وجه واشعاره بالرعاية والاهتمام بتفصيلات حياته، وان ظهوره بالمنظر اللائق يعنيهم كثيراً لكونهم يرون انفسهم من خلاله، كما ان المعلم او المدرس حين يمتدح طلابه حين يحصلون على تقديرات عالية وحين يتقنون المعلومات والمهارات التي يقدمها لهم مع التزامهم بقوانين الصف الدراسي يجعلهم منهم اكثر التزاماً وانتظاماً، وكذلك الحال فيما يخص انجاز كل المهام والواجبات الحياتية المختلفة.

⭐ الاثر الذي يتركه المدح على النفس البشرية كبير جداً فهو بمثابة الدافع الذي يدفع الفرد للاستمرار في العطاء

والرئيس مع موظفيه حتي يحثهم علي الاستمرار والعطاء ينبغي له ان يمتدح جودة انتاجهم وحرصهم على اتمامه ويمكن ان يقدم المدح على شكل محفزات مادية ولا تقتصر على المعنوية اللفظية فقط، وهذا من شأنه ان يبقيهم على مستوى عالٍ من الحب لعملهم والعمل على تحسينه بشتى الطرق.

وحري بالزوجين ان يمتدح احدهما الآخر حين يهتم به ويقدر عمله من اجل الاسرة بصورة عامة والثناء على كل ما يتقوم به من اعمال حسنة، فهذا المديح من شأنه يديم الود بينهما وبالتالي تسير الاسرة على نظام يدعم سلوكية المديح ويجعلها اسلوب حياة يتعلمها الابناء ويستمرون على القيام بها وهذا هو التعلم بالقدوة الذي يعد من اكثر مناهج التربية فاعلية.

⭐ حري بالزوجين ان يمتدح احدهما الآخر حين يهتم به ويقدر عمله من اجل الاسرة بصورة عامة والثناء على كل ما يتقوم به من اعمال حسنة

كما يجب ان تُمتدح ايّة جهود تقدم لنا ومن اي احد من الناس سواء اكان قريباً ام غريباً، فحين ترى عمال النظافة في شارعك يقدمون لك خدمة امتدح ما يقوم به واشكرهم على تفانيهم في عملهم، ومثله عامل الكهرباء وكل العاملين في القطاعات الحكومية المعنيين بتقديم خدماتهم للناس، فرغم كونه واجبهم الرسمي ويتقاضون اجوراً عليه الا ان امتداحهم سيشعرهم بحبهم لعملهم.

  • تنويه:

لابد من التأكيد على ضرورة الموازنة بين المديح والنقد البناء لان الافراط في المدح له اضرار على الشخص الممدوح ومنها قد يجعله يشعر بالكبر أو الإعجاب بالنفس، فربما يشعر بعد ذلك بأنه أفضل من الناس، وبعد ذلك يتراخى لأنه يشعر أنه يفعل أكثر من طاقته وربما قد يصل به الحال الي الشعور بالكمال وبالتالي يصاب بالغرور.

 ومن مساوئ عدم الموازنة ان بعض المادحين يفرطون في المدح مما يولد بين الناس سواء كانوا اخوان او زملاء عمل او اي شخصين يجمعهم مكان في هذا الدنيا، في النهاية اوصيكم ونفسي قراءنا الاكارم بضرورة المبادرة بالمدح لمن يستحق وفي الموقف نفسه وبدون افراط طمعاً في النتائج الطيبة له وتجنباً للإثار السلبية التي تتولد من الافراط في الوقت ذاته.

عن المؤلف

عزيز ملا هذال/ ماجستير علم النفس

اترك تعليقا