يقول الرسول الأعظم، صلى الله عليه وآله: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
الاخلاق هي هدف اساسي لبعثة جميع الانبياء، ومنهم النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله، فكل الانبياء بعثوا كي يهذبوا أخلاق البشر، ولذلك مهمة الرسول هي التزكية.
تارة يكون الانحراف البشري بسبب سوء الاخلاق في الجانب الاقتصادي، وتارة يكون الانحراف في الجانب السياسي، وتارة في الجانب الاجتماعي، وهكذا في بقية الجوانب الاخرى تكون الانحرافات بسبب سوء الاخلاق.
الرسول الأكرم، صلى الله عليه وآله، جاء لكي يكمّل البناء الذي بدأه الانبياء، عليهم السلام، فكلمة الاخلاق كلمة شاملة عامة، تشمل جميع مناحي الحياة، فلابد للانسان ان يكمل اخلاقياته في الجانب الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي..، ففي المجال الاقتصادي ـ مثلا ـ يدخل الانسان في البيع والشراء، فيكذب في بيعه، ويؤكد على ذلك بالأيْمَان والحلف، واذا دخلت سوق بيع الاجهزة يؤكد لك البائع ان هذا الجهاز هو الاصلي، لكنه في الحقيقة ليس جهازا أصليا، والكذب يدخل السوق في أي بضاعة كانت.
⭐ العمل الاقتصادي حينما لا يُبنى على الاخلاق يصبح هناك تكسباً غير مشروع، ويحدث اضطراباً في السوق، فالانسان حين يدخل السوق يبدأ بالكذب ثم تمتد هذه الخصلة الى جزء كبير في حياته في مختلف المجالات
العمل الاقتصادي حينما لا يُبنى على الاخلاق يصبح هناك تكسباً غير مشروع، ويحدث اضطراباً في السوق، فالانسان حين يدخل السوق يبدأ بالكذب ثم تمتد هذه الخصلة الى جزء كبير في حياته في مختلف المجالات.
في الجانب الاجتماعي ـ مثلا ـ تدخل الاخلاق بشكل كبير فيه، فالإنسان حين يكون أمينا في علاقاته وتعاملاته، فلا يُفشي اسرار الناس “فالمجالس بالأمانة”، فقد يحدث ان يجلس البعض في مجلس ويغلط احدهم نتيجة زلّة لسان، فليس من الصحيح إخراج اسرار هذا المجلس عند الآخرين الذين لم يكونوا حاضري المجلس، وأمانة أخرى من الأمانات الاجتماعية؛ حفظ الجار، فعلى الجار ان يحفظ عرض جار، فلا يتجسس عليه، ولا ينظر الى النساء، كذلك الإبن أمانة الله عند والده، فعلى الأب ان يُحسن أدبه وتربيته، وإلا فهو بذلك يخون الأمانة، ومن الأمانة حسن التعامل مع القيادة (المرجعية)، وكذا على القائد ان يحسن التعامل مع رعيته لانهم أمانة في عنقه.
في الصحيفة السجادية يوجد دعاء عظيم “دعاء مكارم الاخلاق”، ولابد للإنسان ان يقرأه بين فترة وأخرى، ويرى هل ان الاخلاقيات الورادة في الدعاء تنطبق عليه أم لا.
فحري بنا ان نقتبس من نور النبي الأكرم، صلى الله عليه وآله، لينعكس ذلك على سلوكياتنا، فإذا كان هدف الرسالة تنمية الاخلاق، فأين نحن من تلك الاخلاق؟
فمن مذام الأخلاق ـ مثلا ـ ان يفكر الانسان في نفسه فقط، فما دام هو مرتاح، فلا يهتم أن يرتاح أهله، او اصدقاؤه، او جيرانه! وتلك هي الانانية المقيتة ان يشبع رغباته وشهواته كيف ما كان على حساب الآخرين، أما الأنانية الايجابية ان يسعى الانسان الى اصلاح نفسه وحتى لم لم يسعَ الآخرون اصلاح انفسهم. يجب أن تكون روايات النبي الأكرم، وأهل بيته، النور الذي ينعكس على واقعنا، وان نحولها الى سلوكيات، فلا يجب ان نكتفي لمجرد قراءتها وكتابتها ونشر في بعض الأماكن، بل هي جسور نمر عليها ونستفيد منها في حياتنا الواقعية والسلوكية، ” إنما الدين المعاملة”.