الهدى – متابعات ..
قال القيادي في لقاء المعارضة في الجزيرة العربية، الشيخ جاسم المحمد علي، أن “الأنظمة الظالمة وعلى رأس قائمتها النظام السعودي تدرك أن رجل الدين يشكل في المجتمع الشيعي دورًا بنيويا في توجيه الإنسان وهدايته وتصويب مساراته الأخلاقية والفكرية والاجتماعية والسياسية، وتعي أن محددات الدور ورسم معالمه ليس ابداعا بشريا، بل هو يتبدى من عمق النظرية الدينية، الأمر الذي يجعل من أبرز أدوار رجال الدين في المجتمع هو دور المراقبة لحركة المجتمع والتحديات والمخاطر التي يعيشها في كل المجالات ذات الصلة بالدين ومفاهيمه الأساسية من التوحيد الإلهي، والعقائد الدينية والحريات الفكرية والسياسية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، وغيرها من المعاني والقيم، ليحفظوا الحركة الاجتماعية من الانحراف والتحريف، و الارباك والابهام، والانشغال عن الأولويات الدينية بالظواهر الشكلانية”.
ولفت المحمد علي، في حديث صحفي، إلى أن “النظام السعودي وجد أن رجال الدين في الكثير من المحطات والتهديدات كانوا حصنا منيعا للحركة الاجتماعية من انزلاقها في متاهات الانحراف، أو الانصهار في مشاريع التمييع والتطبيع مع الفساد والانحلال والتغريب، أو تحولها إلى أدوات لأجندة السلطة الظالمة ومخططاتها الاستبدادية”.
وتابع الشيخ المحمد علي “وجدنا أن النظام السعودي الجائر في كل مراحله، وخصوصا في هذه المرحلة السلمانية اشتغل على إزالة كل الموانع المعيقة لبرامجه ومخططاته ذات الطابع السلطوي والاستئثاري، وكان من أقوى هذه الموانع في تقييم الحكم السعودي البائس هو الخط الديني الذي يتموضع بحسب أدبياته العقائدية والأخلاقية في موقع الحارس للدين، والحافظ لهويته، والمجسد لمبادئه وقيمه وأهدافه.
وتابع ان النظام السعودي من أجل أن ينزل مشروعاته التغريبية والتطبيعية والتحريفية إلى استئصال رجال للدين وابعادهم عن المشهد الأخلاقي والاجتماعي والسياسي، حتى يحضّر المناخ الملائم لكل مايرمي إليه من تفتيت الهويات، وتشظية المكونات، وتمزيق المنظومات الأخلاقية والدينية، وصولا الى الهيمنة على كل مقدرات الأمة وثرواتها وحرياتها .. وانتهاءً باستعباد الإنسان وتحييده عن التمحض في الذوبان في الإرادة الإلهية ومركزيتها الوجودية”.
وبين ان تكريس المنطق الانحصاري للهوية تشكل المواسم والمناسبات الدينية كعاشوراء والنصف من شعبان وشهر رمضان ومواليد النبي وأهل بيته ووفياتهم جزء أصيلا في الهوية الشيعية عبر برامج الإحياء المختلفة التي يتداخل فيها العنصر الديني والثقافي والتاريخي والفلكلور الشعبي لتشكل المشهد الهوياتي العام للمنطقة، الأمر الذي دفع النظام السعودي لتبني سياسة التضييق على احياء هذه المناسبات.
وأوضح انه “كما لا يخفى، أن النظام السعودي يكافح أي نشاط يشتغل على توحيد الهموم السياسية والثقافية والإسلامية بين المكونات المتعددة؛ ويصر على ابقائها متشظية بل ومتعارضة؛ خوفا من أن هذا التلاحم يكون قاعدةً بنيوية للانطلاق نحو النهضة التغييرية لواقع السلطة البائس واستبدادها السياسي والاجتماعي والثقافي”.
واضاف ان هدم المساجد هو السيناريو المتجدد الذي يستمر النظام السعودي من خلاله في نهج استهدافه الحجر كما البشر في القطيف والأحساء، حيث أقدم في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، على هدم مسجد الحريف التاريخي الواقع بين مدينتي العوامية والقديح، بعد إفراغه من محتواياته.
وقال ان السلطات بررت ذلك بتوسعة الطرق الممتد من العوامية إلى القطيف والذي يسمى بشارع التحدي. وكان قد شيّد لخدمة القادمين من خارج القطيف، على مجرى ماء تسمى “عين الوسائع”.
هذا وأقدمت السلطات السعودية، العام الماضي، على هدم مسجد “العهد” بين بلدتي أمّ الحمام والملاحة غربي محافظة القطيف، وفي استهتار صارخ بقدسية وحرمة وكرامة بيوت الله ومساجد الصلاة والذكر أطاحت بمنارته وقبته وبكل حجرة فيه وسوّته بالأرض وحولته إلى ركام متناثر، ركام من شأنه تعرية الوجه الاقبح للطائفية البغيضة التي تتعامل بها السلطة مع أهالي القطيف والأحساء، وتنقض على مساجدهم وبيوتهم واراضيهم من غير وجه حق، إذ تذرعت باعتدائها الغاشم على مسجد العهد بمخطط توسعة الطريق الرابط بين بلدات الجش وأم الحمام وعنك، وادعت بأن مخطط التوسعة يهدف لتحويله إلى طريق مزدوج.
وما تشهده المساجد من اعتداءات، عد فصلا من سيناريو محبك تستهدف السلطة عبره هدم مساجد القطيف بكل رمزيتها كمعاقل لبث الوعي والتأصيل للثورة على الظلم والعدوان ورفض الفساد والباطل، إذ أضحت كل المساجد التي كان لها دور وموقف في الحراك السلمي في مرمى نيران السلطة السعودية.
وتدعي السلطة أن ما تقدم عليه تحت ذريعة عدم الترخيص أو بحجة توسعة الطرقات، فإن هذه الذرائع لم تكن موجودة قبل أيام الحراك، ولم تبد السلطة اهتماما في بناء وتشييد وتوسعة الطرقات قبل الانتفاضة أو خلالها، إلا أن كل ذلك بدأ يظهر مؤخرا تحت شعارات رسمية واهية.