الرسول محمد، صلى الله عليه وآله، أعظم رجل عرفه التاريخ، أحدث في البشر انقلابا عاما في الدين والسياسة والاجتماع، وقد أوجد هذا الانقلاب بواسطة نهضة عربية المبتدأ عالمية المنتهى بدلت مجرى الحياة الانسانية وحولتها في زمن قريب إلى ثورة عمت المشرق والمغرب ولم تزل آثارها باقية إلى يومنا هذا وستبقى إلى ماشاء الله.
📌 رسم مولد رسول الله، لنا الخط والفاصل بين مرحلتين في تاريخ البشرية، مرحلة الجاهلية والظلم والتخلف والطغيان، ومرحلة الهدى والعدل، والحضارة الانسانية السامية
رسم مولد رسول الله، لنا الخط والفاصل بين مرحلتين في تاريخ البشرية، مرحلة الجاهلية والظلم والتخلف والطغيان، ومرحلة الهدى والعدل، والحضارة الانسانية السامية.
رافقت ولادته، صلى الله عليه وآله، خوارق ومعجزات عديدة، ذكر بعضها الائمة المعصومين منها: ولادته مختونا وهذا ما أكده الإمام علي بن أبي طالب: “خلق آدم مختونا، وولد شيث مختونا وادريس، ونوح، وإبراهيم، وداود، وسليمان، ولوط، واسماعيل، وعيسى، وموسى، ومحمد صلى الله عليهم أجمعين”.
فضلاً عن معجزات وخوارق أخرى اوجزها الإمام الصادق عليه السلام، بانكباب كل الأصنام الموجودة على وجهها، وارتجاج إيوان كسرى، حتى سقطت منه اربع عشرة شرفة، وغاصت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، والتي لم تخمد منذ الف سنة، وراى الموبذان، حاكم المجوس، في المنام كأن إبلا صعبا تقود خيلا عرابا قد قطعت نهر دجلة وانتشرت في بلادها وأصبحت الأصنام في صبيحة مولده ليس منها صنم إلا وهو منكب على وجهه.
ويبدوواضحا ان تلك العلامات كارتجاج إيوان كسرى وخمود نار المجوس ما هي إلا دلالة على انتشار الإسلام في تلك البلدان، ومنها بلاد فارس الذين ذهب ملكهم على أيدي المسلمين، فإرتجاج الايوان علامة على زوال ملك كسرى، وخمود النار دالة على انتهاء دين المجوسي، وغوربحيرة ساوة علامة على فناى الحضارة التي اقامها المجوس بواسطة قوم اصلهم من الصحراء.
أشارت المصادر الإسلامية إلى رواية نسبتها إلى السيدة امنة بنت وهب تحدثت فيها عن حملها بنبي الله، و ولادته المباركة بقولها: “لما حملت برسول الله لم أشعر بالحمل ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل، ورأيت في نومي كأن آتيا أتاني وقال لي: قد حملت بخير الأنام، فلما حان وقت الولادة خف ذلك على حتى وضعته، وهويتقي الارض بيديه، وسمعت قائلا يقول: وضعت خير البشر، فعوذيه بالواحد الصمد، من شر كل باغ وحاسد، فولدت رسول الله، عام الفيل لا ثنتي عشرة ليلة من شهر ربيع الأول يوم الاثنين”.
وفي رواية السيد الفقيه محمد الشيرازي روى عن السيدة امنة بنت وهب يقول: قالت امنة: “رأيت جناح طائر أبيض قد مسح على فؤادي فذهب الرعب عني، واتيت بشربة بيضاء، وكنت عطشى فشربتها فأصابني نور عالي، ثم رأيت نسوة كالنخل طوالا يحدثنني، وسمعت كلاما لا يشبه كلام الآدميين، حتى رأيت كالديباج الأبيض قد ملأ بين السماء والأرض، وقائل يقول: خذوه في أعز الناس، ورأيت رجالا وقوفا في الهواء في أيديهم أباريق، ورأيت مشارق الدنيا ومغاربها، ورأيت علما من سندس على قضيب من ياقوت قد ضرب بين السماء والأرض على ظهر الكعبة، فخرج رسول الله، صلى الله عليه وآله، رافعا إصبعه إلى السماء، ورأيت سحابة بيضاء تنزل من السماء حتى غشيته، فسمعت نداء: طوفوا بمحمد شرق الأرض وغربها والبحار ليعرفوه باسمه ونعته وصورته، ثم انجلت عنه الغمامة فإذا أنا به في ثوب أبيض من اللبن وتحته حريرة خضراء وقد قبض على ثلاث مفاتيح من اللؤلؤ الرطب وقائل يقول: قبض محمد على مفاتيح النصرة والريح والنبوة.
ثم أقبلت سحابة أخرى فغيبته عن وجهي أطول من المرة الأولى، وسمعت نداء: طوفوا بمحمد الشرق والغرب وأعرضوه على روحاني الجن والإنس والطير والسباع وأعطوه صفاء آدم ورقة نوح وخلة إبراهيم ولسان إسماعيل وجمال يوسف وبشرى يعقوب وصوت داود وزهد يحيى وكرم عيسى”.
- ولادته ولادة الانسانية الكاملة
بهذه الطريقة الربانية من الشرف والعز والكرامة كانت له وهكذا ولد الحبيب المصطفى، فكانت ولادته ولادة الانسانية الكاملة، في البشر والعقل الكامل في العقلاء.
كان، صلى الله عليه وآله، كما قال عنه شاعره حسان بن ثابت:
واحسن منك لم ترى عيني
واجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرا من كل عيب
كأنك قد خلقت كما تشاء
قالت السيدة امه امنة: “وضعت ولدي محمد ساجدا على الأرض تلقاء الكعبة رافعا يديه إلى السماء كالمتضرع إلى ربه وسمعت من داخله قائلا يقول:
كم اية ظهرت لنا في حكمه
ما ليس يخفى في الأنام ظهورا
ورأته السيدة امنة يسبح ساجدا
وقت الولادة للسماء مشيراً
صلى عليه الله ربي دايما
مادامت الدنيا ودام سرورا
رغم كل التدبير والحيل التي اجتمعت من كل حدب وصوب ليطفىوا نور الله فيهم ومن بينهم، كما فعل النمرود بابراهيم، وفرعون بموسى، والطغاة بالانبياء، فلم تنفعهم حيلهم وامرهم، فحاولت قريش الباغية الظالمة بالتعاون مع اليهود بكل قوة ان يقطعوا نسب ذلك النور العظيم إلا أن ألله ـ تعالى ـ يأبى عليهم ذلك قال سبحانه وتعالى: {يريدون ليطفىوا نور الله بافواههم ويابى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون}، وقال ـ تعالى ـ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}.
اليوم يحاولون وبنفس ارادتهم الباىسة قتل نور الارض في الأرض، ومنع ظهور الإمام الحجة بن الحسن المهدي، عجل الله فرجه، ببغيهم على الله ورسوله ووليه، ولكن الله ـ سبحانه ـ سيصلح له أمره بيوم وليلة، ويطهر الارض ليملأها عدلا وقسطا بعد أن مليت ظلما وجورا. {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً}، بإذن الله.
- اسبوع الانسانية والرحمة الالهية
في هذه المناسبة العظيمة التي مثلت نقطة تحول حقيقة في تاريخ البشرية هذه الأيام المباركة، جاء فيها انسان الحياة، وولد إنسان الانسانية، الذي جمع في صفاته كل الفضائل القيم، وجمع في رسالته كل الشرائع والحكم، وفي أمته كل الشعوب والامم.
📌 ويبقى المولد الشريف ثابت في ربيع الأول عند جميع الطوائف، وليكن لدينا أسبوع الوحدة من العمل والفرح والتبليغ لدين الله ومحبة رسول الله، وأهل بيته، لنربط حياتنا كلها بهذا الرسول العظيم
قال السيد الفقيه الشيرازي رحمه الله: “ينبغي أن يجعل أسبوع المولد الشريف ميقات قبول الموظفين، وترفيع الموظف المستحق للترفيع، وفتح الفروع الجديدة للوظائف، وما أشبه المحتاج إليها بقدر الضرورة حتى يشعر الناس بأن هذه الأيام ايام التقدم والقبول والعمل والسمو فقد اعتاد الناس النظر باهتمام إلى الوقت الذي يصلح فيه أمرهم كما ينظرون إلى الشخصالذي يصلح أمرهم باهتمامه”. (اسبوع المولد النبوي، السيد محمد الشيرازي ، ص٦).
ويبقى المولد الشريف ثابت في ربيع الأول عند جميع الطوائف، وليكن لدينا أسبوع الوحدة من العمل والفرح والتبليغ لدين الله ومحبة رسول الله، وأهل بيته، لنربط حياتنا كلها بهذا الرسول العظيم.
اليوم؛ الشعب اليمني المظلوم يفاجئ العالم بما يقدمه من تجديد للبيعةوالولاى لرسول الله ص وإله وسلم، وهم يخرجون إلى كل الساحات اليمنية في كل المحافظات المحررة دفعات متقاربين إلى الله سبحانه وتعالى بهذه الشعيرة المباركة.
لماذا لايحذو المسلمين في انحاء العالم حذو اهل اليمن وليجتمعوا مترددين الصلوات على النبي تصديقها لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}.
اخيرا؛ اقول حيا الله الشعب اليمني في خروجه بمختلف شرائحه للاحتفال بمولد الرسول الأعظم، الذي كان بمثابة تأييد لقرارات القيادة الثورية السياسية اليمنية في مواجهة العدو والظلم والظالمين.