من النعم التي انعم بها الله على علينا انه أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، وهذا الدين هو الإسلام الحنيف دين الله الذي أكده بآياته: {إن الدين عند الله الإسلام}، والذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين محمد، صلى الله عليه واله، والذي يعد مكملا لما جاء به الأنبياء السابقين، عليهم السلام، ومتمماً ومصححا لما حرف منها، لان الإسلام دعا الناس إلى التوحيد والتوحيد هو الجوهر والغاية التي بعثوا من اجلها.
📌قيمة هذا الدين المنقذ وضع على أساس وتخطيط الهي من خلال واقعة مهمة في التاريخ وهو اليوم الذي بآهل رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، نصارى نجران بأهل بيته
بالتوحيد يحرر الإسلامُ الإنسانَ من العبودية لغير الله (لا اله إلا الله)، ويرفض كل إشكال الإلوهية المزيفة على مر التاريخ، وجاء كتاب الإسلام المقدس (القران الكريم)، ينقل لنا واقع الأمم السالفة وتعاملها مع الأنبياء، بل كشف لنا من خلال مصدره المقدس دروس إخبار الغابرين، وتحدث عن الخليقة منذ إن بدا الله ـ تعالى ـ الخلق والتكوين، وصور الإنسان، وبسط الأرض ورفع السماء، حتى يوم يطويها كطي السجل للكتب، وهذا هو الإعجاز بعينة.
ونحن هنا لا نريد إن نستعرض الإسلام و أهميته للحياة البشرية، لان الحديث عن أهمية الإسلام يحتاج إلى ما هو فوق ما نسطر، بل نريد إن نبين قيمة هذا الدين المنقذ الذي وضع على أساس وتخطيط الهي من خلال واقعة مهمة في التاريخ وهو اليوم الذي بآهل رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، نصارى نجران بأهل بيته بعدما نزل القرآن يدعوه إلى ذلك بقوله تعالى: {فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين}. (آل عمران: 61).
دعا رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم الحسن والحسين، عليهما السلام، فكانا ابنيه ودعا فاطمة، عليها السلام، فكانت في هذا الموضع نساءه ودعا أمير المؤمنين، عليه السلام فكان نفسه.
لكن النصارى امتنعوا عن المباهلة لقلة ثقتهم بما هم عليه وخوفهم من صدق النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، وفي بعض الأخبار: إنهم لو باهلوه لرجعوا لا يجدون أهلاً ولا مالا.
وروي ان الأسقف قال لأصحابه: إنّي لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.
وفي رواية ان النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، قال: “والذي نفسي بيده لو لاعنوني لمُسخوا قردة وخنازير و لاضطرم الوادي عليهم ناراً ولما حال الحول على النصارى حتى هلكوا كلهم”.
إذ نجد الدين الإسلامي من خلال هذا الموقف الإلهي المتمثل بموقف رسول الله من يهود نجران، أنه ليس دين غاية منه التعبد فقط أو التدين الشكلي، وإلا أنهم ـ ولو ظاهرا ـ يعبدون الله ولهم كتابهم الذي يدعون انه الحق من عند الله، لكن بالحقيقة ما هم عليه لا ينسجم والإرادة الإلهية إن صح التعبير، فهم يعبدونه من حيث تريد أنفسهم أو ما هم يقصدونه، لكن رسول الله بهذا الفعل أراد ان يقول لهم أن الدين و العبادة ليست كما تعتقدون إنما هي فناء وعطاء وتضحية وثورة في سبيل الحق.
لذا نجده، صلى الله عليه وآله، قد صحب معه أهل بيته وخاصته، وهو ما فعله أيضا الإمام الحسين، عليه السلام، في كربلاء عندما جاء بأهل بيته وخاصته من أصحابه، فالإسلام جاء بهذا الشكل من الانتفاض على كل ما يؤدي الى تسافل الإنسان وأبعاده عن كرامته: {ولقد كرمنا بني أدم}، فلا يصح ان نكون مسلمين ونحن راضين بالخنوع والخضوع والتسليم لكل ما يهب علينا من الأمم الأخرى.
لا يصح أيضا ان نتعامل مع الدين على انه منفصل عن أي جانب من جوانب الحياة، فالإسلام التعبد فيه هو العمل، والعمل فيه هو الحق، ووضع الأمور في محلها، فينطوي تحت ذلك رفض كل من يدعي لابد من فصل الدين عن السياسة، وهي دعوات قد نسمعها من هنا وهناك بدعوى ان الدين له مكانه المحدد والمقيد.
📌 لا يصح أيضا ان نتعامل مع الدين على انه منفصل عن أي جانب من جوانب الحياة، فالإسلام التعبد فيه هو العمل، والعمل فيه هو الحق
هذا ليس الدين الذي جعل من رسول الله ان يأتي معه بمن هم أفضل خلق الله من بعده ليقدمهم أمام الحق قربانا، فالمباهلة درسا مميزا قد جسد فيه النبي محمد، صلى الله عليه واله، غاية ما سعى اليه الإسلام، وهو ما تجدد في كربلاء على يد الإمام الحسين، عليه السلام، وكل ذلك يجعلنا امام مسؤولية حقه ونحن نحمل هوية الإسلام تلك الهوية التي برزها الله ـ سبحانه وتعالى ـ على بقية الأديان بل جوهرها: {أن الدين عند الله الإسلام}.ومن ذلك يكون لنا منطلقا للإقدام على كل ما يساهم في بناء حضارة الإنسان التي أرادها الله ـ سبحانه ـ من خلال هذا الدين القيم.
المصادر: https://imamhussain.org/news/19385