خرجَ الإمام الحُسين عليه السلام قاصدًا الكوفة استجابةً لمطالب اهلها ودعوى التأييد التي جاءتهُ منهم، وأنهُ خرجَ لطلبِ ألأصلاح، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لكن اهل الكوفة نقضوا عهدهم مع الإمام، وتركوه يقاتل الظالمين وحتى لم يذهبوا لنصرتهِ، لقد حاولَ الإمام الحُسين ان ينصحهم بشتى الطرق لهدايتهم ويلقي الحجة عليهم وليوضح الحقائق وكشف الأمور وبيانَ الواقع لهم، لكنهم لن يصغوا اليه وأصروا على قتلهِ، ومحاربته، اعتبروه عدوًا لهم رغم خروجه لأجلهم وانقاذهم من الحكم المتسلط والجائر، فاختاروا الدنيا وزهوتها ورضوا بالشيء اليسير الذي اغراهم به يزيد بن معاوية.
- وهل قتل الحسين عليه السلام؟
كانت مع الإمام السيدة زينب القوية الصابرة المؤمنة التي تجاوزت كل الصعاب بقوتها وإيمانها وتجاوزت المحن ولم تسكت على ظُلم يزيد لهم، فتكلمت ووثقت كل شيء حدث أمامها في واقعة الطف فتجاوزت المحن وآلآلآم، ووقفت صابرة شامخة أمام يزيد (لعنهُ الله)، الذي كان يستهزأ بهم ويضحك على مصائبهم ويتهلل وجهه فرحا، فتألمت زينب وحزنت عندما رأت رأس اخيها الحسين عليه السلام، يضربه يزيد بعصا على شفتيه المتهالكتين عطشًا، فقامت وألقت خطبتها البليغة التي هزت كل من وُجد في المجلس وحزن وبكى فقالت :
“الحمد للهِ ربِّ العالمين، وصلَّى الله على رسوله وآله أجمعين. صدق الله كذلك يقول: {ثُمّ كانَ عاقبةَ الذينَ أساؤوا السُّوأى أنْ كَذَّبوا بآياتِ اللهِ وكانُوا بها يَستهزِئُون} . أظنَنْتَ يا يزيد حيث أخَذتَ علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبَحنا نُساق كما تُساق الأُسارى، أنّ بنا على الله هَواناً وبك عليه كرامة وأنّ ذلك لِعِظَم خَطَرِك عنده فشَمَختَ بأنفِك، ونظرتَ في عِطفِك، جَذلانَ مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مُستَوسِقة، والأمورَ مُتَّسِقة، وحين صفا لك مُلكنا وسلطاننا مهلاً مهلا أنَسِيتَ قول الله ـ تعالى ـ: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ}.
📌 كانت مع الإمام السيدة زينب القوية الصابرة المؤمنة التي تجاوزت كل الصعاب بقوتها وإيمانها وتجاوزت المحن ولم تسكت على ظُلم يزيد لهم، فتكلمت ووثقت كل شيء حدث أمامها في واقعة الطف
أَمِنَ الْعَدْلِ يَا ابْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَسَوْقُكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ سَبَايَا قَدْ هَتَكْتَ سُتُورَهُنَّ وَأَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ يَحْدُو بِهِنَّ الْأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَيَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَاقِلِ وَيَبْرُزْنَ لِأَهْلِ الْمَنَاهِلِ وَيَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَالْغَائِبُ وَالشَّهِيدُ وَالشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ وَالدَّنِيُّ وَالرَّفِيعُ، لَيْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجَالِهِنَّ وَلِيٌّ وَلَا مِنْ حُمَاتِهِنَّ حَمِيمٌ، عُتُوّاً مِنْكَ عَلَى اللَّهِ وَجُحُوداً لِرَسُولِ اللَّهِ وَدَفْعاً لِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَلَا غَرْوَ مِنْكَ وَلَا عَجَبَ مِنْ فِعْلِكَ.
وَ أَنَّى يُرْتَجَى مُرَاقَبَةُ مَنْ لَفَظَ فُوهُ أَكْبَادَ الشُّهَدَاءِ وَنَبَتَ لَحْمُهُ بِدِمَاءِ السُّعَدَاءِ وَنَصَبَ الْحَرْبَ لِسَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ وَجَمَعَ الْأَحْزَابَ وَشَهَرَ الْحِرَابَ وَهَزَّ السُّيُوفَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ أَشَدُّ الْعَرَبِ لِلَّهِ جُحُوداً وَأَنْكَرُهُمْ لَهُ رَسُولًا وَأَظْهَرُهُمْ لَهُ عُدْوَاناً وَأَعْتَاهُمْ عَلَى الرَّبِّ كُفْراً وَطُغْيَاناً.
أَلَا إِنَّهَا نَتِيجَةُ خِلَالِ الْكُفْرِ، وَضَبٌّ يُجَرْجِرُ فِي الصَّدْرِ لِقَتْلَى يَوْمِ بَدْرٍ فَلَا يَسْتَبْطِئُ فِي بُغْضِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ مَنْ كَانَ نَظَرُهُ إِلَيْنَا شَنَفاً وَشَنْآناً وَأَحَناً وَضَغَناً يُظْهِرُ كُفْرَهُ بِرَسُولِهِ وَيُفْصِحُ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ وَهُوَ يَقُولُ فَرِحاً بِقَتْلِ وُلْدِهِ وَسَبْيِ ذُرِّيَّتِهِ غَيْرَ مُتَحَوِّبٍ وَلَا مُسْتَعْظِمٍ: لَأَهَلُّوا وَاسْتَهَلُّوا فَرَحاً وَ لَقَالُوا يَا يَزِيدُ لَا تُشَلَّ مُنْتَحِياً عَلَى ثَنَايَا أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَكَانَ مُقَبَّلَ رَسُولِ اللَّهِ ص يَنْكُتُهَا بِمِخْصَرَتِهِ، قَدِ الْتَمَعَ السُّرُورُ بِوَجْهِهِ! لَعَمْرِي لَقَدْ نَكَأْتَ الْقُرْحَةَ وَاسْتَأْصَلْتَ الشَّأفَةَ بِإِرَاقَتِكَ دَمَ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَابْنِ يَعْسُوبِ الْعَرَبِ وَشَمْسِ آلِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهَتَفْتَ بِأَشْيَاخِكَ وَتَقَرَّبْتَ بِدَمِهِ إِلَى الْكَفَرَةِ مِنْ أَسْلَافِكِ ثُمَّ صَرَخْتَ بِنِدَائِكَ وَلَعَمْرِي قَدْ نَادَيْتَهُمْ لَوْ شَهِدُوكَ وَوَشِيكاً تَشْهَدُهُمْ وَيَشْهَدُوكَ، وَلَتَوَدُّ يَمِينُكَ كَمَا زَعَمْتَ شُلَّتْ بِكَ عَنْ مِرْفَقِهَا، وَأَحْبَبْتَ أُمَّكَ لَمْ تَحْمِلْكَ وَأَبَاكَ لَمْ يَلِدْكَ، حِينَ تَصِيرُ إِلَى سَخَطِ اللَّهِ، وَمُخَاصِمُكَ وَمُخَاصِمُ أَبِيكَ رَسُولُ اللَّهِ”.
فليس غريبًا على السيدة ان تكون قويةً وشامخة هكذا أمام يزيد، فهي ابنة فاطمة وعلي، عليها السلام وجدها الرسول، عليه افضل و السلام، وأخيها الحسن والحسين، فهذه الراسخة المؤمنة قد واجهت الصعاب مع اخيها الحسين ورأت كل شيء في واقعة الطف فكان دورها الإعلامي بارزا في ذلك الوقت، فقد وثقت كل شيء شاهدته من مقتل اخيها بأبشع الطرق، وقتل اولاده وأصحابه، وسبي النساء وضربهم بالسياط.
📌 لولا الدور الذي قامت به العقيلة عليها السلام، لما وصلت الثورة الى مرادها ومبتغاها ولم تتعدّ حدودها
فذهبت السيدة تتكلم عن معاناتها وماجرى لهم في كربلاء في كل مكان فحكت عن ظلم يزيد لأخيها الحسين وعن ظلمه ما بعد مقتله وسبي النساء، فنشرت فكر هذه الثورة وعرفت المسلمين من قتلوا فأنقبلت الثورة ضدهم فعرف الناس بظلمهم وتعاطفوا معهم، فلولا الدور الذي قامت به العقيلة عليها السلام، لما وصلت الثورة الى مرادها ومبتغاها ولم تتعدّ حدودها، وبذلك بثّت الروح للاسلام، فكانت عليها السلام علماً من أعلام الطف.
ونتيجة لذلك أصبحت النهضة الحسينية نبراساً لكل الأحرار ومشعلاً لمن يريد أن يستنير به ويسير خطى واثقة نحو السمو والرفعة.