ذات مرة كنت اسير في احد الاسواق انا وزميل لي في العمل لفت نظري انه عند كل مرة تصادفه مرآة عاكسة لمحل، او فندق، او حتى زجاج السيارات المصطفة على جانبي الطريق، ينظر الى احد يديه او صدره فيبتسم تارة، وتبدي عليه علامات عدم الرضا تارة اخرى، تكرر الفعل الى قرابة خمس مرات او ربما اكثر، في المرة الاخيرة سألته عن سبب ما يقوم به فأجاب انه ينظر الى عضلاته فيراها كبيرة في مرأة العاكسة للفندق ويبتسم، بينما يراها اصغر من على زجاجة السيارة فينزعج، حينها ادركت ان الامر يخرج من السياق الطبيعي لممارسة الرياضة صوب الهوس الذي يصيب فئة كبيرة من الشباب الذي يسلكون هذا الاتجاه.
📌 اهتمام الانسان بمظهره الخارجي امر ينم عن وعي عالٍ وتطور في الذوق العام سيما لدى الشباب الذين في الغالب هم الاكثر اهتماماً بالجانب الجمالي مع ان هذا ليس امراً مطلقاً
اهتمام الانسان بمظهره الخارجي امر ينم عن وعي عالٍ وتطور في الذوق العام سيما لدى الشباب الذين في الغالب هم الاكثر اهتماماً بالجانب الجمالي مع ان هذا ليس امراً مطلقاً، ومن بين اهم الامور التي يعتقد الكثير من الشباب انها تعطي جمالية لمنظر الانسان هو بناء عضلات بأحجام كبيرة تلفت الانظار وهذا هو مرادهم، وهذه الرغبة تحولت لدى الكثير من الشباب الى هوس مرضي مثير للسخرية.
- لماذا هم مهوسون؟
المهووسون بالعضلات يدفعهم الى جذب نظرات الاخرين على اعتبار انهم مختلفون عمن سواهم وان هذه العضلات مقياسا لجمال مظهرهم وبروز عضلاتهم، ومفتاح إعجاب الجنس الآخر وبالتالي الدخول في علاقات تلبي رغباتهم وهو ما يشير وبالضرورة الى حالة عدم السواء التي يعيشها هذا الفرد المهووس.
- مفارقة:
ومن المفارقة التي تشير الى حقيقة لا يريد مثل هؤلاء المهوسون ان يصدقوها هي ان نسبة الفتيات اللواتي يعجبن بأصحاب العضلات ضئيلة جدا بالمقارنة باللواتي ينفرن من هذا المظهر، فهن لم يجدن في العضلات جذب او لفت انظار كما يعتقدون هم مخطئين، وهو ما يجعلهم ناشزين حتى من يريدون اغواءه لكنهم مقبولين في قرارة انفسهم وفي عيون ممن يشابهوهم في هذا التوجه فقط.
📌 المهووسون بالعضلات يدفعهم الى جذب نظرات الآخرين على اعتبار انهم مختلفون عمن سواهم وان هذه العضلات مقياسا لجمال مظهرهم وبروز عضلاتهم
هذا المرض المستشري بين الشباب سيما العربي والعراقي على وجه اخص ليس قديم النشئة كما اعتقد، بل اصبح ظاهرة في السنوات فلنقل العشرة الاخيرة كنتيجة للانفتاح على العالم الخارجي ومحاولة تقليد المشاهير من فنانين، ورياضين وشخصيات مشهورة اخرى، غير محسبين لاختلاف البيئات فما يعد طبيعياً في بيئة يعد مرفوض في بيئة اخرى والعكس ممكناً.
الملاحظ لهؤلاء الشباب المهوسون ببناء العضلات يجد ان غالبيتهم من الشباب من فئة المراهقين التي تتميز شخصياتهم بعدم الثبات فهم لا يشقون طريقاً لأنفسهم فهم يعتمدون بصورة كبيرة على التقليد والانتقال من سلوكية الى اخرى بتخبط وعشوائية كبيرين، وما يهمهم هو الرغبة في الاختلاف وبذا هم يصلون الى الاختلاف لكن للأسف الاختلاف السلبي الغير محبذ للكثير من ابناء المجتمع، اذ يرفض هذه التمظهرات اغلب الناس بأختلاف توجهاتهم.
- اين تكمن الخطورة؟
خطورة هذا الهوس تكمن فيما يلي:
- تناول بعض العقاقير والحقن الطبية والاطعمة غير الصحية مما يؤدي الى حدوث حالات التجلطات التي تؤدي الى الوفيات.
- حدوث بعض التشوهات في الشكل الخارجي ومنها ما يعطل عمل الكليتين لمن يعاني من مشكلات في الكلى نتيجة لتناول هذه العقاقير بكميات كبيرة غير مدروسة.
- تشير بعض الدراسات النفسية الى ان متناولي العقاقير التي تضخم العضلات تظهر عليهم نوبات من الغضب وسرعة الاستثارة اللذان يترجمان فيما بعد الى عنف جسدي او لفضي في تعاملاتهم مع الناس، وبذا يتجنب الكثير من الناس التعاطي معهم ليس خوفاً منهم بل تجنباً لهم ولشرهم وصغر عقولهم.
- من المخاطر النفسية انهم حين يتأخر نمو العضلات لسبب فسلجي فأنهم صابون بالاحباط وخيبة الامل الامر الذي يدفعهم الى العزلة والقلق، وهو ما يجعلهم يبدون غير اجتماعيين وهو ما يفوت عليهم الكثير من الفرص على مستوى العمل الزواج او غيرها من المجالات الحياتية المختلفة، هذه ابرز المخاطر الناجمة عن هوس العضلات ولأجل ذلك نحذر من الدخول في هذا النفق المظلم الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
- ما يجب:
ما نصح به فهو ضرورة ممارسة الرياضة لأجل الرياضة وما ينتج عنها من صحة للبدن كما الظهور بقوام جميل ومقبول وليس للتباهي والتفاخر بكبر حجم العضلات لان ذلك ليس هذه السلوكية ليست مدعاة للتميز ابداً فلا ينبغي ان يضيع الانسان الكثير من وقته وجهده ونقوده من اجلها.