الانسان في طبعه يميل الى المثالية والكمال، ومن اجل ذلك يسلك اكثر الطرق وعورة، لكونه يرى ان حياته حين تصبح مثالية ستكون اكثر راحة وسعادة واطمئنان، غير ان علم النفس فنّد هذا الاعتقاد ويعتبر هوس الانسان بالمثالية هو انحراف نفسي وهو امر غير طبيعي ولا مريح ويأتي بالمضار لا المكاسب على الانسان وصحته النفسية، فما هي المثالية؟
وماهو اختلافها عن لطبيعية؟
الشخصية المثالية في علم النفس هي الشخصية التي تمتلك سمات شخصية واسعة تظهر بوضوح في رغبة الفرد الشديدة وسعيه الدائم للكمال والخلو من الأخطاء والعيوب، حيث تترافق هذه الرغبة مع تقييم ونقد للذات، ومخاوف بشأن تقييمات الآخرين في محيطه الاجتماعي الذي يفرض عليه الكثير من السلوكيات التي ربما هو غير مقتنع بها لكنه لا يستطيع رفضها لسبب او لآخر.
⭐ تختلف تفسيرات المثالية من انسان لآخر فمنهم ما يرى ان الانسان يجب ان يكون مثالياً في جميع سلوكياته وفي جميع مرافق حياته، بينما يرى اخرون شخصية بأن مثالية الانسان قد تقتصر على جانب معين
تختلف تفسيرات المثالية من انسان لآخر فمنهم ما يرى ان الانسان يجب ان يكون مثالياً في جميع سلوكياته وفي جميع مرافق حياته، بينما يرى اخرون شخصية بأن مثالية الانسان قد تقتصر على جانب معين يعتبره بالنسبة اليه امراً غير قابل لان يصبح بغير الصورة المثالية التي يرسمها هو في باله، ومابين الاعتقادين او التصورَين عن المثالية الانسانية تبقى فكرة ان يكون الانسان مثالي غير ناضجة ومتعبة للفرد ذاته ولمن حوله من الناس.
⭐ الطبيعيون يتقبلون النتائج النصف مرضية ويسعون الى تطويرها وهو ما يجعلهم يشعرون بالرضا حتى لو لم يتمكنوا من تحقيق كل الأهداف لكونهم لا يؤمنون بأسلوب اما الكل او لا للجزء الذي يؤمن به المثاليين
نلحظ في حياتنا العامة وعبر المواقف الحياتية التي نمر بها ان مثالية بعض الناس الاهتمام والسعي لتحقيق مُثُل أو أهداف غير واقعية، الأمر الذي ينتج عنه العديد من المشاكل والاضطرابات النفسية كالاكتئاب وتدني تقدير الذات، وصولاً إلى الميول الانتحارية في بعض الحالات المتقدمة، وقد لوحظ مؤخراً أن السعي المحموم للكمال والمثالية يزداد انتشاراً، خاصة بين فئات المراهقين والشباب لكونهم غير متفهمين لطبيعة الحياة وغير مدركين لأدوارهم في الحياة اصلاً، وهذا الاندفاع العالي سيجعلهم اما خيارين اما الفشل الذريع او مقاطعة المحيط.
- الفروقات بين المثاليين والعادين:
1-المثاليون ينتقدون بطريقة لاذعة جداً لمن حولهم من الناس وهذا ما يجعلهم يختلفون عن الناس الطبيعيين، اما الطبيعيين فإنهم يشعرون بالفخر تجاه إنجازاتهم، ويدعمون الآخرين ممن يسعون لتحقيق أهدافهم ويقفون معهم، بينما المثاليون يركزون على الأخطاء والثغرات وينشغلون بمواطن النقص والضعف، ولا يستطيعون رؤية أيّ شيء آخر مختلف عن الذي يريدونه، الأمر الذي يجعلهم أكثر إصداراً للأحكام وأكثر قسوة على انفسه والآخرين عند الفشل.
2- معايير المثاليين للحكم على الاشياء غير واقعية واهدافهم غير منطقية وغير قابلة للتحقق، الامر الذي يجعله تعيساً بائساً وطريقه مليء بالعقبات، بينما يستطيع فيه الشخص الطبيعي الطموح ذو الإنتاجية العالية أن يضع أهدافًا كبيرة، ويحققها لكونها واقعية وهو يمتلك الادوات لتحقيقها.
3- يشعر المثاليون بالخوف الدائم من ايّة خطوة يقمون بها، سيما اذا كان المنتَظَر منها تحقيق هدف حياتي لان الفشل بالنسبة اليه نهاية المشوار ولايمكن اعادة الكرة مرة اخرى وهذا خلاف العقل والمنطق، بينما الطبيعيون يمضون نحو تحقيق اهدافهم برغبة وحب وشغف ويستمتعون بكل خطوة يخطونها وان فشلوا يتعلمون من الخطأ ويعيدون المحاولة حتى يصلوا الى النجاح.
4- يفتقد المثاليون الى الرضا عن ذواتهم لكونهم لا يفضلون بانتظار النجاح الجزئي ويرغبون بالنجاح الكامل وليس لديهم قدرة على الصبر من اجل تحقيق نسبة عالية من الانجاز، وهو ما يزعزع ثقتهم بأنفسهم وبالتالي يغيب الرضا، اما الطبيعيون يتقبلون النتائج النصف مرضية ويسعون الى تطويرها وهو ما يجعلهم يشعرون بالرضا حتى لو لم يتمكنوا من تحقيق كل الأهداف لكونهم لا يؤمنون بأسلوب اما الكل او لا للجزء الذي يؤمن به المثاليين.
5- يفرط المثاليون في الفرح والتفاخر حين ينجزن هدفاً او يحصلون على ترقية ما او مكسب معين ويجعلهم يعيشون في نشوة كبيرة قد تبعدهم عن طريق الانجازات لفترات طويلة لاحقة، بينما الطبيعيين يعدون الامر عادي ولا يستحق كل هذا الفرح والسكر في نشوة كبيرة لان الحياة التي تريك اليوم نجاحاً ستريك غداً فشلاً وهكذا الحال. في الختام عزيزي القارئ الكريم بعد ان سردنا لك ابرز الفروقات بين الاشخاص المثاليين واقرانهم الواقعيين، كما ذكرنا ضمناً النتائج المترتبة على كون الانسان واقعي متطرف ام طبيعي معتدل الآن اصبح لك الخيار بأن تكون واقعي ام مثالي فليس لنا وصاية على عقلك.