مناسبات

الهجوم على بيت فاطمة وانتهاك حرمتها (1) الانقلاب على الرسالة

هكذا تسلسلت الأحداث وتتابعت الكوارث وكانت ذروتها وفاة الرسول الأعظم، صلى الله عليه وآله، فتركوه بين أهله يبكونه لا سيما وحيدته وغاليته وبضعته فاطمة الزهراء، عليها السلام وزوجها وأبناءها وراحوا إلى السقيفة وما خرجوا إلا ويزفون خليفتهم زفَّة العروس إلى المسجد، ولم يحضر القوم الغسل والصلاة ولا حتى دفن رسول الله، صلى الله عليه وآله، الذي أخَّروه من قبل ظهر يوم الإثنين حتى آخر ليلة الأربعاء لعلَّه يأسن أو يتغيَّر كغيره من البشر، إلا أن فألهم هذا خاب أيضاً، قال ابن أبي شيبة: عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن أبا بكر وعمر لم يشهدا دفن النبي، صلى الله عليه وآله، وكانا في الأنصار، فدفن رسول الله، صلى الله عليه وآله قبل أن يرجعا”، حيث كانا مشغولين بالبيعة لخليفتهم القرشي.

⭐ العجيب الغريب أن حفّار القبور أبو عبيدة عامر بن الجراح رفض حفر القبر للنبي، صلى الله عليه وآله، حتى بعث العباس وبني هاشم لحفَّار الأنصار طلحة بن زيد فحفر له القبر

وحتى زوجته عائشة لم تحضر مراسم غسل ودفن النبي، صلى الله عليه وآله، وهي تقول عندما سألوها عن الوصية: “متى أوصى وقد مات بين سَحري ونحري”، ولكن لا أحد يعلم أين غابت ليومين، لأنها تركت زوجها الشهيد جثَّة في بيته ولم تعلم حتى بدفنه حيث قالت وتُقسم على ذلك: “والله ما علمنا بدفن رسول الله، صلى الله عليه وآله، حتى سمعتُ صوت المساحي من آخر الليل ليلة الأربعاء:، كانت مشغولة بأبيها الخليفة.

والعجيب الغريب أن حفّار القبور أبو عبيدة عامر بن الجراح رفض حفر القبر للنبي، صلى الله عليه وآله، حتى بعث العباس وبني هاشم لحفَّار الأنصار طلحة بن زيد فحفر له القبر، ولم يحضر الانقلابيون وأشياعهم وأتباعهم مراسم تجهيز ودفن رسول الله، فقد جاء عن زيد بن أرقم: “لولا أن علي بن أبي طالب، عليه السلام، وغيره من بني هاشم اشتغلوا بدفن النبي، صلى الله عليه وآله، وبحزنهم فجلسوا في منازلهم ما طمع فيها مَنْ طمع”.

 فما كان لأهل البيت، عليهم السلام، والمخلصين من المسلمين إلا أن يفعلوا ذلك ولذا عندما قالوا للإمام علي، عليه السلام: يَا أَبَا اَلْحَسَنِ لَوْ كَانَ هَذَا اَلْكَلاَمَ سَمِعَتْهُ اَلْأَنْصَارُ مِنْكَ قَبْلَ اَلاِنْضِمَامِ لِأَبِي بَكْرٍ مَا اِخْتَلَفَ فِيكَ اِثْنَانِ.. فقال: “يَا هَؤُلاَءِ كُنْتُ أَدَعُ رَسُولَ اَللَّهِ مُسَجًّى لاَ أُوَارِيهِ وَأَخْرُجُ أُنَازِعُ فِي سُلْطَانِهِ وَاَللَّهِ مَا خِفْتُ أَحَداً يَسْمُو لَهُ وَيُنَازِعُنَا أَهْلَ اَلْبَيْتِ فِيهِ وَيَسْتَحِلُّ مَا اِسْتَحْلَلْتُمُوهُ وَلاَ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ، صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، تَرَكَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ لِأَحَدٍ حُجَّةً وَلاَ لِقَائِلٍ مَقَالاً”.

⭐ بايع الناس بالقوة لأن مَنْ يتلكأ بالبيعة يخبطوه خبطاً شديداً، ويأخذوا بيده ويمسحوا بها على يد الخليفة ويقولون: بايع، بل لا يدعون مجالاً للتفكير

حصل الإنقلاب الذي أراده القرشيون أحمراً بما رتبوه خفية مع قبيلة أسلم، التي دخل منها أربعة آلاف فاحتلوا المدينة وملؤوا السكك (الطرق) فيها، وكانوا مؤتزرين بالأُزُر الصَّنعانية وبأيديهم الخَشَب والعصي، ومتقلدين السيوف، أي أنه احتلال عسكري حقيقي للمدينة كان من قبل هذه القبيلة النجدية التي اتفق معها عمر، قال الطبري: “أن أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك فبايعوا أبا بكر فكان عمر يقول: ما هو إلا أن رأيتُ أسلم فأيقنت بالنَّصر”.   بايع الناس بالقوة لأن مَنْ يتلكأ بالبيعة يخبطوه خبطاً شديداً، ويأخذوا بيده ويمسحوا بها على يد الخليفة ويقولون: بايع، بل لا يدعون مجالاً للتفكير لأحدهم بما يفعل لأنهم أخذوا الناس بالهيمنة والقوة، ولم يبق إلا أهل البيت الأطهار، عليهم السلام، وإنهم ليعلمون أن كل أعمالهم لا قيمة لها إن لم يختم عليها أمير المؤمنين الإمام علي، وفاطمة الزهراء، عليهما السلام، فالشَّرعية محصورة بهم ولا شرعية لأحد بوجودهم، أو بإعطائه الشرعية بطيب نفس ورضا منهم، وهم لم ولن يعطوا الشرعية لرجال الانقلاب الدموي القرشي أبداً. 

عن المؤلف

أ.د سادسة حلاوي حمود ــ جامعة واسط ــ قسم تاريخ الأندلس والمغرب

اترك تعليقا