الأخبار

الزائرون من افغانستان يدفعون ثمن حبهم و ولائهم للإمام الحسين بسوء أحوالهم في كربلاء

الهدى – خاص
كان البرنامج إعداد تقرير شامل للمواكب العربية في كربلاء المقدسة، مثل موكب اليمن، ومواكب القطيف والاحساء، والكويت، ثم كانت لدينا نظرة على موكب أهالي افغانستان القريبين في نفس الشارع، فحانت فرصة لنا لزيارة هذا الموكب الكائن في شارع “كراج الاحياء” من جهة منطقة الجمعية باتجاه حرم الامام الحسين، عليه السلام، كان المتوقع تسجيل بعض المعلومات عن الموكب الخدمي ونشاطه هذه الأيام، وبعض المشاكل والعراقيل التي يواجهونها، فكانت المفاجأة أننا أمام موج هائل من المعاناة والمحن ربما تفوق حجم الموج البشري الذي أراه في الشارع القريب من الموكب.
طبعاً؛ بالكاد وصلت الى موكب أهالي افغانستان لتداخل لوحات التعريف بالمواكب في مكان تتسابق المواكب الخدمية من داخل العراق وخارجه على إحراز بضعة أمتار على الرصيف ليكون مقراً لها.
قرأت لافتة عريضة سوداء مختفية بين الاشجار “موكب يحيى بن زيد الشهيد لشيعة افغانستان في كربلاء المقدسة”، ثم تعرفت على السيد شهرآشوب، وهو طالب علوم دينية في النجف الأشرف تحمّل مسؤولية إدارة هذا الموكب الضخم والكبير في اسمه ومسؤولياته وخدماته، والفقير جداً في امكانياته المادية.
يعمل هذا الموكب الخدمي في مدينة كربلاء المقدسة منذ ثمان سنوات، يقول السيد شهرآشوب، و”نسعى جهد الامكان وحسب امكانياتنا المحدودة لتوفير السكن للزائرين القادمين من افغانستان، الى جانب تقديم خدمات الطعام والشراب للزائرين بشكل عام، حيث نقدم الماء والشاي والشربت الى جانب الطعام”.
عندما سألته عن المشاكل والعراقيل بادرني بالقول: ذهبت الى حرم الامام الحسين، وشكوت عنده سوء حالنا كزائرين في كربلاء المقدسة، وقلت بلسان المُحب: الجميع لديهم حسينية في كربلاء ما عدا الافغانيين ليس لديهم حسينية بالقرب مرقدك الشريف!

نفتح قلوبنا للزائرين الايرانيين
منذ وقت مبكر نستعد بنصب الخيام لتكون مهيئة لاسكان الزائرين القادمين من ابناء بلدنا، من النساء والرجال، بيد ان وصول الزائرين الايرانيين قبلهم، فاننا نتحمل مسؤولية استقبال من يطلب السكن والاقامة، لاسيما النساء اللاتي يفتقدن هذه الخدمة أكثر من الرجال في أيام الزيارة وتصاعد أزمة السكن للزائرين، وعندما تصل النساء من افغانستان يضطررن النوم في الطرقات والشوارع، حتى رأيت بنفسي امرأة من افغانستان نائمة مع طفلها الرضيع على جانب الطريق!
وعن امكانية مساهمة جهات معنية بالأمر مثل علماء الدين والحوزات والخيرين، بين السيد شهرآشوب بأن العتبة الحسينية تفضلت مشكورة باقتراح منحنا أرض خارج كربلاء لإقامة محل إقامة للزائرين من افغانستان لكن الاقتراح لا يناسبنا كون معظم الزائرين من بلدنا من كبار السن، ويواجهون مشكلتين: الاولى: أن معظمهم لا يحسنون القراءة والكتابة، فلا يتمكنون من قراءة العناوين والارقام، والمشكلة الثانية: عدم قدرتهم التحدث باللغة العربية.
وقد طرحنا مشكلتنا على الكثيرين للمساعدة على حلّها –يضيف السيد شهرآشوب- فلم نجد الاستجابة والتفاعل، يكفي القول أن مبردة هواء واحدة حصلت عليها بصعوبة بالغة من أحد الاخوة العراقيين تبرع بها للموكب.

أعمال كثيرة و كادر قليل
اشار السيد شهرآشوب على مشكلة أخرى تواجه هذا الموكب وهي؛ قلّة كادر العمل، فالموجودين معظمهم من طلبة الحوزة العلمية، وهم قلّة أمام مسؤوليات وأعمال مختلفة تتعلق بالطبخ، وتوفير مستلزماتها، ثم متابعة مسائل السكن من ماء وكهرباء وأجهزة ومعدات تتعلق بسكن الزائرين وهي كثيرة وبعضها معرض للعطل فتحتاج الى صيانة وتصليح في ذروة أيام الزيارة.
بعد الانتهاء من الحديث مع الأخ مسؤول الموكب، كان لابد من رؤية مكان مبيت الزائرين من افغانستان فوجدته لا يشبه حتى المخيميات الخاصة بالنازحين والمشردين، خيام مهترئة، عُلقت فيها مراوح سقفية، وبعض مبردات الهواء، ومرافق صحية من دون خزانات ماء، وشحة في الماء الصالح للشرب، والمنظر المزري وغير المقبول، وجود عدد من المواشي الخاصة بموكب خدمي قريب فرضوه على هذا الموكب ليكون ملاصقاً لخيمة مبيت النساء القادمات من افغانستان!
أما بالنسبة لماء الإسالة، فان الموكب يستفيد منه للغسل والاستحمام وتزويد مبردات الهواء في حال وجوده فقط، وفي حال انقطاعه يتوقف كل شيء.
كذلك الحال بالنسبة للكهرباء، فان المراوح السقفية ومبردات الهواء فانها تعمل لتحريك الهواء على الزائرين الذين يضطرون للنوم عراة الصدور من شدّة الحر، واذا انقطع الكهرباء “الوطنية” فان المكان يتحول الى ما يشبه الفرن! لعدم وجود مولدة كهرباء لاغراض الطوارئ.
قبل ان نغادر المكان، أكد السيد شهرآشوب بأنه لن يتخلّى عن هذا الموكب الحسيني رغم قلّة الامكانات المادية لأن هذه الاعمال البسيطة –يقول- منظورة من قبل الإمام صاحب الزمان، وايضاً منظورة من قبل الامام الحسين، عليهما السلام. ولن أشك مطلقاً بأن الفرج قريب والتحول نحو الاحسن قادم، بإذن الله، بجهود الخيّرين والحسينيين الأصلاء ممن يتفهمون مدى حب وإيمان شيعة افغانستان بالإمام الحسين، عليه السلام.

عن المؤلف

هيأة التحرير

اترك تعليقا