ثقافة رسالية

استمرارية وخلود النهضة الحسينية

لعل أقوى العوامل التي خلدت نهضة الإمام الحسين، عليه السلام، كان ولده الامام السجاد، عليه السلام، لانه نقل صوت الحسين، عليه السلام، إلى الأمة الضيعة من خلال مواقفه البطولية.
خطبته في الكوفة التي قلبت موازين المجتمع الكوفي من مقاتل للإمام الحسين، عليه السلام، وعدوله إلى مجتمع يبكي اسفاً وسرقة من على ما فرط في تقاعسه عن نصرة الحسين، عليه السلام.

📌لقد تجلت عظمة حياة الإمام الحسين، عليه السلام، في استشهاده، لان استشهاده خلود له وللرسالة المحمدية التي كتب الله لها البقاء


كذلك خطابه في مجلس يزيد اللعين من أروع الخطب التاريخية التي بين بها جملة من المفاهيم الإسلامية حول الحكم والحاكمين والظلم والظالمين.
الإمام الحسين، عليه السلام، قد احدقت به الإمامة من كل جانب فهو إمام وابن إمام، واخو أمام، وابوامام، وجد الائمة، الإمام الحسين، عليه السلام، حامل لواء الانسانية، لانه هو السلام والأمان، ورث صفاته من جده الأكرم، صلى الله عليه وآله، بل هو شعار الانسانية ومنارتها الشاهقة.
لقد تجلت عظمة حياة الإمام الحسين، عليه السلام، في استشهاده، لان استشهاده خلود له وللرسالة المحمدية التي كتب الله لها البقاء، ليكون رجالها شاهدين على الاقوام الأخرى يوم القيامة في كفرهم.

  • الإمام الحسين قائد ينتظر مؤيديه في كل زمان

كانت بيعة الغدير مصداق للارادة الربانية حيث امر الله نبيه الأكرم، صلى الله عليه وآله، بالتبليغ على رؤوس الاشهاد، قال ـ تعالى ـ :{ يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك ….ا}. (سورة المائدة/ ٦٧).
انه تكليف رباني باختيار الإمام علي، عليه السلام، وصياً، وإماماً متمماً للرسالة وحامياً لها، ولذا كان أهل البيت، من الائمة المعصومين، عليهم السلام، هم الأمناء في الحفاظ على إتمام الرسالة.


قام الإمام الحسين، عليه السلام، في يوم عاشوراء وصلى باصحابه صلاة الغداة، وقام بهم قائلاً، بعد أن حمد الله واثني عليه: “ان الله تعالى اذن في قتلكم وقتلي في هذا اليوم فعليكم بالصبر والقتال”.
كان شعار سيد الشهداء في طف كربلاء هو برنامج متجدد يرفعه كل مظلوم، يريد العزة، والكرامة، والإصلاح، اذ قال عليه السلام: “اني لم اخرج بطراً ولا اشرا..”.


فأينما نجد ثورة ضد الظلم والطغيان فهي تستمد قوتها وعزيمتها من ثورة ابي الاحرار، عليه السلام، فمظلوميته هي أكبر انتصار للدم على سيف المتكبرين الظالمين، وهي درس للمجتمع الإسلامي، لان الحسين، عليه السلام، مدرسة لكل معاني الحياة، وثورة الإمام الحسين، عليه السلام، لم تكن مقتصرة على العالم الإسلامي بل استضاء بها كل العالم.

  • الإمام الحسين، عليه السلام، ثورة إسلامية مستمرة

مثلت واقعة الطف انتصار الدم على السيف، والحق على الباطل، واظهرت النهضة الحسينية عدم استكمال المجتمع الإسلامي الإجراءات الفكرية الأساسية للنهضة التي تبدأ بالوعي، وتتنامي في الإدراك.
وكانت ردة الفعل من ائمة أهل البيت، عليه السلام، بعد الإمام الحسين، عليه السلام، الاهتمام بالعلم ومباشرة العمل الجهادي من البداية، لأجل تأهيل المجتمع وصولا الى خط الثورة والنصر.
ولذلك أصبح الأئمة، عليه السلام، بعد الإمام الحسين ابتداءً من الإمام السجاد، عليه السلام، وحتى الإمام المهدي، عجل الله ـ تعالى ـ فرجه، قبل الغيبة منتظرين لزمن النضوج الثوري، وهذا ماجعل ثورة الإمام الحسين، عليه السلام، فريدة من بين الثورات العلوية كافة.

📌كانت ردة الفعل من ائمة أهل البيت، عليه السلام، بعد الإمام الحسين، عليه السلام، الاهتمام بالعلم ومباشرة العمل الجهادي من البداية، لأجل تأهيل المجتمع وصولا الى خط الثورة والنصر


سفينة الإمام الحسين، عليه السلام، سفينة الهدى الباقية والمبحرة والتي لا تختفي الى قيام الساعة، فمن ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك وانتهى.
إن سيدنا النبي نوح، عليه السلام، صنع سفينة وحمل العالم بها، ولكن بعد أن انتهى الأمر الذي أمره الله به استوت وتوقفت، واختفت، وذهبت المخلوقات كلٌ إلى شانه، أما سفينة الإمام الحسين، عليه السلام، باقية الى يوم القيامة، لأن الإمام الحسين، عليه السلام، حي في الدنيا والآخرة.


الإمام الحسين، عليه السلام، مثّل ثورة إسلامية مستمرة، وقائداً ينتظر مؤيديه في كل زمان، فهو منذ خروجه للإصلاح في أمة جده سنة ٦١هـ، وإلى الأبد يثور لهدف الإصلاح، لهذا نرى ثورته لم تنته في وقتها، بل هي قابلة للتفجر ضد يزيد كل عصر .
اخيراً؛ يمكن القول: نحن أبناء والعراق؛ عراق علي والحسين، عليه السلام، لنصطف صفا واحداً، ونستلهم العبر للوقوف ضد الظلم، وإصلاح الفاسدين، الذين شوهوا الإسلام الحقيقي، فالحسين، عليه السلام، ثورة ضد الظلم، ومدرسة لإصلاح البشر.

عن المؤلف

أ.د سادسة حلاوي حمود ــ جامعة واسط ــ قسم تاريخ الأندلس والمغرب

اترك تعليقا